كتاب نور وهداية

عليه ما ينطبق على غيره؛ فلا ينفصل الإسلام عن السياسة لأن سورة براءة مثلاً -وهي من القرآن- من صميم السياسة الدولية، فهل نفصل سورة براءة عن القرآن ونقرّ مَحْوَها من المصاحف؟
والإسلام فيه حل لكل المشكلات البشرية، وفيه نظام اقتصادي كامل هو الحق بين الباطلين: باطل الرأسمالية المعروفة بالأثرة وباطل الشيوعية.
والإسلام لكل زمان ومكان. في الكتاب والسنة حكم المعاملات المصرفية على اختلافها، لكنها ليست مذكورة في كتب الفقه. وكيف تُذكَر فيها ولم تكن في الدنيا مصارف لمّا أُلِّفت هذه الكتب ولا معاملات مصرفية؟ كيف يذكر كتاب «المغني» حكم التأمين على السيارة وقد أُلِّف قبل أن تخترع السيارة وقبل أن يوجد نظام التأمين؟
إن علماءنا الأوّلين استنبطوا من الكتاب والسنة الحلول الكاملة لمشكلات عصورهم، فعلينا أن نستخرج نحن الحلول لمشكلات عصرنا. إن الحل موجود ولكنه يحتاج إلى تنقيب وبحث عنه لاستخراجه، كما نستخرج من المناجم التي نشقّها المعادنَ التي أودعها الله باطن الأرض. وهذا فرض كفاية على القادرين عليه من العلماء، فإذا لم يَقُم به أحد منهم أثموا جميعاً، ودفعوا الحكام إلى أخذ القوانين الأجنبية التي لم تُستمَدّ من الإسلام ولم توضع لبلاد المسلمين. إنها كالثياب الجاهزة المُعَدّة على مقياس واحد، والإسلام ثوب فصّله الله لنا على مقياس أجسامنا، فسد فيه حاجاتنا وحقق فيه آمالنا ودلنا فيه على طريق السعادة في دنيانا وأخرانا.

الصفحة 232