كتاب نور وهداية

«نهر المجرّة»، من بينها ما يصل ضوؤه إلينا في عشرة آلاف ألف ألف سنة، أي في عشرة مليارات سنة (¬1)؛ فالشمس بالنسبة إليها كأنها لاصقة بنا، وما قيمة ثمان دقائق بالنسبة لعشرة مليارات من السنين؟ فكيف إذن بالقمر؟
فما قيمة القمر؟ وما بعده عنا بالنسبة إلى هذا الفضاء وما فيه؟
هل تريدون أن تعرفوا ما هي السماء؟ لقد ذكرت لكم طرفاً من هذا في حديث مضى، لا أعرف تاريخه وليس عندي نصه، ولا بأس من العودة إليه. السماء -يا سادة- كرة عظيمة. وكلمة «عظيمة» لا تصف حقيقتها، ولكن ليس عندي غيرها. كرة مغلقة تحيط بهذا الفضاء كله، أي أن هذا الفضاء الهائل بكل ما فيه داخل هذه الكرة، وهذه الكرة هي السماء الدنيا وسمكُها اللهُ أعلم به. وبعدها أخرى أكبر منها هي السماء الثانية، إلى سبع سماوات؛
¬__________
(¬1) عدد النجوم في مجرّتنا («دَرْب التبّانة» كما سمّاها العرب أو «الطريق اللبَني» كما هي في لغات الغرب) يزيد على مئتَي مليار نجم، وقطرها نحو مئة ألف سنة ضوئية. أقرب نجم إلينا من هذه النجوم -بعد الشمس- هو «بروكسيما قنطورس»، ويصل ضوؤه إلينا في نحو أربع سنوات وربع السنة. أما الأجرام القَصِيّة التي بلغت بُعداً حيّر العلماء فهي «الكوازَرات» (وتسمى أحياناً «أشباه النجوم»)، وأقصى ما اكتُشف منها إلى اليوم يبعد عن مجرّتنا نحو أربعة عشر مليار سنة ضوئية. ويُظَنّ أن هذه الكوازرات ليست سوى مراكز مجرات بالغة القوة تحتوي على ثقوب سوداء هائلة الضخامة، قد تبلغ كتلةُ الواحد منها كتلةَ مئة مليار شمس كشمسنا! (مجاهد).

الصفحة 56