كتاب نصب الراية (اسم الجزء: 1)

بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ عَنْ عَمَّتِهِ أُنَيْسَةَ بِنْتِ خُبَيْبِ، قَالَتْ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "إذَا أَذَّنَ ابْنُ أُمِّ مَكْتُومٍ فَكُلُوا وَاشْرَبُوا. وَإِذَا أَذَّنَ بِلَالٌ، فَلَا تَأْكُلُوا وَلَا تَشْرَبُوا"، وَأَخْرَجَ الْبَيْهَقِيُّ مِنْ طَرِيقِ الْوَاقِدِيِّ عَنْ زَيْدِ بْنِ ثَابِتٍ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، قَالَ: "إنَّ ابْنَ أُمِّ مَكْتُومٍ يُؤَذِّنُ بِلَيْلٍ، فَكُلُوا وَاشْرَبُوا حَتَّى يُؤَذِّنَ بِلَالٌ"، قَالَ ابْنُ خُزَيْمَةَ: وَهَذَا الْخَبَرُ لَا يُضَادُّ بِخَبَرِ ابْنِ عُمَرَ، لِجَوَازِ أَنْ يَكُونَ عليه السلام جَعَلَ الْأَذَانَ بَيْنَ بِلَالٍ وابن مَكْتُومٍ نَوَائِبَ، فَأَمَرَ فِي بَعْضِ اللَّيَالِيِ بِلَالًا أَنْ يُؤَذِّنَ بِلَيْلٍ، فَإِذَا نَزَلَ بِلَالٌ صَعِدَ ابْنُ أُمِّ مَكْتُومٍ فَأَذَّنَ فِي الْوَقْتِ، فَإِذَا جَاءَتْ نَوْبَةُ ابْنِ أُمِّ مَكْتُومٍ بَدَأَ فَأَذَّنَ بِلَيْلٍ، فَإِذَا نَزَلَ صَعِدَ بِلَالٌ، فَأَذَّنَ فِي الْوَقْتِ، فَكَانَتْ مَقَالَةُ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ "إنَّ بلال يُؤَذِّنُ بِلَيْلٍ" فِي وَقْتِ نَوْبَةِ بِلَالٍ، وَكَانَتْ مَقَالَتُهُ: إن ابن مَكْتُومٍ يُؤَذِّنُ بِلَيْلٍ فِي وَقْتِ نَوْبَةِ ابْنِ أُمِّ مَكْتُومٍ، وَاَللَّهُ أَعْلَمُ.
الْحَدِيثُ الْحَادِي عَشَرَ: قَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لِابْنَيْ أَبِي مُلَيْكَةَ: "إذَا سَافَرْتُمَا فَأَذِّنَا، وَأَقِيمَا"، قُلْت: أَخْرَجَهُ الْأَئِمَّةُ السِّتَّةُ فِي كُتُبِهِمْ1 مُخْتَصَرًا وَمُطَوَّلًا عَنْ مَالِكِ بْنِ الْحُوَيْرِثِ، قَالَ: أَتَيْت النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، أَنَا، وَصَاحِبٌ لِي، وَفِي رِوَايَةٍ: وَابْنُ عَمٍّ لِي، وَفِي رِوَايَةٍ لِلنَّسَائِيِّ: وَابْنُ عُمَرَ2 قَالَ: فَلَمَّا أَرَدْنَا الِانْصِرَافَ، قَالَ لَنَا: "إذَا حَضَرَتْ الصَّلَاةُ فَأَذِّنَا وَأَقِيمَا، وَلْيَؤُمَّكُمَا أَكْبَرُكُمَا"، انْتَهَى. أَخْرَجَهُ الْبُخَارِيُّ فِي بَابِ الِاثْنَانِ فَمَا فَوْقَهُمَا جَمَاعَةٌ، وَمُسْلِمٌ فِي الْإِمَامَةِ، وَكَذَلِكَ أَبُو دَاوُد. وَابْنُ مَاجَهْ، وَأَخْرَجَهُ التِّرْمِذِيُّ. وَالنَّسَائِيُّ فِي الْأَذَانِ، وَقَوْلُ الْمُصَنِّفِ فيه: لابني أبي ملكيكة غَلَطٌ، وَصَوَابُهُ مَالِكُ بْنُ الْحُوَيْرِثِ، وَصَاحِبٌ لَهُ - أَوْ ابْنُ عَمٍّ لَهُ - أَوْ ابْنُ عُمَرَ، عَلَى الرِّوَايَاتِ الثَّلَاثِ، وَذَكَرَهُ فِي كِتَابِ الصَّرْفِ عَلَى الصَّوَابِ3 فَقَالَ فِي مَسْأَلَةِ السَّيْفِ الْمُحَلَّى: لِأَنَّ الِاثْنَيْنِ قَدْ يُرَادُ بِهِمَا الْوَاحِدُ، قَالَ اللَّهُ تَعَالَى: {يَخْرُجُ مِنْهُمَا اللُّؤْلُؤُ وَالْمَرْجَانُ} ، وَالْمُرَادُ أَحَدُهُمَا، وَقَالَ عليه السلام لِمَالِكِ بْنِ الْحُوَيْرِثِ. وَابْنِ عُمَرَ: "إذَا سَافَرْتُمَا فَأَذِّنَا وَأَقِيمَا"، وَالْمُرَادُ أَحَدُهُمَا، انْتَهَى لَفْظُهُ.
__________
1 البخاري في ص 90، وفي الجهاد في باب سفر الاثنين ص 399، ومسلم في الصلاة - في باب من أحق بالإمامة ص 236، وأبو داود في باب من أحق بالإمامة ص 94، وابن ماجه في باب من أحق بالإمامة ص 70، والنسائي في الإمامة ص 126، وفي الأذان - في باب أذان المنفردين في السفر ص 104، و108، والترمذي في باب أذان السفر ص 28.
2 كذا في: ص 196 - ج 2، والدراية ص 290، ولم أقف عليه في النسائي، والله أعلم.
3 كذا قال ابن الهمام في الفتح ص 178 - ج 1، ولفظه: الصواب مالك بن الحويرث. وابن عم له، وقد ذكره المصنف في الصرف على الصواب، اهـ. وقال المخرج: ص 196 - ج 2 في كتاب الصرف الحديث الرابع: قال عليه السلام لمالك بن الحويرث. وابن عمر: "إذا سافرتما فأذنا وأقيما" ثم ذكر من أخرجه، وكذا صاحب الفتح ذكر الحديث في كتاب الصرف كأنه متن هو بصدد شرحه، أما على ما في النسخة المطبوعة في الهند، فالحوالة غير رائجة، فإن الحديث ليس له في كتاب الصرف أثر، ولا أثارة، والله أعلم.

الصفحة 290