كتاب نصب الراية (اسم الجزء: 1)

بْنِ أَبِي يَعْفُورٍ الْعَبْدِيِّ عَنْ الْمُعْتَمِرِ بْنِ سُلَيْمَانَ عَنْ أَبِي عُبَيْدَةَ عَنْ مُسْلِمِ بْنِ حِبَّانَ، قَالَ: صَلَّيْت خَلْفَ ابْنِ عُمَرَ فَجَهَرَ بِبِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ فِي السُّورَتَيْنِ، فَقِيلَ لَهُ، فَقَالَ: صَلَّيْت خَلْفَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ حَتَّى قُبِضَ. وَخَلْفَ أَبِي بَكْرٍ حَتَّى قُبِضَ. وَخَلْفَ عُمَرَ حَتَّى قُبِضَ، فَكَانُوا يَجْهَرُونَ بِهَا فِي السُّورَتَيْنِ، فَلَا أدع الجهر حَتَّى أَمُوتَ، انْتَهَى. وَهَذَا أَيْضًا بَاطِلٌ، وَعُبَادَةُ بْنُ زِيَادٍ الْأَسَدِيُّ بِفَتْحِ الْعَيْنِ. قَالَ أَبُو حَاتِمٍ: كَانَ مِنْ رُؤَسَاءِ الشِّيعَةِ، وَقَالَ الْحَافِظُ مُحَمَّدٌ النَّيْسَابُورِيُّ: هُوَ مُجْمَعٌ عَلَى كَذِبِهِ، وَشَيْخُهُ يُونُسُ بْنُ أَبِي يَعْفُورٍ الْعَبْدِيُّ فِيهِ مَقَالٌ، فَوَثَّقَهُ بَعْضُهُمْ، وَرَوَى لَهُ مُسْلِمٌ فِي صَحِيحِهِ، وَضَعَّفَهُ النَّسَائِيّ. وَابْنُ مَعِينٍ، وَقَالَ ابْنُ حِبَّانَ: يَرْوِي عَنْ الثِّقَاتِ مَا لَا يُشْبِهُ حَدِيثَ الْأَثْبَاتِ، لَا يَجُوزُ الِاحْتِجَاجُ عِنْدِي بِمَا انْفَرَدَ بِهِ، وَمُسْلِمُ بْنُ حِبَّانَ فَغَيْرُ مَعْرُوفٍ، وَالصَّوَابُ فِي حَدِيثِ ابْنِ عُمَرَ الْوَقْفُ عَلَيْهِ، كَمَا ذَكَرَهُ الْبَيْهَقِيُّ. وَغَيْرُهُ أَنَّهُ كَانَ يَقْرَأُ الْبَسْمَلَةَ لِلْفَاتِحَةِ وَلِلسُّورَةِ، وَقَدْ يَجْهَرُ بِهَا أَحْيَانَا، أَوْ لِتَعْلِيمِ الْمَأْمُومِينَ، أَوْ لِغَيْرِ ذَلِكَ مِنْ الْأَسْبَابِ، وَاَللَّهُ أَعْلَمُ.
حَدِيثٌ آخَرُ عَنْ النُّعْمَانِ بن بشير أخرجه الدَّارَقُطْنِيُّ فِي سُنَنِهِ عَنْ يَعْقُوبَ بْنِ يُوسُفَ بْنِ زِيَادٍ الضَّبِّيِّ ثَنَا أَحْمَدُ بْنُ حَمَّادٍ الْهَمْدَانِيُّ عَنْ فِطْرِ بْنِ خَلِيفَةَ عَنْ أَبِي الضُّحَى عَنْ النُّعْمَانِ بْنِ بَشِيرٍ، قَالَ: قَالَ رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "أمّني جبرئيل عِنْدَ الْكَعْبَةِ فَجَهَرَ بِبِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ"، انْتَهَى. وَهَذَا حَدِيثٌ مُنْكَرٌ، بَلْ مَوْضُوعٌ، وَيَعْقُوبُ بْنُ يُوسُفَ الضَّبِّيُّ لَيْسَ بِمَشْهُورٍ، وَقَدْ فَتَّشْت عَلَيْهِ فِي عِدَّةِ كُتُبٍ مِنْ الْجَرْحِ وَالتَّعْدِيلِ، فَلَمْ أَرَ لَهُ ذِكْرًا أَصْلًا، وَيُحْتَمَلُ أَنْ يَكُونَ هَذَا الْحَدِيثُ مِمَّا عَمِلَتْهُ يَدَاهُ، وَأَحْمَدُ بْنُ حَمَّادٍ ضَعَّفَهُ الدَّارَقُطْنِيُّ، وَسُكُوتُ الدَّارَقُطْنِيِّ. وَالْخَطِيبِ. وَغَيْرِهِمَا مِنْ الْحُفَّاظِ عَنْ مِثْلِ هَذَا الْحَدِيثِ بَعْدَ رِوَايَتِهِمْ لَهُ قَبِيحٌ جداً، ولم يعلق ابْنُ الْجَوْزِيِّ فِي هَذَا الْحَدِيثِ إلَّا عَلَى فِطْرِ بْنِ خَلِيفَةَ، وَهُوَ تَقْصِيرٌ منه، وإذ لَوْ نُسِبَ إلَيْهِ لَكَانَ حَدِيثًا حَسَنًا، وَكَأَنَّهُ اعْتَمَدَ عَلَى قَوْلِ السَّعْدِيِّ فِيهِ: هُوَ زَائِغٌ غَيْرُ ثِقَةٍ، ليس هَذَا بِطَائِلٍ، فَإِنَّ فِطْرَ بْنَ خَلِيفَةَ رَوَى لَهُ الْبُخَارِيُّ فِي صَحِيحِهِ وَوَثَّقَهُ أَحْمَدُ بْنُ حَنْبَلٍ. وَيَحْيَى بن الْقَطَّانُ. وَابْنُ مَعِينٍ.
حَدِيثٌ آخر عن االحكم بْنِ عُمَيْرٍ، قَالَ الدَّارَقُطْنِيُّ: حَدَّثَنَا أَبُو الْقَاسِمِ الْحَسَنُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ بِشْرٍ الْكُوفِيُّ ثَنَا أَحْمَدُ بْنُ مُوسَى بْنِ إسْحَاقَ الْحَمَّارُ ثَنَا إبْرَاهِيمُ بْنُ حَبِيبٍ ثَنَا مُوسَى بْنُ أَبِي حَبِيبٍ الطَّائِفِيُّ عَنْ الْحَكَمِ بْنِ عُمَيْرٍ - وَكَانَ بَدْرِيًّا - قَالَ: صَلَّيْت خَلْفَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَجَهَرَ بِبِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ فِي صَلَاةِ اللَّيْلِ. وَصَلَاةِ الْغَدَاةِ. وَصَلَاةِ الْجُمُعَةِ، انْتَهَى. وَهَذَا مِنْ الْأَحَادِيثِ الْغَرِيبَةِ الْمُنْكَرَةِ، بَلْ هُوَ حَدِيثٌ بَاطِلٌ لِوُجُوهٍ: أحدهما: أَنَّ الْحَكَمَ بْنَ عُمَيْرٍ لَيْسَ بَدْرِيًّا، وَلَا فِي الْبَدْرِيِّينَ أَحَدٌ اسْمُهُ الْحَكَمُ بْنُ عُمَيْرٍ، بَلْ لَا يُعْرَفُ لَهُ صُحْبَةٌ، فَإِنَّ مُوسَى بْنَ حَبِيبٍ الرَّاوِي عَنْهُ لَمْ يَلْقَ صَحَابِيَّا، بَلْ هُوَ مَجْهُولٌ

الصفحة 349