كتاب نصب الراية (اسم الجزء: 1)

عُمَرَ بْنِ هَارُونَ، وَهُوَ مَجْرُوحٌ، تَكَلَّمَ فِيهِ غَيْرُ وَاحِدٍ مِنْ الْأَئِمَّةِ، قَالَ أَحْمَدُ بْنُ حَنْبَلٍ: لَا أَرْوِي عَنْهُ شَيْئًا، وَقَالَ ابْنُ مَعِينٍ: لَيْسَ بِشَيْءٍ، وَكَذَّبَهُ ابْنُ الْمُبَارَكِ، وَقَالَ: قَدِمَ عُمَرُ بْنُ هَارُونَ مَكَّةَ بَعْدَ مَوْتِ جَعْفَرِ بْنِ مُحَمَّدٍ، فَزَعَمَ أَنَّهُ رَآهُ وَحَدَّثَ عَنْهُ، وَقَالَ النَّسَائِيّ: مَتْرُوكُ الْحَدِيثِ، وَقَالَ صَالِحٌ: جَزَرَةُ، كَانَ كَذَّابًا. وَسُئِلَ عَنْهُ ابْنُ الْمَدِينِيِّ، فَضَعَّفَهُ جِدًّا، وَقَالَ ابْنُ حِبَّانَ: يَرْوِي عَنْ الثِّقَاتِ الْمُعْضِلَاتِ، وَيَدَّعِي شُيُوخًا لَمْ يَرَهُمْ، وَقَدْ رَوَاهُ الطَّحَاوِيُّ1 مِنْ حَدِيثِ حَفْصِ بْنِ غِيَاثٍ ثَنَا أَبِي عَنْ ابْنِ جُرَيْجٍ بِهِ، بمثل حديث عمرو بْنِ هَارُونَ، ثُمَّ أَخْرَجَهُ عن ابن مُلَيْكَةَ بِهِ بِلَفْظِ السُّنَنِ، ثُمَّ قَالَ: فَقَدْ اخْتَلَفَ الَّذِينَ رَوَوْهُ فِي لَفْظِهِ، فَانْتَفَى أَنْ يَكُونَ حُجَّةً، وَكَأَنَّهُ لَمْ يَعْتَدَّ بِمُتَابَعَةِ غِيَاثٍ لِعُمَرَ بْنِ هَارُونَ، لِشِدَّةِ ضَعْفِ ابْنِ هَارُونَ. الرَّابِعُ: أَنْ يُقَالَ: غَايَةُ مَا فِيهِ أَنَّهُ عليه السلام جَهَرَ بِهَا مَرَّةً أَوْ نَحْوَ ذَلِكَ، وَلَيْسَ فِيهِ دَلِيلٌ عَلَى أَنَّ كُلَّ إمَامٍ يَجْهَرُ بِهَا فِي صَلَاةِ الْجَهْرِ دَائِمًا، وَلَوْ كَانَ ذَلِكَ مَعْلُومًا عِنْدَهُمْ لَمْ يُخْتَلَفْ فِيهِ، وَلَمْ يَقَعْ فِيهِ شَكٌّ، وَلَمْ يَحْتَجْ أَحَدٌ إلَى أَنْ يَسْأَلَ عَنْهُ، وَلَكَانَ مِنْ جِنْسِ جَهْرِهِ عليه السلام بِغَيْرِهَا، وَلَمَا أَنْكَرَهُ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ الْمُغَفَّلِ، وَعَدَّهُ حَدَثًا، وَلَكَانَ الرِّجَالُ أَعْلَمَ بِهِ مِنْ النِّسَاءِ، وَاَللَّهُ أَعْلَمُ.
حَدِيثٌ آخَرُ، رَوَاهُ الْحَاكِمُ فِي مُسْتَدْرَكِهِ2 والدارقطني فِي سُنَنِهِ مِنْ حَدِيثِ مُحَمَّدِ بْنِ أَبِي الْمُتَوَكِّلِ بْنِ أَبِي السَّرِيِّ، قَالَ: صَلَّيْت خَلْفَ الْمُعْتَمِرِ بْنِ سُلَيْمَانَ مِنْ الصَّلَوَاتِ مَا لَا أُحْصِيهَا: الصُّبْحَ. وَالْمَغْرِبَ، فَكَانَ يَجْهَرُ بِبِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ قَبْلَ فَاتِحَةِ الْكِتَابِ وَبَعْدَهَا، وَقَالَ الْمُعْتَمِرُ: مَا آلُو أَنْ أَقْتَدِيَ بِصَلَاةِ أَبِي، وَقَالَ أَبِي: مَا آلُو أَنْ أَقْتَدِيَ بِصَلَاةِ أَنَسٍ، وَقَالَ أَنَسٌ: مَا آلُو أَنْ أَقْتَدِيَ بِصَلَاةِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، انْتَهَى. قَالَ الْحَاكِمُ: رُوَاتُهُ كُلُّهُمْ ثِقَاتٌ، وَهُوَ مُعَارَضٌ بِمَا رَوَاهُ ابْنُ خُزَيْمَةَ فِي مُخْتَصَرِهِ. وَالطَّبَرَانِيُّ فِي مُعْجَمِهِ عَنْ مُعْتَمِرِ بْنِ سُلَيْمَانَ عَنْ أَبِيهِ عَنْ الْحَسَنِ عَنْ أَنَسٍ، أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَانَ يُسِرُّ بِبِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ، فِي الصَّلَاةِ. وَأَبُو بَكْرٍ وَعُمَرُ، انْتَهَى. وَفِي الصَّلَاةِ زَادَهَا ابْنُ خُزَيْمَةَ، وَلَهُ طَرِيقٌ آخَرُ عِنْدَ الْحَاكِمِ أَيْضًا أَخْرَجَهُ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ أَبِي السَّرِيِّ ثَنَا إسْمَاعِيلُ بْنُ أَبِي أُوَيْسٍ ثَنَا مَالِكٌ عَنْ حُمَيْدٍ عَنْ أَنَسٍ، قَالَ: صَلَّيْت خَلْفَ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَأَبِي بَكْرٍ. وَعُمَرَ. وَعُثْمَانَ. وَعَلِيٍّ، فَكُلُّهُمْ كانوا يجهرون ببسم اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ، قَالَ الْحَاكِمُ: وَإِنَّمَا ذَكَرَ بِهِ شَاهِدًا، قَالَ الذَّهَبِيُّ فِي مُخْتَصَرِهِ: أَمَا اسْتَحَى الْحَاكِمُ يُورِدُ فِي كِتَابِهِ مِثْلَ هَذَا الْحَدِيثِ الْمَوْضُوعِ، فَأَنَا أَشْهَدُ بِاَللَّهِ، وَاَللَّهِ إنَّهُ لَكَذِبٌ، وَقَالَ ابْنُ عَبْدِ الْهَادِي: سَقَطَ مِنْهُ لَا، وَمُحَمَّدُ بْنُ أَبِي السَّرِيِّ، قَالَ ابْنُ أَبِي حَاتِمٍ: سُئِلَ أَبِي عَنْهُ، فَقَالَ: لَيِّنُ الْحَدِيثِ، مَعَ أَنَّهُ قَدْ اُخْتُلِفَ عَلَيْهِ فِيهِ، فَقِيلَ
__________
1 ص 117، والحاكم في المستدرك ص 234، أي بدون قوله: فعدها آية فيها
2 ص 233، والدارقطني: ص 116.

الصفحة 351