كتاب نصب الراية (اسم الجزء: 1)

طُرُقُهُ، وَهُوَ حَدِيثٌ ضَعِيفٌ؟ كَحَدِيثِ: الطَّيْرِ1. وَحَدِيثِ الْحَاجِمِ وَالْمَحْجُومِ2 وَحَدِيثِ: مَنْ كُنْت مَوْلَاهُ، فَعَلِيٌّ مَوْلَاهُ3، بَلْ قَدْ لَا يُزِيدُ الْحَدِيثَ كَثْرَةُ الطُّرُقِ إلَّا ضَعْفًا، وَإِنَّمَا تُرَجَّحُ بِكَثْرَةِ الرُّوَاةِ إذَا كَانَتْ الرُّوَاةُ مُحْتَجًّا بِهِمْ مِنْ الطَّرَفَيْنِ، كَتَرْجِيحِ الْأَئِمَّةِ رِوَايَةَ مَنْ رَوَى عَنْ الزُّهْرِيِّ حَدِيث: الْمُجَامِعِ4 وَذِكْرِهِمْ التَّرْتِيبَ، وَتَعْلِيقِ الْحُكْمِ عَلَى الْجِمَاعِ عَلَى رِوَايَةِ مَنْ رُوِيَ عَنْهُ التَّخْيِيرَ، وَتَرْتِيبِ الْحُكْمِ عَلَى مُجَرَّدِ الْفِطْرِ مِنْ غَيْرِ ذِكْرِ الْجِمَاعِ، وَأَحَادِيثُ الْجَهْرِ لَيْسَتْ مُخَرَّجَةً فِي الصِّحَاحِ. وَلَا الْمَسَانِيدِ الْمَشْهُورَةِ، وَلَمْ يَرْوِهَا إلَّا الْحَاكِمُ. والدارقطني، فَالْحَاكِمُ عُرِفَ تَسَاهُلُهُ وَتَصْحِيحُهُ لِلْأَحَادِيثِ الضَّعِيفَةِ، بَلْ الْمَوْضُوعَةِ، والدارقطني فَقَدْ مَلَأ كِتَابَهُ مِنْ الْأَحَادِيثِ الْغَرِيبَةِ. وَالشَّاذَّةِ. وَالْمُعَلَّلَةِ، وَكَمْ فِيهِ مِنْ حَدِيثٍ لَا يُوجَدُ فِي غَيْرِهِ! وَأَمَّا الشَّهَادَةُ عَلَى النَّفْيِ فَهِيَ وَإِنْ ظَهَرَتْ فِي صُورَةِ النَّفْيِ، فَمَعْنَاهَا الْإِثْبَاتُ، بِخِلَافِ حَدِيثِ بِلَالٍ، مَعَ أَنَّ الْمَسْأَلَةَ مُخْتَلَفٌ فِيهَا عَلَى ثَلَاثَةِ أَقْوَالٍ: فَالْأَكْثَرُونَ عَلَى تَقْدِيمِ الْإِثْبَاتِ، قَالُوا: لِأَنَّ الْمُثْبِتَ مَعَهُ زِيَادَةُ عِلْمٍ، وَأَيْضًا فَالنَّفْيُ يُفِيدُ التَّأْكِيدَ لِدَلِيلِ الْأَصْلِ، وَالْإِثْبَاتُ يُفِيدُ التَّأْسِيسَ، وَالتَّأْسِيسُ أَوْلَى. الثَّانِي: أَنَّهُمَا سَوَاءٌ، قَالُوا: لِأَنَّ النَّافِيَ مُوَافِقٌ لِلْأَصْلِ، وَأَيْضًا، فَالظَّاهِرُ تَأْخِيرُ النَّافِي عَنْ الْمُثْبِتِ، إذْ لَوْ قُدِّرَ مُقَدَّمًا عَلَيْهِ لَكَانَتْ فَائِدَتُهُ التَّأْكِيدَ، لِدَلِيلِ الْأَصْلِ، وَعَلَى تَقْدِيرِ تَأْخِيرِهِ يَكُونُ تَأْسِيسًا، فَالْعَمَلُ بِهِ أَوْلَى. الْقَوْلُ الثَّالِثُ: أَنَّ النَّافِيَ مُقَدَّمٌ عَلَى الْمُثْبِتِ، وَإِلَيْهِ ذَهَبَ الْآمِدِيُّ. وَغَيْرُهُ، وَقَدْ قَدَّمَ جَمَاعَةٌ مِنْ الْحُذَّاقِ: مِنْهُمْ الْبَيْهَقِيُّ النَّفْيَ عَلَى الْإِثْبَاتِ فِي حَدِيثِ مَاعِزٍ، وَأَنَّهُ عليه السلام صَلَّى عَلَيْهِ، كَمَا رَوَاهُ الْبُخَارِيُّ فِي صَحِيحِهِ5 مِنْ حَدِيثِ جَابِرٍ، وَرَوَاهُ أَحْمَدُ6. وَأَصْحَابُ السُّنَنِ، وَقَالُوا فِيهِ: وَلَمْ يُصَلِّ عَلَيْهِ، وَصَحَّحَهُ التِّرْمِذِيُّ، وَهُوَ الصَّوَابُ، وَاَللَّهُ أَعْلَمُ، وَأَمَّا جَمْعُهُمْ بَيْنَ الْأَحَادِيثِ بِأَنَّهُ لَمْ
__________
1 حديث الطير أخرجه الترمذي في مناقب علي من حديث أنس بن مالك، وقال: غريب.
2 إن أراد به حديث: أفطر الحاجم والمحجوم، فقد أخرجه الطحاوي: ص 349 من حديث أبي موسى. وعائشة. ومعقل. وثوبان. وشداد بن أوس. وأبي هريرة، وفي السنن عن بعض هؤلاء، وفي المستدرك. وابن جارود. والدارمي أيضاً، وبعض الطرق صححه الحاكم، والله أعلم.
3 حديث: من كنت مولاه فعلي مولاه، أخرجه الترمذي في مناقب علي من حديث أبي سريحة، أو زيد بن أرقم، وقال: حسن غريب ص 213 - ج 2.
4 حديث المجامع: أخرجه البخاري في صحيحه في عشرة مواضع: في الصوم - في باب إذا جامع في رمضان ولم يكن له شيء ص 256، من رواية شعيب. ومنصور. ومعمر. وإبراهيم بن سعد. والأوزاعي. وابن عيينة. وليث، كلهم عن الزهري عن حميد عن أبي هريرة. وفيها قال رجل: وقعت على امرأتي، وأنا صائم: فقال رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "هل تجد رقبة" الحديث، وأخرجه مسلم في الصوم - في باب تغليظ تحريم الجماع في نهار رمضان على الصائم من رواية ابن عيينة. ومنصور. وليث مثله، ومن رواية مالك عن الزهري: أن رجلاً أفطر في رمضان، فأمره رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أن يكفر، الحديث، ومن رواية ابن جريج عنه، أمر رجلاً أفطر في رمضان أن يعتق رقبة، الحديث.
5 في المحاربين - في باب الرجم بالمصلى ص 107.
6 في مسنده ص 323 - ج 3، وأبو داود في الحدود - في باب الرجم ص 260 - ج 2، والترمذي في باب من درأ الحد عن المعترف إذا رجع ص 171 - ج 2، والنسائي في الجنائز - في باب ترك الصلاة على المرجوم ص 278

الصفحة 360