كتاب نصب الراية (اسم الجزء: 1)

لِلدَّارَقُطْنِيِّ فَقَطْ، وَقَالَ: إسْنَادُهُ صَحِيحٌ، وَهُوَ فِي الصَّحِيحَيْنِ، انْتَهَى كَلَامُهُ، وَاَلَّذِي عَزَاهُ ابْنُ تَيْمِيَّةَ إنَّمَا هُوَ: لَا تُجْزِئُ صَلَاةٌ، وَاَللَّهُ أَعْلَمُ، وَالْحَدِيثُ فِي صَحِيحِ ابْنِ حِبَّانَ بِهَذَا اللَّفْظِ، بِغَيْرِ هَذَا الْإِسْنَادِ، قَالَ ابْنُ حِبَّانَ: أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ إسْحَاقَ بْنِ خُزَيْمَةَ ثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ يَحْيَى الذُّهْلِيُّ ثَنَا وَهْبُ بْنُ جَرِيرٍ ثَنَا شُعْبَةُ عَنْ الْعَلَاءِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ عَنْ أَبِيهِ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "لا يجزئ صلاة لَا يَقْرَأُ بِفَاتِحَةِ الْكِتَابِ"، قُلْت: وَإِنْ كُنْت خَلْفَ الْإِمَامِ؟ قَالَ: فَأَخَذَ بِيَدَيَّ، وَقَالَ: "اقْرَأْ فِي نَفْسِك"، انْتَهَى. قَالَ ابْنُ حِبَّانَ: لَمْ يَقُلْ فِي خَبَرِ الْعَلَاءِ هَذَا: لَا يُجْزِئُ صَلَاةٌ، إلَّا شُعْبَةُ، وَلَا عَنْهُ إلَّا وَهْبُ بْنُ جَرِيرٍ، انْتَهَى. وَرَوَاهُ ابْنُ خُزَيْمَةَ فِي صَحِيحِهِ، كَمَا تَرَاهُ، قَالَهُ النَّوَوِيُّ فِي الْخُلَاصَةِ.
وَمِنْ أَحَادِيثِ أَصْحَابِنَا حَدِيثُ أَبِي هُرَيْرَةَ، رَوَاهُ الْبُخَارِيُّ1، وَمُسْلِمٌ عَنْهُ قَالَ: دَخَلَ رَجُلٌ الْمَسْجِدَ فَصَلَّى، وَالنَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي الْمَسْجِدِ، ثُمَّ جَاءَ إلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَسَلَّمَ فَرَدَّ عليه السلام، وَقَالَ: "ارْجِعْ فَصَلِّ، فَإِنَّك لَمْ تُصَلِّ"، فَفَعَلَ ذَلِكَ ثَلَاثَ مَرَّاتٍ، فَقَالَ: وَاَلَّذِي بَعَثَك بِالْحَقِّ نَبِيًّا مَا أُحْسِنُ غَيْرَ هَذَا، فَعَلِّمْنِي، فَقَالَ: "إذَا قُمْت إلَى الصَّلَاةِ فَكَبِّرْ، ثُمَّ اقْرَأْ مَا تَيَسَّرَ مَعَك مِنْ الْقُرْآنِ، ثُمَّ ارْكَعْ حَتَّى تَطْمَئِنَّ رَاكِعًا، ثُمَّ ارْفَعْ حَتَّى تَعْتَدِلَ قَائِمًا، ثُمَّ اُسْجُدْ حَتَّى تَطْمَئِنَّ سَاجِدًا، ثُمَّ ارْفَعْ حَتَّى تَطْمَئِنَّ جَالِسًا، ثُمَّ افْعَلْ ذَلِكَ فِي صَلَاتِك كُلِّهَا"، انْتَهَى. وَالْخَصْمُ يَحْمِلُ قَوْلَهُ: ثُمَّ اقْرَأْ مَا تَيَسَّرَ مَعَك مِنْ الْقُرْآنِ أَيْ بَعْدَ الْفَاتِحَةِ، وَهَذَا فِيهِ شَيْءٌ، لِأَنَّهُ قَالَ: "ثُمَّ افْعَلْ ذَلِكَ فِي صَلَاتِك كُلِّهَا"، وَهُمْ لَا يَقُولُونَ بِوُجُوبِ السُّورَةِ مَعَ الْفَاتِحَةِ، وَكَيْفَ لَا يَذْكُرُ لَهُ عليه السلام الْفَاتِحَةَ، وَهُوَ فِي مَقَامِ التَّعْلِيمِ لَهُ أَفْعَالَ الصَّلَاةِ؟! لَكِنْ رَوَى أَبُو دَاوُد فِي سُنَنِهِ2 حَدِيثَ الْمُسِيءِ صَلَاتَهُ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عَمْرٍو3 عَنْ عَلِيِّ بْنِ يَحْيَى بْنِ خَلَّادٍ4 عَنْ رِفَاعَةَ بْنِ رَافِعٍ، قَالَ بِهَذِهِ الْقِصَّةِ، قَالَ: "إذَا قُمْت فَتَوَجَّهْت إلَى الْقِبْلَةِ فَكَبِّرْ، ثُمَّ اقْرَأْ بِأُمِّ الْقُرْآنِ، وَبِمَا شَاءَ اللَّهُ أَنْ تَقْرَأَ، وَإِذَا رَكَعْت فَضَعْ رَاحَتَيْك عَلَى رُكْبَتَيْك، وَامْدُدْ ظَهْرَك، وَإِذَا سَجَدْت فَمَكِّنْ بِسُجُودِك، وَإِذَا رَفَعْت فَاقْعُدْ عَلَى فَخِذِك الْيُسْرَى"، انْتَهَى. وَأَخْرَجَهُ عَنْ إسْحَاقَ
__________
1 في باب وجوب القراءة للإمام والمأموم ص 105، ومسلم في باب قراءة الفاتحة في كل ركعة ص 170، والنسائي في باب فرض التكبيرة الأولى ص 141، والترمذي في باب ما جاء في وصف الصلاة ص 40، وأبو داود في باب صلاة من لا يقيم صلبه في الركوع، ص 132، وابن ماجه في باب إتمام الصلاة ص 75.
2 في باب صلاة من لا يقيم صلبه في الركوع والسجود ص 133.
3 محمد بن عمرو بن علقمة قد حدث عنه جماعة من الثقات، كل واحد ينفرد عنه بنسخة، ويعزب بعضهم عن بعض.
4 اختلف في هذا الحديث على علي بن يحيى، روى بعضهم عن رفاعة، كما هو عند الطحاوي، والدارمي، والنسائي، وأحمد، والحاكم: ص 241 - ج 1، وروى بعضهم عن علي عن أبيه عن رفاعة، وفي حديث محمد بن عمرو عند أبي داود، هكذا: فإسقاط - عن أبيه - في حديث محمد بن عمرو عزوه إلى أبي داود خطأ، على ما هو في عامة النسخ، وفي بعض النسخ - عن علي عن رفاعة - أيضاً.

الصفحة 366