كتاب نصب الراية (اسم الجزء: 1)

أَرَادَتْ أَنْ تَمُرَّ بَيْنَ يَدَيْهِ لَمَرَّتْ، قُلْت: أَخْرَجَهُ مُسْلِمٌ1 عَنْ يَزِيدَ بْنِ الْأَصَمِّ عَنْ مَيْمُونَةَ أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، كَانَ إذَا سَجَدَ جَافَى، حَتَّى لَوْ شَاءَتْ بَهْمَةٌ أَنْ تَمُرَّ بَيْنَ يَدَيْهِ لَمَرَّتْ، انْتَهَى. وَهُوَ فِي مُسْنَدِ أَبِي يَعْلَى الْمَوْصِلِيِّ أَنْ تَمُرَّ تَحْتَ يَدَيْهِ، وَرَوَاهُ الْحَاكِمُ فِي مُسْتَدْرَكِهِ. وَالطَّبَرَانِيُّ فِي مُعْجَمِهِ، وَقَالَا فِيهِ: بَهِيمَةٌ بِالْيَاءِ، وَرَأَيْت عَلَى الْبَاءِ ضَمَّةً بِخَطِّ بَعْضِ الْحُفَّاظِ، تَصْغِيرُ بَهْمَةٍ، وهو الصواب، وفتح الْبَاءِ فِيهِ خَطَأٌ، وَرَوَاهُ الْبَيْهَقِيُّ فِي الْمَعْرِفَةِ2 عَنْ الْحَاكِمِ بِسَنَدِهِ فِي آخِرِهِ، وَقَالَ فِيهِ: بَهِيمَةٌ يَعْنِي أَنَّ الْحَاكِمَ رَوَاهُ بِلَفْظِ بَهِيمَةٍ وَسَكَتَ الْحَاكِمُ عَنْهُ، وَالْبَهْمُ: بِفَتْحِ الْبَاءِ صِغَارُ أَوْلَادِ الضَّأْنِ. وَالْمَعْزِ، وَاقْتَصَرَ الْجَوْهَرِيُّ عَلَى أَوْلَادِ الضَّأْنِ، وَخَصَّهُ الْقَاضِي عِيَاضٌ بِأَوْلَادِ الْمَعْزِ. قَالَ الْجَوْهَرِيُّ: وَالْبَهْمَةُ تَقَعُ عَلَى الْمُذَكَّرِ وَالْمُؤَنَّثِ، قَالَ الْمُنْذِرِيُّ فِي مُخْتَصَرِهِ: وَفِي قَوْلِهِ عليه السلام لِلرَّاعِي: "مَا وَلَدَتْ؟ " قَالَ: بَهْمَةٌ، يَدُلُّ عَلَى أَنَّهَا اسْمٌ لِلْأُنْثَى، وَإِلَّا فَقَدْ عُلِمَ أَنَّهَا وَلَدَتْ أَحَدَهُمَا، رَوَاهُ أَبُو دَاوُد فِي بَابِ الِاسْتِنْثَارِ، مِنْ حَدِيثِ لَقِيطِ بْنِ صَبِرَةَ، وَفِيهِ قصة، في الصَّحِيحَيْنِ3 عَنْ عَبْدِ اللَّهِ ابْنِ بُحَيْنَةَ أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، كَانَ إذَا صَلَّى فَرَّجَ بَيْنَ يَدَيْهِ حَتَّى يَبْدُو بَيَاضُ إبْطَيْهِ، انْتَهَى. وَلِأَبِي دَاوُد4 عَنْ أَحْمَرَ بْنِ جَزْءٍ الصَّحَابِيِّ رضي الله عنه أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، كَانَ إذَا سَجَدَ جَافَى عَضُدَيْهِ عَنْ جَنْبَيْهِ، حَتَّى نَأْوِيَ لَهُ، انْتَهَى. قَالَ النَّوَوِيُّ فِي الْخُلَاصَةِ: وَإِسْنَادُهُ صَحِيحٌ.
الْحَدِيثُ الثَّانِي وَالثَّلَاثُونَ: رُوِيَ عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، أَنَّهُ قَالَ: "إذَا سَجَدَ الْمُؤْمِنُ سَجَدَ كُلُّ عُضْوٍ مِنْهُ، فَلِيُوَجِّهْ مِنْ أَعْضَائِهِ الْقِبْلَةَ مَا اسْتَطَاعَ"، قُلْت: غَرِيبٌ، اسْتَدَلَّ بِهِ الْمُصَنِّفُ عَلَى اسْتِحْبَابِ تَوْجِيهِ أَصَابِعِ الرَّجُلِ إلَى الْقِبْلَةِ، وَقَالَ النَّسَائِيّ فِي سُنَنِهِ: أَخْبَرَنَا قُتَيْبَةُ عَنْ اللَّيْثِ عَنْ الْقَاسِمِ بن محمد بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عبد الله بن عُمَرَ عَنْ أَبِيهِ، قَالَ: مِنْ سُنَّةِ الصَّلَاةِ5 أَنْ يَنْصِبَ الْقَدَمَ
__________
1 في باب الاعتدال في السجود ص 194، وقوله: جافى، ملفق من طريق أخرى.
2 وكذا في السنن ص 114 - ج 2.
3 البخاري في باب يبدي ضبعيه ص 56، ومسلم في باب الاعتدال في السجود ص 192.
4 في باب صفة السجود ص 137، وأحمد: ص 31 - ج 5.
5 قد سها الحافظ المخرج في إسناد هذا الحديث، فإن هذا الحديث له إسناد آخر غير هذا الذي ذكره، صورته هكذا: أخبرنا الربيع بن سليمان، قال: حدثنا إسحاق بن بكر، قال: حدثني أبي عن عمرو بن الحارث عن يحيى أن القاسم حدثه عن عبد الله، وهو ابن عبد الله بن عمر عن عمر عن أبيه،، قال: سنة الصلاة، الحديث.
وأما الإسناد الذي ذكر الحافظ المخرج، فهو لحديث آخر قبل هذا الحديث في باب كيف الجلوس للتشهد الأول وصورته هكذا: إن من سنة الصلاة أن تضجع رجلك اليسرى وتنصب اليمنى، اهـ. فنبا نظره رحمه الله من إسناد إلى آخر لاتحاد أكثر رواتهما، وفيه سهو آخر، وهو أنه ترك يحيى، وهو فيه، ولعله من الناسخين، والله أعلم، راجع النسائي: ص 173 - ج 1.

الصفحة 387