كتاب نصب الراية (اسم الجزء: 1)

فِي الصَّلَاةِ، كَيْفَ لَا يَجُوزُ مِثْلُهُ فِي رَفْعِ الْيَدَيْنِ، وَقَالَ الْبُخَارِيُّ فِي كِتَابِهِ - فِي رَفْعِ الْيَدَيْنِ: كَلَامُ إبْرَاهِيمَ هَذَا ظَنٌّ مِنْهُ، لَا يَرْفَعُ بِهِ رِوَايَةَ وَائِلٍ، بَلْ أَخْبَرَ أَنَّهُ رَأَى النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يُصَلِّي، وَكَذَلِكَ رَأَى أَصْحَابَهُ غَيْرَ مَرَّةٍ يَرْفَعُونَ أَيْدِيَهُمْ، كَمَا بَيَّنَهُ زَائِدَةُ، فَقَالَ: حَدَّثَنَا عَاصِمٌ ثَنَا أَبِي عَنْ وَائِلِ بْنِ حُجْرٌ أَنَّهُ رَأَى النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يُصَلِّي، فَرَفَعَ يَدَيْهِ فِي الرُّكُوعِ، وَفِي الرَّفْعِ مِنْهُ، قَالَ: ثُمَّ أَتَيْتهمْ بَعْدَ ذَلِكَ، فَرَأَيْتُ النَّاسَ فِي زَمَانِ بَرْدٍ، عَلَيْهِمْ جُلُّ الثِّيَابِ، تُحَرَّكُ أَيْدِيهِمْ مِنْ تَحْتِ الثِّيَابِ، انْتَهَى. وَقَالَ الْبَيْهَقِيُّ فِي الْمَعْرِفَةِ: قَالَ الشَّافِعِيُّ: الْأَوْلَى أَنْ يُؤْخَذَ بِقَوْلِ وَائِلٍ، لِأَنَّهُ صَحَابِيٌّ جَلِيلٌ، فَكَيْفَ يُرَدُّ حَدِيثُهُ بِقَوْلِ رَجُلٍ مِمَّنْ هُوَ دُونَهُ، وَخُصُوصًا، وَقَدْ رَوَاهُ مَعَهُ عَدَدٌ كَثِيرٌ، انْتَهَى.
حَدِيثٌ آخَرُ أَخْرَجَهُ أَبُو دَاوُد1 عَنْ شَرِيكٍ عَنْ يَزِيدَ بْنِ أَبِي زِيَادٍ عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ أَبِي لَيْلَى عَنْ الْبَرَاءِ بْنِ عَازِبٍ، قَالَ: كَانَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إذَا افْتَتَحَ الصَّلَاةَ رَفَعَ يَدَيْهِ إلَى قَرِيبٍ مِنْ أُذُنَيْهِ، ثُمَّ لَا يَعُودُ، انْتَهَى. قَالَ أَبُو دَاوُد: رَوَاهُ هُشَيْمِ. وَخَالِدٌ. وَابْنُ إدْرِيسَ عَنْ يَزِيدَ، لَمْ يَذْكُرُوا فِيهِ: ثُمَّ لَا يَعُودُ، انْتَهَى. قَالَ الشَّيْخُ فِي الْإِمَامِ: وَاعْتُرِضَ عَلَيْهِ بِأُمُورٍ: أَحَدُهَا: إنْكَارُ هَذِهِ الزِّيَادَةِ عَلَى شَرِيكٍ، وَزَعَمُوا أَنَّ جَمَاعَةً رَوَوْهُ عَنْ يَزِيدَ، فَلَمْ يَذْكُرُوهَا، قَالَ الشَّيْخُ: وَقَدْ تُوبِعَ شَرِيكٌ عَلَيْهَا، كَمَا أَخْرَجَهُ الدَّارَقُطْنِيُّ2 عَنْ إسْمَاعِيلَ بْنِ زَكَرِيَّا ثَنَا يَزِيدُ بْنُ أَبِي زِيَادٍ بِهِ، نَحْوُهُ وَأَنَّهُ كَانَ تَغَيَّرَ بِآخِرِهِ، وَصَارَ يَتَلَقَّنُ، وَاحْتَجُّوا عَلَى ذَلِكَ بِأَنَّهُ أَنْكَرَ الزِّيَادَةَ، كَمَا أَخْرَجَهُ الدَّارَقُطْنِيُّ عَنْ عَلِيِّ بْنِ عَاصِمٍ ثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ أَبِي لَيْلَى عَنْ يَزِيدَ بْنِ أَبِي زِيَادٍ عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ أَبِي لَيْلَى عَنْ الْبَرَاءِ بْنِ عَازِبٍ، قَالَ: رَأَيْتُ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ حِينَ قَامَ إلَى الصَّلَاةِ كَبَّرَ وَرَفَعَ يَدَيْهِ حَتَّى سَاوَى بِهِمَا أُذُنَيْهِ، فَقُلْتُ: أَخْبَرَنِي ابْنُ أَبِي لَيْلَى أَنَّكَ قُلْتَ: ثُمَّ لَمْ يَعُدْ، قَالَ: لَا أَحْفَظُ هَذَا، ثُمَّ عَاوَدْتُهُ، فَقَالَ: لَا أَحْفَظُهُ، وَقَالَ الْبَيْهَقِيُّ: سَمِعْتُ الْحَاكِمَ أَبَا عَبْدِ اللَّهِ يَقُولُ: يَزِيدُ بْنُ أَبِي زِيَادٍ كَانَ يُذْكَرُ بِالْحِفْظِ، فَلَمَّا كَبِرَ سَاءَ حِفْظُهُ، فَكَانَ يُقَلِّبُ الْأَسَانِيدَ، وَيَزِيدُ فِي الْمُتُونِ، وَلَا يُمَيِّزُ، وَقَالَ الْحَاكِمُ، ثُمَّ الْبَيْهَقِيُّ عَنْهُ، بسند عَنْ أَحْمَدَ بْنِ حَنْبَلٍ، قَالَ: هَذَا حَدِيثٌ وَاهٍ قَدْ كَانَ يَزِيدُ بْنُ أَبِي زِيَادٍ يُحَدِّثُ بِهِ بُرْهَةً مِنْ دَهْرِهِ، فَلَا يَذْكُرُ فِيهِ: ثُمَّ لَا يَعُودُ، فَلَمَّا لُقِّنَ أَخَذَهُ، فَكَانَ يَذْكُرُهُ فِيهِ قَالَ الشَّيْخُ: وَيَزِيدُ بْنُ أَبِي زِيَادٍ مَعْدُودٌ فِي أَهْلِ الصِّدْقِ، كُوفِيٌّ، يُكَنَّى أَبَا عَبْدِ اللَّهِ، ذَكَرَ أَبُو الْحَارِثِ الْقَرَوِيُّ، قَالَ أَبُو الْحَسَنِ: يَزِيدُ بْنُ أَبِي زِيَادٍ، جَيِّدُ الْحَدِيثِ، وَذَكَرَ مُسْلِمٌ فِي مُقَدِّمَةِ كِتَابِهِ صِنْفًا، فَقَالَ فِيهِمْ: إنَّ السِّتْرَ وَالصِّدْقَ وَتَعَاطِيَ الْعِلْمِ يشملهم، كَعَطَاءِ بْنِ السَّائِبِ. وَيَزِيدَ بْنِ أَبِي زِيَادٍ. وَلَيْثِ بْنِ أَبِي سُلَيْمٍ. الْأَمْرُ الثَّانِي: الْمُعَارَضَةُ بِرِوَايَةِ إبْرَاهِيمَ
__________
1 أبو داود في باب من لم يذكر الرفع عند الركوع ص 116
2 ص 110، وكما أخرجه الطحاوي: ص 132، والبيهقي: ص 76 - ج 2 عن سفيان ثنا يزيد بن زياد به، نحوه.

الصفحة 402