كتاب نصب الراية (اسم الجزء: 1)

عَبْدِ اللَّهِ، فَأَسْنِدْ، قَالَ: إذَا قُلْتُ لَك: قَالَ عَبْدُ اللَّهِ: فَاعْلَمْ أَنِّي لَمْ أَقُلْهُ حَتَّى حَدَّثَنِيهِ جَمَاعَةٌ عَنْهُ، وَإِذَا قُلْتُ لَك: حَدَّثَنِي فُلَانٌ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ، فَهُوَ الذي حدثي وَحْدَهُ عَنْهُ، قَالَ: وَمَذْهَبُنَا أَيْضًا قَوِيٌّ مِنْ جِهَةِ النَّظَرِ، فَإِنَّهُمْ أَجْمَعُوا أَنَّ التَّكْبِيرَةَ الْأُولَى مَعَهَا رَفْعٌ، وَأَنَّ التَّكْبِيرَةَ بَيْنَ السَّجْدَتَيْنِ لَا رَفْعَ بَيْنَهُمَا، وَاخْتَلَفُوا فِي تَكْبِيرَةِ الرُّكُوعِ. وَتَكْبِيرَةِ الرَّفْعِ مِنْهُ، فَأَلْحَقَهُمَا قَوْمٌ بِالتَّكْبِيرَةِ الْأُولَى، وَأَلْحَقَهُمَا قَوْمٌ بِتَكْبِيرَةِ السَّجْدَتَيْنِ، ثُمَّ إنَّا رَأَيْنَا تَكْبِيرَةَ الِافْتِتَاحِ مِنْ صُلْبِ الصَّلَاةِ لَا تَصِحُّ بِدُونِهَا الصَّلَاةُ، وَالتَّكْبِيرَةُ بَيْنَ السَّجْدَتَيْنِ لَيْسَتْ بِذَلِكَ، وَرَأَيْنَا تَكْبِيرَةَ الرُّكُوعِ وَالنُّهُوضِ لَيْسَتَا مِنْ صُلْبِ الصَّلَاةِ، فَأَلْحَقْنَاهُمَا بِتَكْبِيرَةِ السَّجْدَتَيْنِ، وَاَللَّهُ أَعْلَمُ، انْتَهَى كَلَامُهُ.
أَحَادِيثُ الْخُصُومِ: مِنْهَا حَدِيثُ ابْنِ عُمَرَ أَخْرَجَهُ الْبُخَارِيُّ. وَمُسْلِمٌ عَنْ سَالِمٍ عَنْ أَبِيهِ، وَلَفْظُ الْبُخَارِيِّ: قَالَ رَأَيْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إذَا قَامَ فِي الصَّلَاةِ رَفَعَ يَدَيْهِ حَتَّى يَكُونَا حَذْوَ مَنْكِبَيْهِ، وَكَانَ يَفْعَلُ ذَلِكَ حِينَ يُكَبِّرُ لِلرُّكُوعِ، وَحِينَ يَرْفَعُ رَأْسَهُ مِنْ الرُّكُوعِ، وَلَا يَفْعَلُ ذَلِكَ فِي السُّجُودِ، انْتَهَى. وَلَفْظُ مُسْلِمٍ: كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إذَا قَامَ لِلصَّلَاةِ رَفَعَ يَدَيْهِ حَتَّى يَكُونَا حَذْوَ مَنْكِبَيْهِ، ثُمَّ كَبَّرَ، وَإِذَا أَرَادَ أَنْ يَرْكَعَ فَعَلَ مِثْلَ ذَلِكَ، وَإِذَا رَفَعَ مِنْ الرُّكُوعِ فَعَلَ مِثْلَ ذَلِكَ، وَلَا يَفْعَلُهُ حِينَ يَرْفَعُ رَأْسَهُ مِنْ السُّجُودِ، انْتَهَى. وَقَوْلُهُ فِيهِ: ثُمَّ كَبَّرَ، لَيْسَتْ عِنْدَ الْبُخَارِيِّ، قَالَ ابْنُ عَبْدِ الْبَرِّ فِي التَّمْهِيدِ: هَذَا الْحَدِيثُ أَحَدُ الْأَحَادِيثِ الْأَرْبَعَةِ الَّتِي رَفَعَهَا سَالِمٌ عَنْ أَبِيهِ عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَوَقَفَهَا نَافِعٌ عَنْ ابْنِ عُمَرَ: فَمِنْهَا مَا جَعَلَهُ مِنْ قَوْلِ ابْنِ عُمَرَ. وَمِنْهَا مَا جَعَلَهُ عَنْ ابْنِ عُمَرَ عَنْ عُمَرَ، وَالْقَوْلُ فِيهَا قَوْلُ سَالِمٍ، وَلَمْ يَلْتَفِتْ النَّاسُ فِيهَا إلَى نَافِعٍ، فَهَذَا أَحَدُهَا. وَالثَّانِي: حَدِيثُ "مَنْ بَاعَ عَبْدًا وَلَهُ مَالٌ" وَالثَّالِثُ: حَدِيثُ: "النَّاسُ كَإِبِلٍ مِائَةٍ" وَالرَّابِعُ: حَدِيثُ "فِيمَا سَقَتْ السَّمَاءُ وَالْعُيُونُ الْعُشْرُ"،
__________
= قال الحافظ في الدراية ص 16: وأخرج ابن عدي في الكامل عن يحيى بن معين، قال: مراسيل إبراهيم النخفعي صحيحة، إلا حديث تاجر البحرين، اهـ. قال الدارقطني في ص 361، وبعد حديث رواه عن إبراهيم عن عبد الله: هذه الرواية، وإن كان فيها إرسال فإبراهيم النخعي هو أعلم الناس بعبد الله وبفتياه، وقد أخذ عن أخواله، علقمة. والأسود. وعبد الرحمن بن يزيد. وغيرهم من كبراء أصحاب عبد الله، وهو القائل: إذا قلت لك: قال عبد الله، فهو عن جماعة من أصحابه عنه، وإذا سمعته من رجل واحد سميته، اهـ. قال ابن قيم في الهدى: ص 354 - ج 2، وص 204 - ج 4 في بحث عدة الأمة ما نصه: وإبراهيم لم يسمع من عبد الله، ولكن الواسطة بينه وبين عبد الله، كعلقمة، ونحوه، وقد قال إبراهيم: إذا قلت: قال عبد الله، فقد حدثني به غير واحد عنه، وإذا قلت: قال فلان عنه، فهو ممن سمعت، أو كما قال، ومن المعلوم أن بين إبراهيم. وعبد الله أئمة ثقات لم يسم قط مبهماً. ولا مجروحاً. ولا مجهولاً، فشيوخه الذين أخذ عنهم عن عبد الله أئمة أجلاء نبلاء، وكانوا كما قيل: سرج الكوفة، وكل من له ذوق في الحديث إذا قال إبراهيم: قال عبد الله. لم يتوقف في ثبوته عنه، وإن كان غيره ممن في طبقته، لو قال: قال عبد الله لا يحصل لنا الثبوت بقوله، فإبراهيم نظير بن المسيب عن عمرو، ونظير مالك عن ابن عمر، فالوسائط بين هؤلاء وبين الصحابة إذا سموهم وجدوهم من أجل الناس وأوثقهم وأصدقهم ولا يسمونهم ألبتة.

الصفحة 407