كتاب نصب الراية (اسم الجزء: 1)

الَّذِي أَجْمَعَ عَلَيْهِ أَهْلُ التَّارِيخِ أَنَّهُ بَقِيَ إلَى سَنَةِ أَرْبَعٍ وَخَمْسِينَ، وَنَقَلَهُ عَنْ التِّرْمِذِيِّ. وَالْوَاقِدِيِّ. وَاللَّيْثِ. وَابْنِ مَنْدَهْ في الصحابة، أطال فِيهِ، ثُمَّ قَالَ: وَإِنَّمَا اعْتَمَدَ الشَّافِعِيُّ فِي حَدِيثِ أَبِي حُمَيْدٍ بِرِوَايَةِ إسْحَاقَ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ عَنْ عَبَّاسِ بْنِ سُهَيْلٍ عَنْ أَبِي حُمَيْدٍ، وَمَنْ سَمَّاهُ مِنْ الصَّحَابَةِ، وَأَكَّدَهُ بِرِوَايَةِ فُلَيْحِ بْنِ سُلَيْمَانَ عَنْ عَبَّاسِ بْنِ سُهَيْلٍ عَنْهُمْ، فَالْإِعْرَاضُ عَنْ هَذَا وَالِاشْتِغَالُ بِغَيْرِهِ لَيْسَ مِنْ شَأْنِ مَنْ يُرِيدُ مُتَابَعَةَ السُّنَّةِ، انْتَهَى كَلَامُهُ1.
حَدِيثٌ آخَرُ، أَخْرَجَهُ مُسْلِمٌ عَنْ وَائِلِ بْنِ حُجْرٌ أَنَّهُ رَأَى رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ رَفَعَ يَدَيْهِ حِينَ دَخَلَ فِي الصَّلَاةِ، وَحِينَ رَكَعَ، وَحِينَ رَفَعَ رَأْسَهُ مِنْ الرُّكُوعِ، أَخْرَجَهُ مُخْتَصَرًا وَمُطَوَّلًا2، قَالَ الطَّحَاوِيُّ فِي شَرْحِ الْآثَارِ: وَحَدِيثُ وَائِلٍ هَذَا مُعَارَضٌ بِحَدِيثِ ابْنِ مَسْعُودٍ: أَنَّهُ عليه السلام كَانَ يَرْفَعُ يَدَيْهِ فِي تَكْبِيرَةِ الِافْتِتَاحِ، ثُمَّ لَا يَعُودُ. وَابْنُ مَسْعُودٍ أَقْدَمُ صُحْبَةً، وَأَفْهَمُ بِأَفْعَالِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مِنْ وَائِلٍ، ثُمَّ أُسْنَدَ عَنْ أَنَسٍ3، قَالَ: كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يُحِبُّ أَنْ يَلِيَهُ الْمُهَاجِرُونَ وَالْأَنْصَارُ لِيَحْفَظُوا عَنْهُ، وَابْنُ مَسْعُودٍ كَانَ مِنْ أُولَئِكَ الَّذِينَ كَانُوا يَقْرُبُونَ مِنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، لِيَعْلَمُوا أَفْعَالَهُ كَيْفَ هِيَ؟ , فَهُوَ أَوْلَى مما جاءه مَنْ هُوَ أَبْعَدُ مِنْهُ، انْتَهَى.
حَدِيثٌ آخَرُ، أَخْرَجَهُ أَصْحَابُ السُّنَنِ الْأَرْبَعَةُ4، وَالْبُخَارِيُّ فِي كِتَابِهِ - فِي رَفْعِ الْيَدَيْنِ عَنْ الْأَعْرَجِ عَنْ عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي رَافِعٍ عَنْ عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّهُ كَانَ إذَا قَامَ إلَى الصَّلَاةِ الْمَكْتُوبَةِ كَبَّرَ وَرَفَعَ يَدَيْهِ حَذْوَ مَنْكِبَيْهِ، وَيَصْنَعُ مِثْلَ ذَلِكَ إذَا قَضَى قِرَاءَتَهُ، وَأَرَادَ أَنْ يَرْكَعَ، وَيَصْنَعُهُ إذَا رَفَعَ مِنْ الرُّكُوعِ، وَلَا يَرْفَعُ يَدَيْهِ فِي شَيْءٍ مِنْ صَلَاتِهِ، وَهُوَ قَاعِدٌ، وَإِذَا قَامَ مِنْ السَّجْدَتَيْنِ رَفَعَ يَدَيْهِ كَذَلِكَ، انْتَهَى. قَالَ التِّرْمِذِيُّ: حَدِيثٌ حَسَنٌ صَحِيحٌ، قَالَ الشَّيْخُ فِي الْإِمَامِ: وَرَأَيْت عَنْ عِلَلِ الْخَلَّالِ عَنْ إسْمَاعِيلَ بْنِ إسْحَاقَ الثَّقَفِيِّ، قَالَ: سُئِلَ أَحْمَدُ عَنْ حَدِيثِ عَلِيٍّ هَذَا، فَقَالَ: صَحِيحٌ، قَالَ الشَّيْخُ: وَقَوْلُهُ فِيهِ: وَإِذَا قَامَ مِنْ السَّجْدَتَيْنِ يَعْنِي الرَّكْعَتَيْنِ، انْتَهَى.
__________
= التلخيص ص 160: عن عليّ أنه صلى على أبي قتادة، فكبر عليه سبعاً، رواه البيهقي، وقال: إنه غلط، لأن أبا قتادة عاش بعد ذلك، قلت: هذه علة غير قادحة، لأنه قد قيل: إن أبا قتادة مات في خلافة عليّ، وهذا هو الراجح، اهـ ما قال الحافظ.
1 قلت: كلام الحافظ المخرج قبيل الحديث الثامن والأربعين يدل على أن الشيخ تقي الدين رد على البيهقي، وانتصر للطحاوي، وأن الحافظ المخرج ذكر كلام الشيخ تقي الدين، لكن النسخة كما ترى خالية عن الرد، فليراجع النسخ الصحيحة.
2 قوله: أخرجه مسلم مختصراً ومطولاً، قلت: لم أجد في مسلم إلا رواية واحدة، في باب وضع اليد اليمنى على اليسرى بعد تكبيرة الاحرام ص 173، والله أعلم.
3 أخرجه ابن ماجه: ص 70، والحاكم: ص 218، والبيهقي: ص 97 - ج 3.
4 أبو داود في باب افتتاح الصلاة ص 116، والترمذي في الدعوات، في باب الدعاء، عند افتتاح الصلاة بالليل ص 179 - ج 1، وابن ماجه في باب رفع اليدين إذا ركع ص 62، وجزء الرفع ص 6، وأحمد: ص 93 - ج 1، والطحاوي: ص 131، وفي المختصر ص 24، قال الطحاوي: لا يعلم أحد روى هذا الحديث غير عبد الرحمن بن أبي الزناد.

الصفحة 412