كتاب نصب الراية (اسم الجزء: 1)

وَقَالَ النَّوَوِيُّ فِي الْخُلَاصَةِ: وَقَعَ فِي لَفْظِ أَبِي دَاوُد: السَّجْدَتَيْنِ، وَفِي لَفْظِ التِّرْمِذِيِّ: الرَّكْعَتَيْنِ، وَالْمُرَادُ بِالسَّجْدَتَيْنِ الرَّكْعَتَانِ، يَدُلُّ عَلَيْهِ الرِّوَايَةُ الْأُخْرَى، وَغَلِطَ الْخَطَّابِيُّ فِي قَوْلِهِ: الْمُرَادُ السَّجْدَتَانِ، لِكَوْنِهِ لَمْ يَقِفْ عَلَى طُرُقِ الْحَدِيثِ، انْتَهَى. قَالَ الطَّحَاوِيُّ فِي شَرْحِ الْآثَارِ1: وَقَدْ رُوِيَ عَنْ عَلِيٍّ خِلَافُ هَذَا، ثُمَّ أَخْرَجَ عَنْ أَبِي بَكْرٍ النَّهْشَلِيِّ ثَنَا عَاصِمُ بْنُ كُلَيْبٍ عَنْ أَبِيهِ أَنَّ عَلِيًّا كَانَ يَرْفَعُ يَدَيْهِ فِي أَوَّلِ تَكْبِيرَةٍ مِنْ الصَّلَاةِ، ثُمَّ لَا يَرْفَعُ بَعْدَهُ، قَالَ الطَّحَاوِيُّ: فَلَمْ يَكُنْ عَلِيٌّ لِيَرَى النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَرْفَعُ، ثُمَّ يَتْرُكُهُ، إلَّا وَقَدْ ثَبَتَ عِنْدَهُ نَسْخُهُ، قال: وتضعف هَذِهِ الرِّوَايَةَ أَيْضًا أَنَّهُ رُوِيَ مِنْ وَجْهٍ آخَرَ، وَلَيْسَ فِيهِ الرَّفْعُ، ثُمَّ أَخْرَجَهُ عَنْ عَبْدِ الْعَزِيزِ2 بْنِ أَبِي سَلَمَةَ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ الْفَضْلِ عَنْ الْأَعْرَجِ بِهِ، وَلَمْ يَذْكُرْ فِيهِ: الرَّفْعَ، انْتَهَى. وَقَالَ الشَّيْخُ فِي الْإِمَامِ: قَالَ عُثْمَانُ بْنُ سَعِيدٍ الدَّارِمِيُّ: وَقَدْ رُوِيَ مِنْ طَرِيقٍ وَاهِيَةٍ عَنْ عَلِيٍّ أَنَّهُ كَانَ يَرْفَعُ يَدَيْهِ فِي أَوَّلِ تَكْبِيرَةٍ مِنْ الصَّلَاةِ، ثُمَّ لَا يَعُودُ، قَالَ: وَهَذَا ضَعِيفٌ، إذْ لَا يُظَنُّ بِعَلِيٍّ أَنَّهُ يَخْتَارُ فِعْلَهُ عَلَى فِعْلِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَهُوَ قَدْ رَوَى عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّهُ كَانَ يَرْفَعُ عِنْدَ الرُّكُوعِ، وَعِنْدَ الرَّفْعِ مِنْهُ، قَالَ الشَّيْخُ: وَمَا قَالَهُ الدَّارَقُطْنِيُّ ضَعِيفٌ، فَإِنَّهُ جَعَلَ رِوَايَةَ الرَّفْعِ - مَعَ حُسْنِ الظَّنِّ بِعَلِيٍّ - فِي تَرْكِ الْمُخَالَفَةِ، دَلِيلًا عَلَى ضَعْفِ هَذِهِ الرِّوَايَةِ، وَخَصْمُهُ يَعْكِسُ الْأَمْرَ، وَيَجْعَلُ فِعْلَ عَلِيٍّ بَعْدَ الرَّسُولِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ دَلِيلًا عَلَى نَسْخِ مَا تَقَدَّمَ، وَاَللَّهُ أَعْلَمُ، انْتَهَى.
حَدِيثٌ آخَرُ: أَخْرَجَهُ أَبُو دَاوُد3 عَنْ ابْنِ لَهِيعَةَ عَنْ أَبِي هُبَيْرَةَ عَنْ مَيْمُونٍ الْمَكِّيِّ أَنَّهُ رَأَى عَبْدَ اللَّهِ بْنَ الزُّبَيْرِ - وَصَلَّى بِهِمْ - يُشِيرُ بِكَفَّيْهِ حِينَ يَقُومُ، وَحِينَ يَرْفَعُ، وَحِينَ يَسْجُدُ، وَحِينَ يَنْهَضُ لِلْقِيَامِ، فَيَقُومُ، فَيُشِيرُ بِيَدَيْهِ، فَانْطَلَقْتُ إلَى ابْنِ عَبَّاسٍ، فَقُلْتُ: إنِّي رَأَيْتُ ابْنَ الزُّبَيْرِ يُصَلِّي صَلَاةً لَمْ أَرَ أَحَدًا يُصَلِّيهَا، وَوَصَفْتُ لَهُ هَذِهِ الْإِشَارَةَ، فَقَالَ: إنْ أَحْبَبْتَ أَنْ تَنْظُرَ إلَى صَلَاةِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَاقْتَدِ بِصَلَاةِ ابْنِ الزُّبَيْرِ، انْتَهَى. وَابْنُ لَهِيعَةَ مَعْرُوفٌ.
حَدِيثٌ آخَرُ. أَخْرَجَهُ ابْنُ مَاجَهْ4 حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ يسار ثَنَا عَبْدُ الْوَهَّابِ بْنُ عَبْدِ الْمَجِيدِ الثَّقَفِيُّ ثَنَا حُمَيْدٍ عَنْ أَنَسٍ أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَانَ يَرْفَعُ يَدَيْهِ إذَا دَخَلَ فِي الصَّلَاةِ، وإذا ركع، قَالَ الشَّيْخُ فِي الْإِمَامِ: وَرِجَالُهُ رِجَالُ الصَّحِيحَيْنِ، قَالَ: وَقَدْ رَوَاهُ الْبَيْهَقِيُّ فِي الْخِلَافِيَّاتِ مِنْ جِهَةِ ابْنِ خُزَيْمَةَ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ يَحْيَى بْنِ فَيَّاضٍ عَنْ عَبْدِ الْوَهَّابِ الثَّقَفِيِّ بِهِ، وَزَادَ فِيهِ: وَإِذَا رَفَعَ رَأْسَهُ مِنْ الرُّكُوعِ، وَرَوَاهُ الْبُخَارِيُّ فِي كِتَابِهِ الْمُفْرَدِ - فِي رَفْعِ الْيَدَيْنِ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ حَوْشَبٍ ثَنَا عَبْدُ الْوَهَّابِ
__________
1 ص 132، وقال الحافظ في الدراية ص 85: رجاله ثقات.
2 أخرجه الطحاوي: ص 132، والنسائي: ص 142، وأبو داود في باب ما يستفتح به الصلاة من الدعاء ص 117، والترمذي في الدعوات ص 179 - ج 2.
3 في باب افتتاح الصلاة ص 115.
4 في باب رفع اليدين إذا ركع ص 62.

الصفحة 413