كتاب نصب الراية (اسم الجزء: 1)

بْنِ الْحُسَيْنِ عَنْ أَبِي مَسْعُودٍ عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مَنْ صَلَّى صَلَاةً لَمْ يُصَلِّ عَلَيَّ فِيهَا، وَعَلَى أَهْلِ بَيْتِي لَمْ تُقْبَلْ مِنْهُ، انْتَهَى. وَرَأَيْت فِي بَعْضِ تَصَانِيفِ الْحَنَابِلَةِ مِنْ أَهْلِ عَصْرِنَا، وَقَالَ: بِوُجُوبِ الصَّلَاةِ عَلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي الصَّلَاةِ ثَلَاثَةٌ مِنْ الصَّحَابَةِ1: ابْنُ مَسْعُودٍ. وَأَبُو مَسْعُودٍ. وَجَابِرُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ، وَعَنْ ثَلَاثَةٍ مِنْ التَّابِعِينَ: أَبِي جَعْفَرٍ الْبَاقِرِ. وَالشَّعْبِيِّ. وَمُقَاتِلِ بْنِ حَيَّانَ، انْتَهَى. وَلَمْ يَعْزُهُ لِأَحَدٍ.
قَوْلُهُ: وَالْفَرْضُ الْمَرْوِيُّ فِي التَّشَهُّدِ، هُوَ التَّقْدِيرُ، قُلْت: رَوَى النَّسَائِيّ2 فِي بَابِ إيجَابِ التَّشَهُّدِ مِنْ سُنَنِهِ أَخْبَرَنَا سَعِيدُ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ أَبُو عُبَيْدِ اللَّهِ الْمَخْزُومِيُّ ثَنَا سُفْيَانُ عَنْ الْأَعْمَشِ، وَمَنْصُورُ عَنْ شَقِيقِ بْنِ سَلَمَةَ عَنْ ابْنِ مَسْعُودٍ، قَالَ: كُنَّا نَقُولُ فِي الصَّلَاةِ قَبْلَ أَنْ يُفْرَضَ التَّشَهُّدُ: السَّلَامُ عَلَى اللَّهِ، السَّلَامُ عَلَى جَبْرَائِيلَ، وَمِيكَائِيلَ، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "لَا تَقُولُوا هَكَذَا، فَإِنَّ اللَّهَ عَزَّ وَجَلَّ هُوَ السَّلَامُ، وَلَكِنْ قُولُوا: التَّحِيَّاتُ لِلَّهِ، وَالصَّلَوَاتُ، وَالطَّيِّبَاتُ، السَّلَامُ عَلَيْك أَيُّهَا النَّبِيُّ، وَرَحْمَةُ اللَّهِ وَبَرَكَاتُهُ، السَّلَامُ عَلَيْنَا، وَعَلَى عِبَادِ اللَّهِ الصَّالِحِينَ، أَشْهَدُ أَنْ لَا إلَهَ إلَّا اللَّهُ، وَأَشْهَدُ أَنَّ مُحَمَّدًا عَبْدُهُ وَرَسُولُهُ"، انْتَهَى. وَهَذَا الْحَدِيثُ، وَإِنْ كَانَ فِي الْكُتُبِ السِّتَّةِ، لَكِنْ لَمْ يَذْكُرْهُ بِلَفْظِ: يُفْرَضُ، إلَّا النَّسَائِيّ، فَلَفْظُ الْبُخَارِيِّ3، قَالَ: كُنَّا إذَا كُنَّا مَعَ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي الصَّلَاةِ، قُلْنَا السَّلَامُ عَلَى اللَّهِ وَلَفْظُ مُسْلِمٍ4 قَالَ: كُنَّا نَقُولُ فِي الصَّلَاةِ خَلْفَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: السَّلَامُ عَلَى اللَّهِ، وَلَفْظُ أَبِي دَاوُد: كُنَّا إذَا جَلَسْنَا مَعَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَلَفْظُ ابْنِ مَاجَهْ، وَرِوَايَةٌ لِلنِّسَائِيِّ5: كُنَّا إذَا صَلَّيْنَا مَعَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، قُلْنَا: السَّلَامُ عَلَى اللَّهِ، الْحَدِيثَ. وَبِلَفْظِ النَّسَائِيّ، رَوَاهُ الدَّارَقُطْنِيُّ، ثُمَّ الْبَيْهَقِيُّ فِي سننهما، وقالا: إسنادهما صَحِيحٌ، قَالَ النَّوَوِيُّ فِي الْخُلَاصَةِ: وَبِهَذِهِ الرِّوَايَةِ احْتَجَّ به أَصْحَابُنَا عَلَى أَنَّ التَّشَهُّدَ الْأَخِيرَ فَرْضٌ، انْتَهَى.
الْحَدِيثُ التَّاسِعُ وَالْأَرْبَعُونَ: قَالَ فِي الْكِتَابِ: وَدَعَا بِمَا يُشْبِهُ أَلْفَاظَ الْقُرْآنِ وَالْأَدْعِيَةِ الْمَأْثُورَةِ، لِمَا رَوَيْنَا مِنْ حَدِيثِ ابْنِ مَسْعُودٍ، وَقَالَ لَهُ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "ثُمَّ اخْتَرْ مِنْ الدُّعَاءِ أَطْيَبَهُ وَأَعْجَبَهُ إلَيْك"، قُلْت: كَأَنَّهُ يُشِيرُ إلَى الْحَدِيثِ الْمُتَقَدِّمِ6 عَنْ ابْنِ مَسْعُودٍ: عَلَّمَنِي رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ التَّشَهُّدَ فِي وَسَطِ الصَّلَاةِ وَآخِرِهَا، فَإِذَا كَانَ وَسَطَ الصَّلَاةِ، نَهَضَ إذَا فَرَغَ مِنْ التَّشَهُّدِ، وَإِذَا كَانَ آخِرَ الصَّلَاةِ دَعَا لِنَفْسِهِ بِمَا شَاءَ، وَقَدْ قَدَّمْنَا أَنَّ هَذَا الْحَدِيثَ عِنْدَ أَحْمَدَ، وَقَدْ قَدَّمْنَا فِي تَشَهُّدِ ابْنِ مَسْعُودٍ:
__________
1 قال ابن حزم في المحلى ص 138 - ج 4: وقد ذكر بعضهم يوافق قولهم عن أبي حميد. وأبي أسيد، اهـ.
2 في كتاب السهو ص 187، والدارقطني: ص 123، والبيهقي: ص 378 – ج 1.
3 في باب ما يتخير من الدعاء، ص 115، ومسلم في باب التشهد في الصلاة ص 173، وأبو داود باب التشهد ص 146، وابن ماجه في باب التشهد ص 64، والنسائي في باب كيفية التشهد الأول: ص 174.
4 والبخاري: ص 936.
5 والبخاري: ص 920.
6 أي الحديث الرابعوالأربعين.

الصفحة 428