كتاب نصب الراية (اسم الجزء: 1)

مِنْ صَحِيفَةِ جَدِّهِ. قَالُوا: وَإِنَّمَا رَوَى أَحَادِيثَ يَسِيرَةً، وَأَخَذَ صَحِيفَةً كَانَتْ عِنْدَهُ فَرَوَاهَا. وَمِنْ فَوَائِدِ شَيْخِنَا الْحَافِظِ جَمَالِ الدِّينِ الْمِزِّيِّ، قَالَ: عَمْرُو بْنُ شُعَيْبٍ يَأْتِي عَلَى ثَلَاثَةِ أَوْجُهٍ: عَمْرُو بْنُ شُعَيْبٍ عَنْ أَبِيهِ عَنْ جَدِّهِ، وَهُوَ الْجَادَّةُ. وَعَمْرُو بْنُ شُعَيْبٍ عَنْ أَبِيهِ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرٍو. وَعَمْرُو بْنُ شُعَيْبٍ عَنْ أَبِيهِ عَنْ جَدِّهِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرٍو، فَعَمْرٌو لَهُ ثَلَاثَةُ أَجْدَادٍ: مُحَمَّدٌ. وَعَبْدُ اللَّهِ. وَعَمْرُو بْنُ الْعَاصِ، فَمُحَمَّدٌ تَابِعِيٌّ، وَعَبْدُ اللَّهِ. وَعَمْرٌو صَحَابِيَّانِ، فَإِنْ كَانَ الْمُرَادُ بِجَدِّهِ مُحَمَّدًا فَالْحَدِيثُ مُرْسَلٌ، لِأَنَّهُ تَابِعِيٌّ، وَإِنْ كَانَ الْمُرَادَ بِهِ عَمْرٌو، فَالْحَدِيثُ مُنْقَطِعٌ، لِأَنَّ شُعَيْبًا لَمْ يَدْرِك عمرواً، وَإِنْ كَانَ الْمُرَادُ بِهِ عَبْدَ اللَّهِ فَيَحْتَاجُ إلَى مَعْرِفَةِ سَمَاعِ شُعَيْبٍ مِنْ عَبْدِ اللَّهِ، وَقَدْ ثَبَتَ فِي الدَّارَقُطْنِيِّ1 وَغَيْرِهِ بِسَنَدٍ صَحِيحٍ سَمَاعُ عَمْرٍو مِنْ أَبِيهِ شُعَيْبٍ، وَسَمَاعُ شُعَيْبٍ مِنْ جَدِّهِ عَبْدِ اللَّهِ.
حَدِيثٌ آخَرُ أَخْرَجَهُ الدَّارَقُطْنِيُّ2 عَنْ إسْحَاقَ بْنِ مُحَمَّدٍ الْفَرْوِيِّ أَنْبَأَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عُمَرَ عَنْ نَافِعٍ عَنْ ابْنِ عُمَرَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: "مَنْ مَسَّ ذَكَرَهُ فَلْيَتَوَضَّأْ وُضُوءَهُ لِلصَّلَاةِ"، انْتَهَى. وَإِسْحَاقُ بْنُ مُحَمَّدٍ الْفَرْوِيُّ هَذَا ثِقَةٌ أخرج له الْبُخَارِيُّ فِي صَحِيحِهِ وَلَيْسَ هُوَ بِإِسْحَاقِ بْنِ أَبِي فَرْوَةَ الْمُتَقَدِّمِ فِي حَدِيثِ أَبِي أَيُّوبَ. وَوَهِمَ ابْنُ الْجَوْزِيِّ فِي التَّحْقِيقِ فَجَعَلَهُمَا وَاحِدًا، وَتَعَقَّبَهُ صَاحِبُ التَّنْقِيحِ وَلَهُ طَرِيقَانِ آخَرَانِ عِنْدَ الطَّحَاوِيِّ: أَحَدُهُمَا: عَنْ صَدَقَةَ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ عَنْ هِشَامِ بْنِ زَيْدٍ عَنْ نَافِعٍ عَنْ ابْنِ عُمَرَ، قَالَ: وَصَدَقَةُ هَذَا ضَعِيفٌ. الثَّانِي: عَنْ الْعَلَاءِ بْنِ سُلَيْمَانَ عَنْ الزُّهْرِيِّ عَنْ سَالِمٍ عَنْ أَبِيهِ، قَالَ: وَالْعَلَاءُ ضَعِيفٌ، انْتَهَى.
__________
= صحيفة جده، كأنهم رأوا أنه لم يسمع هذه الأحاديث من جده، قال علي بن عبد الله: وذكر يحيى بن سعيد أنه قال: حديث عمرو بن شعيب عندنا واه، وقال نحوه في - الزكاة - في باب زكاة مال اليتيم ص 81 - ج 1، وصحح أحاديثه في مواضع، وقال ابن حزم في المحلى ص 232: أما حديث عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده فصحيفة لا تصح، اهـ. وقال ابن حبان: روايته عن أبيه عن جده لا تخلو من انقطاع وإرسال، اهـ. ذكره الشيخ المخرج: ص 291، وص 328، وقال الحازمي ص 38: أما روايته عن أبيه عن جده فالأكثرون على أنها متصلة ليس فيها إرسال ولا انقطاع، اهـ. قال الحافظ في طبقات المدلسين ص 11: قال ابن معين: إذا حدث عن أبيه عن جده فهو كذاب، وإذا حدث عن سعيد بن المسيب. وسليمان بن يسار. وعروة. فهو ثقة، قال أبو زرعة: روى عنه الثقات، وإنما أنكروا عليه كثرة روايته عن أبيه عن جده، وقالوا: إنما سمع أحاديث يسيرة، وأخذ صحيفة كانت عنه ورواها، وعامة المناكير في حديثه من روايته الضعفاء عنه، وهو ثقة في نفسه، وإنما يتكلم فيه بسبب كتاب كان عنده، وقال ابن أبي حيثمة سمعت هارون بن معروف، يقول: لم يسمع عمرو من أبيه شيئاً، إنما وجده من كتاب أبيه، وقال ابن عدي: روى عنه أئمة الناس وثقاتهم، وجماعة من الضعفاء إلا أن أحاديثه عن أبيه عن جده من احتمالهم إياه، لم يدخلوها في صحاح ما خرجوا، وقالوا: هي صحيفة، قلت: مقتضى قول هؤلاء يكون تدليساً لأنه ثبت سماعه عن أبيه، وقد حدث عنه بشيء كثير مما لم يسمع منه مما أخذه من الصحيفة بصيغة - عن - وهذا هو أحد صور التدليس اهـ. وقال في ص 10 في ترجمة شعيب: قال ابن حبان: من قال: إنه سمع من جده فليس ذاك بصحيح، قلت: قد صرح بسماعه عن جده في أحاديث قليلة: أنه سمع من جده، فإن كان الجميع صحيفة وجدت صورة التدليس، اهـ.
1 في اليبوع ص 310.
2 ص 53، وإسحاق متكلم فيه، وعبد الله بن عمر العمري ضعيف، كذا في الدراية.

الصفحة 59