كتاب نصب الراية (اسم الجزء: 1)

بِسَنَدِهِ الْمُتَقَدِّمِ وَمَتْنِهِ أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، قَالَ: "مَنْ مَسَّ ذَكَرَهُ فَلْيَتَوَضَّأْ". قَالَ: فَدَلَّ ذَلِكَ عَلَى صِحَّةِ النَّسْخِ، وَأَنَّ طَلْقًا قَدْ شَاهَدَ الْحَالَتَيْنِ، ثُمَّ اعْتَرَضَ لِلْقَائِلِينَ بِالرُّخْصَةِ: بِأَنَّ بُسْرَةَ غَيْرُ مَشْهُورَةٍ، وَاخْتِلَافُ الرُّوَاةِ فِي نَسَبِهَا يَدُلُّ عَلَى جَهَالَتِهَا، لِأَنَّ بَعْضَهُمْ يقول: هي كناينة، وَبَعْضُهُمْ يَقُولُ: هِيَ أَسَدِيَةٌ، وَلَوْ سُلِّمَ عَدَمُ جَهَالَتِهَا فَلَيْسَتْ تُوَازِي طَلْقًا فِي شُهْرَتِهِ وَكَثْرَةِ رِوَايَتِهِ وَطُولِ صُحْبَتِهِ، وَاخْتِلَافُ الرُّوَاةِ أَيْضًا فِي حَدِيثِهَا يَدُلُّ عَلَى ضَعْفِ حَدِيثِهَا.
وَبِالْجُمْلَةِ فَحَدِيثُ النسار إلَى الضَّعْفِ مَا هُوَ، قال: وروى عن عمر بْنِ عَلِيٍّ الْفَلَّاسِ أَنَّهُ قَالَ:
__________
= كان قدومه في أول سنة من سني الهجرة، حيث كان المسلمون يبنون مسجد رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، قلت: إثبات النسخ يتوقف على أمور: الأول: أن قدوم طلق كان عند بناء المسجد. والثاني: أن المسجد لم يبن إلا في السنة الأولى من الهجرة. والثالث: أن طلقاً لم يجيء بعد هذه القدمة. والرابع: أن بسرة لم تجيء في السنة الأولى من الهجرة. والخامس: أن كل من روى حديث النقض لم يحضر أحد منهم البناء. وأما السادس: فبأن المراد بالوضوء في حديث بسرة ليس إلا وضوء الصلاة المتعارف عند الناس.
أما الأول: فبما استدل به ابن حبان، ولم يذكر سنده، وأسنده البيهقي ص 135. والحازمي: ص 31 من حديث محمد بن جابر عن عبد الملك بن بدر عن طلق بن علي قال: قدمت على النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وهم يبنون المسجد الحديث، ومحمد بن جابر هذا هو الذي روى أن طلقاً سأل رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، هل من مس الذكر وضوء؟ قال: "لا" وقال فيه الحازمي. والبيهقي ص 134 - ج 1: أيوب بن عتبة. ومحمد بن جابر ضعيفان، وقال البيهقي في ص 213 - ج 2: محمد بن جابر متروك.
وأما الأمر الثاني: فاكتفى فيه على مجرد الدعوى، ولم يأت عليه بحجة من حديث صحيح أو ضعيف، كأنه زعم أنه أمر بين ثبوته، وليس كذلك، بل هذا أمر بين رده، أما أولاً: فبما قال الحافظ في الفتح ص 152 - ج 12: أما ابتداء المسجد، فروى ابن سعد في طبقاته ص 43 - ج 8 عن عائشة: قدمنا المدينة ورسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يبني المسجد وأبياتاً حول المسجد، فأنزله منها أهله، اهـ. وتبعه صاحب العون، في ص 266 - ج 4: والمسجد لم يكمل بناؤه إلا بعد مدة من دخوله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ المدينة، اهـ. وأما ثانياً: فبأن المسجد بني على عهد رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مرتين: مرة قبل خيبر، ومرة بعده، وحضر بناءه مرة من أسلم عام خيبر أو قبله، كما في الزوائد ص 146 - ج 1 المطبوعة في الهند، كما في حديث أبي هريرة أنهم كان يحملون اللبن إلى بناء المسجد، ورسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ معهم، قال: فاستقبلت رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وهو عارض لبنته على بطنه، فظننت أنها شقت عليه، فقلت: ناولنيها يا رسول الله، فقال: "خذ غيرها يا أبا هريرة، فإنه لا عيش إلا عيش الآخرة" رواه أحمد،، ورجاله رجال الصحيح، وكذا في وفاء الوفا، بأخبار دار المصطفى ص 240، وقال فيه: هذا في البناء الثاني، لأن أبا هريرة لم يحضر البناء الأول، لأن قدومه عام فتح خيبر، اهـ. وقال فيه أيضاً: وبناه رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مرتين: بناه حين قدم أقل من مائة في مائة، فلما فتح الله عليه خيبر بناه، وزاد عليه في الدور، اهـ. وفيه: ص 336 - ج 1 روى البيهقي في الدلائل: عن عبد الرحمن السلمي، أنه سمع عبد الله بن عمرو بن العاص يقول لأبيه: قد قتلنا هذا الرجل، وقد قال فيه رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قال: أي رجل؟ قال: عمار بن ياسر أما تذكر يوم بنى رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ المسجد فكنا نحمل لبنة لبنة، وعمار يحمل لبنتين لبنتين، الحديث، قال السمهودي: قلت: هو يقتضي أن هذا القول لعمار كان في البناء الثاني للمسجد، لأن إسلام عمرو كان في الخامسة، اهـ. قلت: الحديث رواه أحمد: ص 161 - ج 2، ص 206 - ج 2 مختصراً، قلت: وفي الزوائد ص 297 عن عبد الله بن الحارث: أن عمرو بن العاص قال لمعاوية: يا أمير المؤمنين أنا سمعت رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ

الصفحة 66