كتاب نصب الراية (اسم الجزء: 2)

الْآيَةَ، قَالَ: وَلَعَلَّ آخِرَ الْحَدِيثِ مِنْ قَوْلِ مَنْ هُوَ دُونَ أَبِي هُرَيْرَةَ، فَقَدْ أَخْرَجَ الْبُخَارِيُّ
__________
يوسف، ثم قال: يجهر بذلك، وكان يقول في بعض صلاته في صلاة الفجر اللهم العن فلاناً وفلاناً لأحياء من العرب حتى أنزل الله {لَيْسَ لَكَ مِنَ الْأَمْرِ شَيْءٌ} ، قلت: هذه الآية نزلت لما لعن رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أبا سفيان. وصفوان، وغيرهما. أو في أصحاب بئر معونة، بعد أحد بأربعة أشهر، فأيّاً ما كان، نزلت قبل إسلام أبي هريرة، بثلاث سنين، فيكون الحديث من مراسيل أبي هريرة، ونص هو عليه في رواية مسلم، بقوله: ثم بلغنا أنه ترك ذلك، وهو الصحيح:
1 لأن أبا هريرة أسلم بعد الهدنة، ولم رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ليدعو على قوم صالحهم على أمر ما خانوا في شيء منه بعد.
2 وفي الحديث أنه عليه السلام ترك القنوت لمجيئهم، وقد صالحهم على أنه لا يأتيه منهم رجل وإن كان على دينه إلا ردّه عليهم، وما كان ليدعو بشيء لو استجيب له، لسعى هو في خلافه.
3 ودعا لوليد. وهشام، وترك أبا جندل. وأبا بصير، وكان أحق به، وقد رأى من ابتلاء أبي جندل ما رأى.
4 وروى ابن سعد في "طبقاته" ص 98 ج 4 عن الواقدي أن وليد بن الوليد انفلت منهم، فأرسله رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إلى مكة ليأتي بسلمة. وعياش، وهذا بعد بدر بثلاث سنين.
5 ومن لفظ الدعاء: اجعل عليهم سنين كسني يوسف، وهذا لم يكن بعد الهدنة قط.
6 وفي قنوته عند مسلم. والطحاوي: اللهم العن رعلاً. وذكوان. وعصية عصت الله ورسوله، وهذا الدعاء كان على قاتلي القراء ببئر معونة في "صفر" على رأس أربعة أشهر من أحد، قاله ابن إسحاق.
7 وأكثر من روى حديث القنوت: كابن عباس. وابن عمر. وابن مسعود. وعبد الرحمن بن أبي بكر. وأنس: وأبي هريرة، قالوا: قنت بعد الركعة في صلاة شهراً، قال أنس: قنت رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ على رعل. وذكوان، ثم تركه، وقال خفاف بن أيماء: لعن رعلاً. وذكوان. وعصية، ولم يذكر أحد فيما عندنا من الروايات سوى هذا القنوت الذي قنت به النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ شهراً، فما قال ابن تيمية في "فتاويه" ص 187 ج 1، بعد ذكر قنوته عليه السلام: على رعل. وذكوان لما قتلوا القراء من الصحابة، قال: ثبت عنه أنه قنت بعد ذلك بمدة بعد صلح الحديبية. وفتح خيبر، يقول في قنوته: اللهم أنج الوليد بن الوليد، الخ. قال به، ولم يعط النظر حقه الذي دعا فيه على رعل. وذكوان، كما في حديث أبي هريرة، عند مسلم. والطحاوي، وحديث عبد الرحمن بن أبي بكر، عند الطحاوي. والحازمي، وكذا ما قال الحازمي: ص 72، والطحاوي: ص 146، إن قوله: بلغنا، الخ من كلام الزهري لا دليل عليه، والظاهر من رواية البخاري أنه من كلام أبي هريرة، نعم في بعض روايات الحديث، عند مسلم، ص 237 عن الوليد بن مسلم عن الأوزاعي عن يحيى بن أبي كثير من قوله: ثم رأيت رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ترك الدعاء الحديث. دلالة على حضور أبي هريرة تلك الصلاة، ولعل على هذا اعتمد من قال: بعد صلح الحديبية، وبعد فتح خيبر، لأن أبا هريرة حضر تلك الصلاة، وقد أسلم بعدهما، فلابد، أما القول بخطأ هذه الرواية، ولعل أبا هريرة قال: ثم رأينا، وهذا سائغ، فغيره بعض من روى الحديث، بقوله: ثم رأيت، وهذا أهون، وقد تقدم مثله في قصة ذي اليدين، أو القول: بأن زيادة: العن على لحيان. ورعلاً الحديث، بهذا اللفظ، عند مسلم، وعنه التعبير بما عند البخاري: اللهم العن فلانا. وفلانا لأحياء من العرب كلاهما خطأ، فإذا ترددت الصحة بين خطأ وخطأ، فحديث الوليد أولى بالخطأ، لأنه مدلس، مسوى، وشيخه الأوزاعي روى عن يحيى بن أبي كثير، وقد قال ابن معين: ليس بثبت، في الزهري، وفي يحيى بن أبي كثير، وروى الحازمي في "الاعتبار" ص 72 حديث أبي هريرة هذا من طريق حرب بن شداد عن يحيى بن أبي كثير، وفيه بعد قوله: كسني يوسف، فلم يزل يدعو لهم حتى نجاهم الله تعالى، حتى كان صبيحة الفطر، ثم ترك الدعاء لهم، فقال عمر بن الخطاب: يا رسول الله، مالك لم تدع للنفر؟ قال: "أو علمت أنهم قدموا"؟ ويمكن أن يكون قوله في الحديث: قال أبو هريرة، الخ، منقطعاً، وإن كان الظاهر خلافه، والله أعلم.

الصفحة 128