كتاب نصب الراية (اسم الجزء: 2)

اخْتَلَفَتْ فِي ذَلِكَ، فَأَخْرَجَ أَبُو دَاوُد1. وَالتِّرْمِذِيُّ عَنْ أَبِي الْمُثَنَّى عَنْ ابْنِ عُمَرَ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "رَحِمَ اللَّهُ امرءً صَلَّى قَبْلَ الْعَصْرِ أَرْبَعًا"، انْتَهَى. قَالَ التِّرْمِذِيُّ: حَدِيثٌ حَسَنٌ غَرِيبٌ. وَرَوَاهُ أَحْمَدُ فِي "مُسْنَدِهِ". وَابْنُ خُزَيْمَةَ، ثُمَّ ابْنُ حِبَّانَ فِي "صحيحهما"، قَالَ ابْنُ حِبَّانَ: وَالْمُرَادُ أَنَّهَا بِتَسْلِيمَتَيْنِ، لِمَا جَاءَ فِي خَبَرِ يَعْلَى بْنِ عَطَاءٍ عَنْ عَلِيِّ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ الْأَزْدِيِّ عَنْ ابْنِ عُمَرَ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "صَلَاةُ اللَّيْلِ وَالنَّهَارِ مَثْنَى مَثْنَى"، انْتَهَى كَلَامُهُ. وَقَدْ تَقَدَّمَ لِلنَّسَائِيِّ. وَابْنِ حِبَّانَ. وَالْحَاكِمِ فِي حَدِيثِ أُمِّ حَبِيبَةَ: وَرَكْعَتَيْنِ قَبْلَ الْعَصْرِ، وَأَخْرَجَ أَبُو دَاوُد عَنْ عَاصِمِ بْنِ ضَمْرَةَ عَنْ عَلِيٍّ أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَانَ يُصَلِّي قَبْلَ الْعَصْرِ رَكْعَتَيْنِ، انْتَهَى. وَرَوَاهُ التِّرْمِذِيُّ2. وَأَحْمَدُ، وَقَالَا: أَرْبَعًا، عِوَضَ: رَكْعَتَيْنِ، وَقَالَ التِّرْمِذِيُّ: حَدِيثٌ حَسَنٌ، وَاخْتَارَ إسْحَاقُ بْنُ إبْرَاهِيمَ أَنْ لَا يَفْصِلَ فِي الْأَرْبَعِ قَبْلَ الْعَصْرِ، وَاحْتَجَّ بِهَذَا الْحَدِيثِ، وَقَالَ "يَعْنِي قَوْلَهُ: يَفْصِلُ التَّسْلِيمَ عَلَى الْمَلَائِكَةِ": يَعْنِي التَّشَهُّدَ3، انْتَهَى كَلَامُهُ. وَهَذَا يَرُدُّ قَوْلَ ابْنِ حِبَّانَ، إنَّهَا بِتَسْلِيمَتَيْنِ، وَأَعَادَهُ التِّرْمِذِيُّ فِي "آخِرِ الصَّلَاةِ فِي بَابِ تَطَوُّعِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِالنَّهَارِ"، وَزَادَ فِيهَا: يَفْصِلُ بَيْنَ كُلِّ رَكْعَتَيْنِ بِالتَّسْلِيمِ عَلَى الْمَلَائِكَةِ الْمُقَرَّبِينَ، وَالنَّبِيِّينَ، وَالْمُرْسَلِينَ، وَمَنْ تَبِعَهُمْ مِنْ الْمُؤْمِنِينَ، وَالْمُسْلِمِينَ، انْتَهَى. وَقَالَ: حَدِيثٌ حَسَنٌ، وَرُوِيَ عَنْ ابْنِ الْمُبَارَكِ أَنَّهُ ضَعَّفَ هَذَا الْحَدِيثَ، وَإِنَّمَا ضَعَّفَهُ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ مِنْ أَجْلِ عَاصِمِ بْنِ ضَمْرَةَ، وَعَاصِمُ بْنُ ضَمْرَةَ ثِقَةٌ عِنْدَ بَعْضِ أَهْلِ الْحَدِيثِ، قَالَ عَلِيُّ بْنُ الْمَدِينِيِّ: قَالَ يَحْيَى بْنُ سَعِيدٍ الْقَطَّانُ: قَالَ سُفْيَانُ: كُنَّا نَعْرِفُ فَضْلَ حَدِيثِ عَاصِمِ بْنِ ضَمْرَةَ على حَدِيثِ الْحَارِثِ، انْتَهَى كَلَامُهُ. وَفِي عَاصِمٍ مَقَالٌ، وَصَحَّ قَوْلُهُ أَيْضًا: وَذَكَرَ فِيهِ رَكْعَتَيْنِ بَعْدَ الْعِشَاءِ، وَقَوْلُهُ: وَفِي غَيْرِهِ ذَكَرَ الْأَرْبَعَ، عَزَى إلَى سُنَنِ سَعِيدِ بْنِ مَنْصُورٍ، مِنْ حَدِيثِ الْبَرَاءِ بْنِ عَازِبٍ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "مَنْ صَلَّى قَبْلَ الظُّهْرِ أَرْبَعًا، كَانَ كَأَنَّمَا تَهَجَّدَ مِنْ لَيْلَتِهِ، وَمَنْ صَلَّاهُنَّ بَعْدَ الْعِشَاءِ، كَانَ كَمِثْلِهِنَّ مِنْ لَيْلَةِ الْقَدْرِ, وَرَوَاهُ الْبَيْهَقِيُّ مِنْ قَوْلِ عَائِشَةَ , قَالَتْ: مَنْ صَلَّى أَرْبَعًا بَعْدَ الْعِشَاءِ , كَانَ كَمِثْلِهِنَّ مِنْ لَيْلَةِ الْقَدْرِ ," وَأَخْرَجَ النَّسَائِيّ4. والدارقطني مِنْ قَوْلِ كَعْبٍ. وَرَوَى إسْحَاقُ بْنُ رَاهْوَيْهِ في "مسنده 5"
__________
1 في "باب الصلاة قبل العصر" ص 187، والترمذي في "باب الأربع قبل العصر" ص 58، وأحمد: ص 117 ج 2، والبيهقي: ص 473 ج 2.
2 في "باب كيف كان النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يتطوع بالنهار" ص 77، وأحمد في "مسنده" ص 85 ج 1، والدارقطني: ص 194، والنسائي قبيل "كتاب الافتتاح" ص 140.
3 أخرج الدارقطني في "السنن" ص 140 حديث أبي سعيد، وفي آخره: وفي كل ركعتين، فسلم، ثم قال: قال: أبو حنيفة "يعني التشهد".
4 أخرجه البيهقي في "السنن" ص 477 ج 2، والنسائي في "باب القدر الذي إذا سرقه السارق قطع يده" ص 259 ج 2، وكذا الدارقطني: ص 365.
5 قلت: وروى أحمد: ص 125، وص 144، عن وكيع عن سفيان، وروى أبو داود في "التطوع في باب من رخص فيهما إذا كانت الشمس مرتفعة" ص 188 ج 1، والشافعي في "كتاب الأم" ص 154 ج 7، والطحاوي: ص 179، والبيهقي: ص 459 ج 2، كلهم من طريق سفيان هكذا، وروى أحمد من طريق مطرف

الصفحة 139