كتاب نصب الراية (اسم الجزء: 2)
بَابُ صَلَاةِ الْمَرِيضِ
الْحَدِيثُ السَّادِسُ وَالثَّلَاثُونَ بَعْدَ الْمِائَةِ: قَالَ عليه السلام، لِعِمْرَانَ بْنِ حُصَيْنٍ: "صَلِّ قَائِمًا، فَإِنْ لَمْ تَسْتَطِعْ، فَقَاعِدًا، فَإِنْ لَمْ تَسْتَطِعْ، فَعَلَى الْجَنْبِ، تُومِئُ إيمَاءً،" قُلْت: أَخْرَجَهُ الْجَمَاعَةُ1 إلَّا مُسْلِمًا عَنْ عِمْرَانَ بْنِ حُصَيْنٍ، قَالَ: كَانَتْ بِي بَوَاسِيرُ، فَسَأَلْت النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَنْ الصَّلَاةِ، فَقَالَ: "صَلِّ قَائِمًا، فَإِنْ لَمْ تَسْتَطِعْ، فَعَلَى جَنْبٍ"، زَادَ النَّسَائِيّ: فَإِنْ لَمْ تَسْتَطِعْ، فَمُسْتَلْقِيًا، لَا يُكَلِّفُ اللَّهُ نَفْسًا إلَّا وُسْعَهَا، انْتَهَى. وَوَهِمَ الْحَاكِمُ فِي "الْمُسْتَدْرَكِ"، فَقَالَ، بَعْدَ أَنْ رَوَاهُ كَذَلِكَ: هَذَا حَدِيثٌ صَحِيحٌ عَلَى شَرْطِ الشَّيْخَيْنِ، وَلَمْ يُخْرِجَاهُ، انْتَهَى. ذَكَرَهُ الْبُخَارِيُّ2 "عَقِيبَ صَلَاةِ الْمُسَافِرِ".
الْحَدِيثُ السَّابِعُ وَالثَّلَاثُونَ بَعْدَ الْمِائَةِ: قَالَ عليه السلام: "إنْ قَدَرْت أَنْ تَسْجُدَ عَلَى الْأَرْضِ، وَإِلَّا أَوْمِئْ بِرَأْسِكَ"، قُلْت: رُوِيَ مِنْ حَدِيثِ جَابِرٍ، وَمِنْ حَدِيثِ ابْنِ عُمَرَ.
أَمَّا حَدِيثُ جَابِرٍ، فَأَخْرَجَهُ الْبَزَّارُ فِي "مُسْنَدِهِ". وَالْبَيْهَقِيُّ فِي "الْمَعْرِفَةِ" عَنْ أَبِي بَكْرٍ الْحَنَفِيِّ ثَنَا سُفْيَانُ الثَّوْرِيُّ ثَنَا أَبُو الزُّبَيْرِ عَنْ جَابِرٍ، أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَادَ مَرِيضًا، فَرَآهُ يُصَلِّي عَلَى وِسَادَةٍ، فَأَخَذَهَا، فَرَمَى بِهَا، فَأَخَذَ عُودًا لِيُصَلِّيَ عَلَيْهِ، فَأَخَذَهُ، فَرَمَى بِهِ، وَقَالَ: صَلِّ عَلَى الْأَرْضِ إنْ اسْتَطَعْت، وَإِلَّا فَأَوْمِئْ إيمَاءً، وَاجْعَلْ سُجُودَك أَخْفَضَ مِنْ رُكُوعِك، انْتَهَى. قَالَ الْبَزَّارُ: لَا نَعْلَمُ أَحَدًا رَوَاهُ عَنْ الثَّوْرِيِّ إلَّا أَبُو بَكْرٍ الْحَنَفِيُّ، وَقَالَ الْبَيْهَقِيُّ: هُوَ يُعَدُّ فِي أَفْرَادِ أَبِي بَكْرٍ الْحَنَفِيِّ، وَقَدْ تَابَعَهُ عَبْدُ الْوَهَّابِ بْنُ عَطَاءٍ عَنْ الثَّوْرِيِّ، وَهَذَا يَحْتَمِلُ أَنْ يَكُونَ فِي وِسَادَةٍ مَرْفُوعَةٍ إلَى جَبْهَتِهِ، وَيَحْتَمِلُ أَنْ تَكُونَ مَوْضُوعَةً عَلَى الْأَرْضِ، وَاَللَّهُ أَعْلَمُ، انْتَهَى. وَقَالَ عَبْدُ الْحَقِّ فِي "أَحْكَامِهِ": رَوَاهُ أَبُو بَكْرٍ الْحَنَفِيُّ، وَكَانَ ثِقَةً عَنْ الثَّوْرِيِّ عَنْ أَبِي الزُّبَيْرِ عَنْ جَابِرٍ، وَلَا يَصِحُّ مِنْ حَدِيثِهِ إلَّا مَا ذَكَرَ فِيهِ السَّمَاعَ، أَوْ كَانَ مِنْ رِوَايَةِ اللَّيْثِ عَنْ أَبِي الزُّبَيْرِ، انْتَهَى.
طَرِيقٌ آخَرُ: رَوَاهُ أَبُو يَعْلَى الْمَوْصِلِيُّ فِي "مُسْنَدِهِ" حَدَّثَنَا أَبُو الرَّبِيعِ حَدَّثَنَا حَفْصُ بْنُ أَبِي دَاوُد عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ عَنْ عَطَاءٍ عَنْ جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ، قَالَ: عَادَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ3، الْحَدِيثَ.
__________
1 أخرجه البخاري: ص 150: والحاكم في "المستدرك" ص 315، وأبو داود في "باب صلاة القاعد" ص 144، والترمذي في "باب ما جاء أن صلاة القاعد على النصف من صلاة القائم" ص 49 ج 1، وابن ماجه في "باب صلاة المريض" ص 87)
2 ص 150 ج 1.
3 قلت: وفي "السنن الكبرى" ص 306 ج 2، وأعله أبو حاتم: ص 113 بالوقف، لكن الظاهر من كلامه أن أبا أسامة أيضاً تابع الثوري في الرفع، والله أعلم: وقال الهيثمي في "الزوائد" ص 148 ج 1: ورجال البزار رجال الصحيح، اهـ. وقال في "الدراية" ص 127: رجاله ثقات، اهـ.
الصفحة 175