كتاب نصب الراية (اسم الجزء: 2)

مِنْ سَحَابٍ وَلَا قَزَعَةٍ، وَمَا بَيْنَنَا وَبَيْنَ سَلْعٍ مِنْ بَيْتٍ وَلَا دَارٍ، قَالَ: فَطَلَعَتْ مِنْ وَرَائِهِ سَحَابَةٌ مِثْلُ التُّرْسِ، فَلَمَّا تَوَسَّطَتْ السَّمَاءَ انْتَشَرَتْ، ثُمَّ أَمْطَرَتْ، فَلَمْ يَزَلْ الْمَطَرُ إلَى الْجُمُعَةِ الْأُخْرَى، قَالَ: ثُمَّ جَاءَ رَجُلٌ مِنْ ذَلِكَ الْبَابِ فِي الْجُمُعَةِ الْمُقْبِلَةِ، وَرَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَائِمٌ يَخْطُبُ، فَاسْتَقْبَلَهُ قَائِمًا. فَقَالَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ هَلَكَتْ الْأَمْوَالُ، وَانْقَطَعَتْ السُّبُلُ، فَادْعُ اللَّهَ يُمْسِكُهَا عَنَّا، قَالَ: فَرَفَعَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَدَيْهِ، ثُمَّ قَالَ: "اللَّهُمَّ حَوَالَيْنَا وَلَا عَلَيْنَا، اللَّهُمَّ عَلَى الْآكَامِ. وَالظِّرَابِ. وَبُطُونِ الْأَوْدِيَةِ. وَمَنَابِتِ الشَّجَرِ"، قَالَ: فَانْقَلَعَتْ، وَخَرَجْنَا نَمْشِي فِي الشَّمْسِ، قَالَ شَرِيكٌ: فَسَأَلْت أَنَسَ بْنَ مَالِكٍ، أَهْوَ الرَّجُلُ الْأَوَّلُ؟ قَالَ: لَا أَدْرِي، انْتَهَى. وَفِي لَفْظٍ لِلْبُخَارِيِّ1، فَقَامَ إلَيْهِ ذَلِكَ الرَّجُلُ. أَوْ غَيْرُهُ، وَفِي لَفْظٍ2: ثُمَّ جَاءَ الرَّجُلُ، فَقَالَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ بَشِقَ الْمُسَافِرُ، وَمُنِعَ الطَّرِيقَ، وَفِي لَفْظٍ3: ثُمَّ جَاءَ، فَقَالَ: تَهَدَّمَتْ الْبُيُوتُ، وَفِي هَذَيْنِ اللَّفْظَيْنِ، أَنَّ الْقَائِلَ رَجُلٌ وَاحِدٌ، وَفِيمَا تَقَدَّمَ شَكٌّ وَتَرَدُّدٌ، وَمِمَّا وَرَدَ فِيهِ ذِكْرُ الصَّلَاةِ مَعَ الِاسْتِسْقَاءِ، مَا أَخْرَجَهُ الْأَئِمَّةُ السِّتَّةُ4 عَنْ عَبَّادِ بْنِ تَمِيمٍ عَنْ عَمِّهِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ زَيْدِ بْنِ عَاصِمٍ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ خَرَجَ بِالنَّاسِ يَسْتَسْقِي، فصلى بهم ركعتين، حوَّل رِدَاءَهُ، وَرَفَعَ يَدَيْهِ، فَدَعَّى وَاسْتَسْقَى، وَاسْتَقْبَلَ الْقِبْلَةَ، انْتَهَى. زَادَ الْبُخَارِيُّ5: فِيهِ جَهَرَ فِيهِمَا بِالْقِرَاءَةِ، وَلَيْسَ هَذَا عِنْدَ مُسْلِمٍ.
الْحَدِيثُ الثَّانِي: رَوَى ابْنُ عَبَّاسٍ أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ صَلَّى فِي الِاسْتِسْقَاءِ رَكْعَتَيْنِ، كَصَلَاةِ الْعِيدِ، قُلْت: أَخْرَجَهُ أَصْحَابُ السُّنَنِ الْأَرْبَعَةِ6 عَنْ إسْحَاقَ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ كِنَانَةَ، قَالَ: أرسلني الوليد بن عتبة وَكَانَ أَمِيرَ الْمَدِينَةِ إلَى ابْنِ عَبَّاسٍ أَسْأَلَهُ عَنْ اسْتِسْقَاءِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَقَالَ: خَرَجَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مُبْتَذِلًا مُتَوَاضِعًا مُتَضَرِّعًا، حَتَّى أَتَى الْمُصَلَّى، فَلَمْ يَخْطُبْ خُطْبَتَكُمْ هَذِهِ، وَلَكِنْ لَمْ يَزَلْ فِي الدُّعَاءِ وَالتَّضَرُّعِ وَالتَّكْبِيرِ. وَصَلَّى رَكْعَتَيْنِ، كَمَا كَانَ يُصَلِّي فِي الْعِيدِ، انْتَهَى. قَالَ التِّرْمِذِيُّ: حَدِيثٌ حَسَنٌ صَحِيحٌ، وَرَوَاهُ الْحَاكِمُ فِي "الْمُسْتَدْرَكِ"، وَسَكَتَ عَنْهُ، قَالَ الْمُنْذِرِيُّ فِي "مُخْتَصَرِهِ"7: رِوَايَةُ إسْحَاقَ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ كِنَانَةَ عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ. وَأَبِي هُرَيْرَةَ مُرْسَلَةٌ، انْتَهَى. وَرَوَاهُ ابْنُ حِبَّانَ
__________
1 في "باب الاستسقاء على المنبر" ص 138.
2 عند البخاري في "باب رفع الناس أيديهم مع الإِمام" ص 140.
3 عند البخاري في "باب من اكتفى بصلاة الجمعة في الاستسقاء" ص 138.
4 البخاري في "الاستسقاء" ص 137، ومسلم فيه: ص 293، وأبو داود فيه: ص 171، والنسائي فيه: ص 224، والترمذي: ص 72، كأن اللفظ له، وابن ماجه: ص 91.
5 البخاري في "باب الجهر بالقراءة في الاستسقاء" ص 139، والنسائي: ص 224، وأبو داود: ص 171، والترمذي: ص 72.
6 أبو داود في "الاستسقاء" ص 172، والنسائي في "باب كيف صلاة الاستسقاء" ص 226، والترمذي في "الاستسقاء" ص 73، وابن ماجه فيه: ص 91، والحاكم في "المستدرك" ص 327، والطحاوي: ص 191.
7 وقال الحافظ في "الدراية": وقلت: وهم من زعم أن إسحاق لم يسمع من ابن عباس، اهـ.
* تأخر

الصفحة 239