كتاب نصب الراية (اسم الجزء: 2)

فِي النَّاسِ، فَقَالَ: مَنْ عِنْدَهُ مِنْ هَذَيْنِ عِلْمٌ، أَوْ من رآهما، فليجيء بِهِمَا، فَأَمَرَ بِهِمَا فَصُلِبَا، فَكَانَا أَوَّلَ مَصْلُوبٍ بِالْمَدِينَةِ، انْتَهَى. ثُمَّ أَخْرَجَهُ عَنْ الْوَلِيدِ بْنِ جُمَيْعٍ عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ خَلَّادٍ عَنْ أُمِّ وَرَقَةَ بِهَذَا الْحَدِيثِ، قَالَ: وَكَانَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَزُورُهَا فِي بَيْتِهَا، وَجَعَلَ لَهَا مُؤَذِّنًا يُؤَذِّنُ لَهَا، وَأَمَرَهَا أَنْ تَؤُمَّ أَهْلَ دَارِهَا، قَالَ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ خَلَّادٍ: فَأَنَا رَأَيْت مُؤَذِّنَهَا شَيْخًا كَبِيرًا، انْتَهَى. وَرَوَاهُ الْحَاكِمُ فِي "الْمُسْتَدْرَكِ1"، وَلَفْظُهُ: وَأَمَرَهَا أَنْ تَؤُمَّ أَهْلَ دَارِهَا فِي الْفَرَائِضِ، وَقَالَ: لَا أَعْرِفُ فِي الْبَابِ حَدِيثًا مُسْنَدًا غَيْرَ هَذَا، وَقَدْ احْتَجَّ مُسْلِمٌ بِالْوَلِيدِ بْنِ جُمَيْعٍ، انْتَهَى. وَقَالَ الْمُنْذِرِيُّ فِي "مُخْتَصَرِهِ": الْوَلِيدُ بْنُ جُمَيْعٍ، فِيهِ مَقَالٌ، وَقَدْ أَخْرَجَ لَهُ مُسْلِمٌ، انْتَهَى. وَقَالَ ابْنُ الْقَطَّانِ فِي "كِتَابِهِ "الْوَلِيدُ بْنُ جُمَيْعٍ. وَعَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ خَلَّادٍ، لَا يُعْرَفُ حَالُهُمَا، انْتَهَى. قُلْت: ذَكَرَهُمَا ابْنُ حِبَّانَ فِي الثِّقَاتِ.
حَدِيثٌ آخَرُ: أَخْرَجَهُ ابْنُ عَدِيٍّ فِي "الْكَامِلِ". وَأَبُو الشَّيْخِ الْأَصْبَهَانِيُّ فِي "كِتَابِ الْأَذَانِ" عَنْ الْحَكَمِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ سَعْدٍ الْأَيْلِيِّ عَنْ الْقَاسِمِ بْنِ مُحَمَّدٍ عَنْ أَسْمَاءَ بِنْتِ أَبِي بَكْرٍ أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، قَالَ: "لَيْسَ عَلَى النِّسَاءِ أَذَانٌ، وَلَا إقَامَةٌ، وَلَا جُمُعَةٌ، وَلَا اغْتِسَالٌ، وَلَا تَتَقَدَّمُهُنَّ امْرَأَةٌ، وَلَكِنْ تَقُومُ وَسَطَهُنَّ"، انْتَهَى. ثُمَّ أَسْنَدَ ابْنُ عَدِيٍّ عَنْ ابْنِ مَعِينٍ أَنَّهُ قَالَ: الْحَكَمُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ سَعْدٍ لَيْسَ بِثِقَةٍ، وَلَا مَأْمُونٍ، وَعَنْ الْبُخَارِيِّ، قَالَ: تَرَكُوهُ، وَعَنْ النَّسَائِيّ، قَالَ: مَتْرُوكُ الْحَدِيثِ، وَكَانَ ابْنُ الْمُبَارَكِ يُوهِنُهُ2، انْتَهَى. وَهَذَا الْحَدِيثُ أَنْكَرَهُ ابْنُ الْجَوْزِيِّ فِي "التَّحْقِيقِ" فَقَالَ: وَحَكَى أَصْحَابُنَا أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، قَالَ: "لَيْسَ عَلَى النِّسَاءِ أَذَانٌ، وَلَا إقَامَةٌ"، وَهَذَا لَا نَعْرِفُهُ مَرْفُوعًا، إنَّمَا هُوَ شَيْءٌ يُرْوَى عَنْ الْحَسَنِ الْبَصْرِيِّ. وَإِبْرَاهِيمَ النَّخَعِيّ، وَرَدَّهُ الشَّيْخُ فِي "الْإِمَامِ" وَاَللَّهُ أَعْلَمُ.
حَدِيثٌ آخَرُ: مَوْقُوفٌ، رَوَاهُ عَبْدُ الرزاق في "مصنه 3" أَخْبَرَنَا إبْرَاهِيمُ بْنُ مُحَمَّدٍ عَنْ دَاوُد بْنِ الْحُصَيْنِ عَنْ عِكْرِمَةَ عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ، قَالَ: تَؤُمُّ الْمَرْأَةُ النِّسَاءَ، تَقُومُ فِي وَسَطِهِنَّ، انْتَهَى.
قَوْلُهُ: وَحَمَلَ فِعْلَهَا الْجَمَاعَةُ عَلَى ابْتِدَاءِ الْإِسْلَامِ، قَالَ السُّرُوجِيُّ: وَهَكَذَا فِي "الْمَبْسُوطِ وَالْمُحِيطِ"، وَفِيهِ: بُعْدٌ، لِأَنَّهُ عليه السلام أَقَامَ بِمَكَّةَ بَعْدَ النُّبُوَّةِ ثَلَاثَ عَشْرَةَ سَنَةً، كَمَا رَوَاهُ الْبُخَارِيُّ4 وَمُسْلِمٌ، ثُمَّ تَزَوَّجَ5 عَائِشَةَ بِالْمَدِينَةِ، وَبَنَى بِهَا، وَهِيَ بِنْتُ تِسْعِ، وَبَقِيَتْ عِنْدَهُ
__________
1 ص 203 ج 1.
2 في نسخة "يوهيه".
3 والبيهقي في "السنن" ص 131 ج 3، وابن حزم في "المحلى" ص 128 ج 3.
4 في "الهجرة" ص 52 من حديث ابن عباس، ومسلم في "الفضائل في باب قدر عمره صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ" ص 260 ج 2.
5 قوله: تزوج، أي نبي بها، أخرج البخاري في "النكاح في باب إنكاح الرجل ولده الصغار" ص 771 من حديث عائشة. ومسلم في النكاح في باب تزويج الأب البكر الصغيرة" ص 456 ج 1.

الصفحة 32