كتاب نصب الراية (اسم الجزء: 2)

عليه السلام تِسْعَ سِنِينَ، وَمَا تُصَلِّي إمَامًا، إلَّا بَعْدَ بُلُوغِهَا، فَكَيْفَ يَسْتَقِيمُ حَمْلُهُ عَلَى ابْتِدَاءِ الْإِسْلَامِ؟!، لَكِنْ يُمْكِنُ أَنْ يُقَالَ: إنَّهُ مَنْسُوخٌ، وَفَعَلْنَ ذَلِكَ حِينَ كَانَ النِّسَاءُ يَحْضُرْنَ الْجَمَاعَاتِ، ثُمَّ نُسِخَتْ جَمَاعَتُهُنَّ، انْتَهَى.
الْحَدِيثُ السَّادِسُ وَالسِّتُّونَ: رُوِيَ أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ صَلَّى بِابْنِ عَبَّاسٍ، فَأَقَامَهُ عَنْ يَمِينِهِ، قُلْت: أَخْرَجَهُ الْأَئِمَّةُ السِّتَّةُ فِي "كُتُبِهِمْ1" عَنْ كُرَيْبٌ مَوْلَى ابْنِ عَبَّاسٍ، قَالَ: بِتُّ عِنْدَ خَالَتِي مَيْمُونَةَ، فَقَامَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مِنْ اللَّيْلِ، فَأَطْلَقَ الْقِرْبَةَ فَتَوَضَّأَ، ثُمَّ أَوْكَأَ الْقِرْبَةَ، ثُمَّ قَامَ إلَى الصَّلَاةِ، فَقُمْت فَتَوَضَّأْت، كَمَا تَوَضَّأَ، ثُمَّ جِئْت فَقُمْت عَنْ يَسَارِهِ، فَأَخَذَنِي بِيَمِينِهِ فَأَدَارَنِي مِنْ وَرَائِهِ، فَأَقَامَنِي عَنْ يَمِينِهِ، فَصَلَّيْت مَعَهُ، انْتَهَى. أَخْرَجُوهُ مُخْتَصَرًا وَمُطَوَّلًا.
الْحَدِيثُ السَّابِعُ وَالسِّتُّونَ: رُوِيَ عَنْ ابْنِ مَسْعُودٍ أَنَّهُ أَمَّ اثْنَيْنِ، فَتَوَسَّطَهُمَا، قُلْت: أَخْرَجَهُ مُسْلِمٌ فِي "صَحِيحِهِ2" عَنْ إبْرَاهِيمَ عَنْ عَلْقَمَةَ. وَالْأَسْوَدِ أَنَّهُمَا دَخَلَا عَلَى عَبْدِ اللَّهِ، فَقَالَ: أَصَلَّى مَنْ خَلْفَكُمْ؟ قَالَا: نَعَمْ، فَقَامَ بَيْنَهُمَا، فَجَعَلَ أَحَدَهُمَا عَنْ يَمِينِهِ. وَالْآخَرَ عَنْ شِمَالِهِ، ثُمَّ رَكَعْنَا، فَوَضَعْنَا أَيْدِيَنَا عَلَى رُكَبِنَا، ثُمَّ طَبَقَ بَيْنَ يَدَيْهِ، ثُمَّ جَعَلَهُمَا بَيْنَ فَخِذَيْهِ، فَلَمَّا صَلَّى، قَالَ: هَكَذَا فَعَلَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، انْتَهَى. وَرَوَاهُ أَبُو دَاوُد فِي "سُنَنِهِ"، لَمْ يَذْكُرْ فِيهِ التَّطْبِيقَ، وَلَفْظُهُ: قَالَ: اسْتَأْذَنَ عَلْقَمَةُ. وَالْأَسْوَدُ عَلَى عَبْدِ اللَّهِ، فَأَذِنَ لَهُمَا، ثُمَّ قَامَ فَصَلَّى بَيْنَهُمَا، ثُمَّ قَالَ: هَكَذَا رَأَيْت رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَعَلَ، قَالَ الْمُنْذِرِيُّ فِي "مُخْتَصَرِهِ": قَالَ أَبُو عُمَرَ بْنُ عَبْدِ الْبَرِّ: هَذَا الْحَدِيثُ لَا يَصِحُّ رَفْعُهُ، وَالصَّحِيحُ عِنْدَهُمْ التَّوْقِيفُ عَلَى ابْنِ مَسْعُودٍ، أَنَّهُ صَلَّى كَذَلِكَ بِعَلْقَمَةَ. وَالْأَسْوَدِ، قَالَ: وَهَذَا الَّذِي أَشَارَ إلَيْهِ أبو عمرو قَدْ أَخْرَجَهُ مُسْلِمٌ فِي "صَحِيحِهِ" أَنَّ ابْنَ مَسْعُودٍ صَلَّى بِعَلْقَمَةَ، وَالْأَسْوَدِ، وَهُوَ مَوْقُوفٌ، وَقَالَ بَعْضُهُمْ: إنَّهُ مَنْسُوخٌ، لِأَنَّهُ إنَّمَا تَعَلَّمَ هَذِهِ الصَّلَاةَ مِنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَهُوَ بِمَكَّةَ، وَفِيهَا التَّطْبِيقُ، وَأَحْكَامٌ أُخْرَى، هِيَ الْآنَ مَتْرُوكَةٌ، وَهَذَا الْحُكْمُ مِنْ جُمْلَتِهَا، وَلَمَّا قَدِمَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الْمَدِينَةَ تَرَكَهُ، انْتَهَى كَلَامُهُ، وَقَالَ النَّوَوِيُّ فِي "الْخُلَاصَةِ": الثَّابِتُ فِي "صَحِيحِ مُسْلِمٍ" أَنَّ ابْنَ مَسْعُودٍ فَعَلَ ذَلِكَ، وَلَمْ يَقُلْ: هَكَذَا كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَفْعَلُهُ، وَرَوَاهُ أَبُو دَاوُد3 مَرْفُوعًا بِسَنَدٍ فِيهِ هَارُونُ
__________
1 البخاري في "باب التخفيف في الوضوء" ص 25، وفي عشرين موضعاً غيره، ومسلم في "التهجد في باب صلاة النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بالليل" ص 260، وأبو داود في "باب الرجلين يؤم أحدهما صاحبه، كيف يقومان" ص 97 من حديث عطاء عن ابن عباس، والسياق سياقه، والنسائي في "باب الجماعة إذا كانوا اثنين" ص 135، والترمذي في "باب الرجل يصلي، ومعه رجل" ص 31، وابن ماجه: ص 70.
2 في "باب الندب إلى وضع الأيدي على الركب في الركوع" ص 202 ج 1، وأبو داود في "باب إذا كانوا ثلاثة، كيف يقومون" ص 97.
3 في "باب إذا كانوا ثلاثة، كيف يقومون، ص 96، والنسائي في "باب موقف الإمام إذا كانوا ثلاثة" ص 28.

الصفحة 33