كتاب نصب الراية (اسم الجزء: 2)
عَنْ يَزِيدَ بْنِ بِلَالٍ عَنْ عَلِيٍّ مَوْقُوفًا، وَقَالَ: كَيْسَانُ لَيْسَ بِالْقَوِيِّ1، وَيَزِيدُ بْنُ بِلَالٍ غَيْرُ مَعْرُوفٍ، انْتَهَى.
الْحَدِيثُ الثَّامِنَ عَشَرَ: قَالَ عليه السلام: "لَيْسَ مِنْ الْبِرِّ الصِّيَامُ فِي السَّفَرِ"، قُلْت: رَوَاهُ الْبُخَارِيُّ، وَمُسْلِمٌ2 مِنْ حَدِيثِ جَابِرٍ، قَالَ: كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي سَفَرٍ فَرَأَى زِحَامًا، وَرَجُلٌ قَدْ ظُلِّلَ عَلَيْهِ، فَقَالَ: "مَا هَذَا؟ " قَالُوا: صَائِمٌ، فَقَالَ: "لَيْسَ مِنْ الْبَرِّ الصَّوْمُ فِي السَّفَرِ"، انْتَهَى. وَزَادَ مُسْلِمٌ فِي لَفْظٍ: وَعَلَيْكُمْ بِرُخْصَةِ اللَّهِ الَّتِي رَخَّصَ لَكُمْ، انْتَهَى. وَرُوِيَ: "لَيْسَ مِنْ امْبِرِّ امْصِيَامُ فِي امْسَفَرِ" وَهِيَ لُغَةُ بَعْضِ الْعَرَبِ، رَوَاهَا عَبْدُ الرَّزَّاقِ فِي "مُصَنَّفِهِ" أَخْبَرَنَا مَعْمَرٌ عَنْ الزُّهْرِيِّ عَنْ صَفْوَانَ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ صَفْوَانَ بْنِ أُمَيَّةَ الْجُمَحِيِّ عَنْ أُمِّ الدَّرْدَاءِ عَنْ كَعْبِ بْنِ عَاصِمٍ الْأَشْعَرِيِّ عَنْ النَّبِيِّ عليه السلام، فَذَكَرَهُ، وَعَنْ عَبْدِ الرَّزَّاقِ رَوَاهُ أَحْمَدُ فِي "مُسْنَدِهِ"3، وَمِنْ طَرِيقِ أَحْمَدَ رَوَاهُ الطَّبَرَانِيُّ فِي "مُعْجَمِهِ"، وَالْمُصَنِّفُ رحمه الله اسْتَدَلَّ بِهَذَا الْحَدِيثِ عَلَى الشَّافِعِيِّ رضي الله تعالى عنه فِي قَوْلِهِ: الْفِطْرُ أَفْضَلُ لِمَنْ لَا يَسْتَضِرُّ بِالصَّوْمِ، وَهَذَا الْقَوْلُ لَا يَصِحُّ عَنْ الشافعي، ولا يحكى عَنْهُ، وَلَكِنَّهُ مَذْهَبُ أَحْمَدَ، وَهَكَذَا نَقَلَهُ عَنْهُ ابْنُ الْجَوْزِيِّ فِي "التَّحْقِيقِ"، وَاسْتَدَلَّ لَهُ بِهَذَا الْحَدِيثِ، وَلَيْسَ فِيهِ حُجَّةٌ، لِأَنَّ الْقِصَّةَ وَرَدَتْ فِي صِيَامِ مَنْ اسْتَضَرَّ بِالصَّوْمِ، وَلَكِنْ يُمْكِنُ أَنْ يُسْتَدَلَّ لِأَحْمَدَ بِحَدِيثٍ أَخْرَجَهُ مُسْلِمٌ عَنْ حَمْزَةَ بْنِ عَمْرٍو الْأَسْلَمِيِّ، أَنَّهُ قَالَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ أَجِدُ فِي قُوَّةً عَلَى الصِّيَامِ فِي السَّفَرِ، فَهَلْ عَلَيَّ جُنَاحٌ؟ فَقَالَ عليه السلام: "هِيَ رُخْصَةٌ مِنْ اللَّهِ، فَمَنْ أَخَذَ بِهَا فَحَسَنٌ، وَمَنْ أَحَبَّ أَنْ يَصُومَ فَلَا جُنَاحَ عَلَيْهِ"، انْتَهَى. وَكَذَلِكَ حَدِيثُ أُولَئِكَ الْعُصَاةُ، أَخْرَجَهُ مُسْلِمٌ أَيْضًا عَنْ جَابِرٍ: أَنَّ النَّبِيَّ عليه السلام خَرَجَ عَامَ الْفَتْحِ إلَى مَكَّةَ فِي رَمَضَانَ حَتَّى بَلَغَ كُرَاعَ الْغَمِيمِ فَصَامَ النَّاسُ، ثُمَّ دَعَا بِقَدَحٍ مِنْ مَاءٍ فَشَرِبَهُ، فَقِيلَ لَهُ: إنَّ بَعْضَ النَّاسِ قَدْ صَامَ، قَالَ: "أُولَئِكَ الْعُصَاةُ" وَهَذَا أَيْضًا مَحْمُولٌ عَلَى مَنْ اسْتَضَرَّ، بِدَلِيلِ مَا وَرَدَ فِي لَفْظٍ لِمُسْلِمٍ فِيهِ أَيْضًا، فَقِيلَ لَهُ: إنَّ النَّاسَ قَدْ شَقَّ عَلَيْهِمْ الصَّوْمُ، وَرَوَاهُ الْوَاقِدِيُّ فِي "الْمَغَازِي"، وَفِيهِ: وَكَانَ أَمَرَهُمْ بِالْفِطْرِ، فَلَمْ يَقْبَلُوا، وَأَمَّا حَدِيثُ: الصَّائِمُ فِي السَّفَرِ كَالْمُفْطِرِ فِي الْحَضَرِ، فَأَخْرَجَهُ ابْنُ مَاجَهْ فِي "سُنَنِهِ"4 عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مُوسَى التَّيْمِيِّ عَنْ أُسَامَةَ بْنِ زَيْدٍ عَنْ ابْنِ شِهَابٍ عَنْ أَبِي سَلَمَةَ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ عَوْفٍ عَنْ أَبِيهِ، قَالَ: قَالَ
__________
1 وثقه ابن حبان، وضعفه غيره "زوائد" ص 165 ج 3.
2 البخاري في "باب قول النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لمن ظلل عليه واشتد الحر" الخ: ص 261، ومسلم في "باب جواز الفطر والصوم للمسافر" ص 356.
3 أحمد في "مسنده" ص 434 ج 5 حدثنا عبد الرزاق أنا معمر به.
4 ابن ماجه في "باب الافطار في السفر" ص 121، وذكره ابن حزم في "المحلى" ص 258 ج 6، وقال: أسامة بن زيد الليثي لا نراه حجة لنا، ولا علينا، اهـ.
الصفحة 461