كتاب نصب الراية (اسم الجزء: 2)
عليه السلام أَنْ يَعْتَكِفَ فِي الْإِسْلَامِ، قَالَ الشَّافِعِيُّ رضي الله عنه: وَقَدْ صَحَّ عَنْهُ عليه السلام مِنْ رِوَايَةِ جَابِرٍ أَنَّهُ خَرَجَ مِنْ الْمَدِينَةِ حَتَّى إذَا كَانَ بِكُرَاعِ الْغَمِيمِ. وَهُوَ صَائِمٌ رَفَعَ إنَاءً فَشَرِبَ وَالنَّاسُ يَنْظُرُونَ، وَفِي لَفْظٍ: فَكَانَ ذَلِكَ بَعْدَ الْعَصْرِ، قَالَ الشَّافِعِيُّ: وَلَمَّا كَانَ لَهُ قَبْلَ أَنْ يَدْخُلَ فِي صَوْمِ الْفَرْضِ أَنْ لَا يَدْخُلَ فِيهِ لِعُذْرِ السَّفَرِ، كَانَ لَهُ إذَا دَخَلَ فِيهِ أَنْ يَخْرُجَ مِنْهُ، كَمَا فَعَلَ عليه السلام، فَالتَّطَوُّعُ أَوْلَى، انْتَهَى كَلَامُهُ مُلَخَّصًا.
حَدِيثٌ آخَرُ: حَدِيثُ أُمِّ هَانِئٍ مَرْفُوعًا: الصَّائِمُ الْمُتَطَوِّعُ أَمِيرُ نَفْسِهِ، إنْ شَاءَ صَامَ، وَإِنْ شَاءَ أَفْطَرَ، وَفِي سَنَدِهِ اخْتِلَافٌ، وَفِي لَفْظِهِ اخْتِلَافٌ، رَوَاهُ أَبُو دَاوُد1، وَالتِّرْمِذِيُّ، وَالنَّسَائِيُّ، وَرَوَاهُ الْبَيْهَقِيُّ، وَتَكَلَّمَ عَلَيْهِ.
قَوْلُهُ: عَنْ عُمَرَ، قَالَ: مَا تَجَانَفْنَا لِإِثْمٍ، قَضَاءُ يَوْمٍ عَلَيْنَا يَسِيرٌ، قُلْت: رَوَى ابْنُ أَبِي شَيْبَةَ فِي "مُصَنَّفِهِ" حَدَّثَنَا أَبُو مُعَاوِيَةَ عَنْ الْأَعْمَشِ عَنْ زَيْدِ بْنِ وَهْبٍ2، قَالَ: أُخْرِجَتْ عِسَاسٌ مِنْ بَيْتِ حَفْصَةَ، وَعَلَى السَّمَاءِ سَحَابٌ، فَظَنُّوا أَنَّ الشَّمْسَ قَدْ غَابَتْ، فَأَفْطَرُوا، وَلَمْ يَلْبَثُوا أَنْ تَجَلَّى السَّحَابُ، فَإِذَا الشَّمْسُ طَالِعَةٌ، فَقَالَ عُمَرُ: مَا تَجَانَفْنَا مِنْ إثْمٍ، انْتَهَى. حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ مُسْهِرٍ عَنْ الشَّيْبَانِيِّ عَنْ جَبَلَةَ3 بْنِ سُحَيْمٍ عَنْ عَلِيِّ بْنِ حَنْظَلَةَ عَنْ أَبِيهِ، قَالَ: شَهِدْتُ عُمَرَ بْنَ الْخَطَّابِ فِي رَمَضَانَ، وَقُرِّبَ إلَيْهِ شَرَابٌ، فَشَرِبَ بَعْضُ الْقَوْمِ، وَهُمْ يَرَوْنَ الشَّمْسَ قَدْ غَرَبَتْ، ثُمَّ ارْتَقَى الْمُؤَذِّنُ، فَقَالَ: يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ وَاَللَّهِ إنَّ الشَّمْسَ طَالِعَةٌ لَمْ تَغْرُبْ، فَقَالَ عُمَرُ: مَنْ كَانَ أَفْطَرَ فَلْيَصُمْ يَوْمًا مَكَانَهُ، وَمَنْ لَمْ يَكُنْ أَفْطَرَ فَلْيُتِمَّ حَتَّى تَغْرُبَ الشَّمْسُ، انْتَهَى. وَأَعَادَهُ مِنْ طَرِيقٍ آخَرَ، وَزَادَ فِيهِ: فَقَالَ لَهُ: إنَّمَا بَعَثْنَاك دَاعِيًا، وَلَمْ نَبْعَثْك رَاعِيًا، وَقَدْ اجْتَهَدْنَا، وَقَضَاءُ يَوْمٍ يَسِيرٌ، انْتَهَى. وَرَوَى مُحَمَّدُ بْنُ الْحَسَنِ فِي "كِتَابِ الْآثَارِ"4 أَخَبَرَنَا أَبُو حَنِيفَةَ عَنْ حَمَّادِ بْنِ أَبِي سَلَمَةَ عَنْ إبْرَاهِيمَ النَّخَعِيّ، قَالَ: أَفْطَرَ عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ وَأَصْحَابُهُ فِي يَوْمِ غَيْمٍ ظَنُّوا أَنَّ الشَّمْسَ غَابَتْ، قَالَ: فَطَلَعَتْ الشَّمْسُ، فَقَالَ عُمَرُ: مَا تَعَرَّضْنَا بِجَنَفٍ، نُتِمُّ هَذَا الْيَوْمَ، ثُمَّ نَقْضِي يَوْمًا مَكَانَهُ، انْتَهَى. وَأَخْرَجَ الْبُخَارِيُّ فِي "صَحِيحِهِ"5 عَنْ أَبِي أُسَامَةَ عَنْ هِشَامِ بْنِ عُرْوَةَ عَنْ فَاطِمَةَ بِنْتِ الْمُنْذِرِ عَنْ أَسْمَاءَ بِنْتِ أَبِي بَكْرٍ، قَالَتْ: أَفْطَرْنَا عَلَى
__________
1 قلت: حديث أم هانئ هذا أخرجه الترمذي في "باب إفطار الصائم المتطوع" ص 92، والحاكم في "المستدرك" ص 439، وأحمد في "مسنده" ص 343 ج 6، والطيالسي في: ص 225، والدارقطني ص 335، والبيهقي: ص 276 ج 4، قال صاحب "الجوهر": هذا الحديث مضطرب إسناداً ومتناً، ثم ذكر وجهه، اهـ. قال الدارقطني: إنما سمعه سماك عن ابن أم هانئ عن أبي صالح عن أم هانئ، اهـ، أبو صالح هو بازام مولى أم هانئ، ضعيف مدلس، قاله في "التقريب" ولم أجد الحديث في أبي داود، ولا في النسائي، والله أعلم.
2 والبيهقي: ص 217 ج 4 مع زيادة.
3 والبيهقي: ص 217 ج 4، وفيه عن صهيب أيضاً نحوه.
4 "كتاب الآثار" ص 45.
2 البخاري في "باب إذا أفطر في رمضان، ثم طلعت الشمس" ص 263.
الصفحة 469