كتاب نصب الراية (اسم الجزء: 2)

أَبِي الْأَشْعَثِ عَنْ شَدَّادِ بْنِ أَوْسٍ أَنَّهُ مَرَّ مَعَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ زَمَنَ الْفَتْحِ عَلَى رَجُلٍ يَحْتَجِمُ بِالْبَقِيعِ، لِثَمَانِ عَشْرَةَ خَلَتْ مِنْ رَمَضَانَ، فَقَالَ: "أَفْطَرَ الْحَاجِمُ وَالْمَحْجُومُ"، انْتَهَى. وَرَوَاهُ ابْنُ حِبَّانَ فِي "صَحِيحِهِ" فِي النَّوْعِ السَّادِسِ وَالْعِشْرِينَ، مِنْ الْقِسْمِ الْخَامِسِ، وَالْحَاكِمُ فِي "الْمُسْتَدْرَكِ"، وَقَالَ: هُوَ ظَاهِرُ الصِّحَّةِ، وَصَحَّحَهُ أَحْمَدُ1، وَابْنُ الْمَدِينِيِّ، وَإِسْحَاقُ بْنُ رَاهْوَيْهِ، وَاسْتَقْصَى النَّسَائِيُّ طُرُقَهُ، وَالِاخْتِلَافَ فِيهِ فِي "سُنَنِهِ الْكُبْرَى"، وَقَدْ رَوَى مُسْلِمٌ فِي "صَحِيحِهِ" بِهَذَا الْإِسْنَادِ حَدِيثَ: إنَّ اللَّهَ كَتَبَ الْإِحْسَانَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ، وَنَقَلَ الْحَاكِمُ فِي "الْمُسْتَدْرَكِ" عَنْ ابْنِ رَاهْوَيْهِ2، أَنَّهُ قَالَ: إسْنَادُهُ صَحِيحٌ تَقُومُ بِهِ الْحُجَّةُ، وَنَقَلَ عَنْ بَعْضِ الرُّوَاةِ أَنَّهُ زَادَ فِيهِ: وَالْمُسْتَحْجِمُ.
حَدِيثُ رَافِعِ بْنِ خَدِيجٍ: رَوَاهُ التِّرْمِذِيُّ3 مِنْ طَرِيقِ عَبْدِ الرَّزَّاقِ أَنْبَأَ مَعْمَرٌ عَنْ يَحْيَى بْنِ أَبِي كَثِيرٍ عَنْ إبْرَاهِيمَ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ قَارِظٍ عَنْ السَّائِبِ بْنِ يَزِيدَ عَنْ رَافِعِ بْنِ خَدِيجٍ عَنْ النَّبِيِّ عليه السلام، قَالَ: "أَفْطَرَ الْحَاجِمُ وَالْمَحْجُومُ"، انْتَهَى. قَالَ التِّرْمِذِيُّ: حَدِيثٌ حَسَنٌ صَحِيحٌ، قَالَ: وَذَكَرَ عَنْ أَحْمَدَ بْنِ حَنْبَلٍ أَنَّهُ قَالَ: هُوَ أَصَحُّ شَيْءٍ فِي هَذَا الْبَابِ، انْتَهَى4. وَرَوَاهُ ابْنُ حِبَّانَ فِي "صَحِيحِهِ"، وَالْحَاكِمُ فِي "مُسْتَدْرَكِهِ"، وَقَالَ: صَحِيحٌ عَلَى شَرْطِ الشَّيْخَيْنِ، وَنَقَلَ عَنْ أَحْمَدَ أَنَّهُ قَالَ: هُوَ أَصَحُّ شَيْءٍ فِي الْبَابِ، وَنَقَلَ عَنْ ابْنِ الْمَدِينِيِّ أَنَّهُ قَالَ: لَا أَعْلَمُ فِي الْبَابِ أَصَحَّ مِنْهُ، وَفِيمَا قَالَهُ نَظَرٌ، فَإِنَّ ابْنَ قَارِظٍ انْفَرَدَ بِهِ مُسْلِمٌ، قَالَ صَاحِبُ "التَّنْقِيحِ": قَالَ الْإِمَامُ أَحْمَدُ فِي هَذَا الْحَدِيثِ: تَفَرَّدَ بِهِ مَعْمَرٌ، وَفِيهِ نَظَرٌ، فَإِنَّ الْحَاكِمَ رَوَاهُ مِنْ حَدِيثِ مُعَاوِيَةَ بْنِ سَلَّامٍ عَنْ يَحْيَى بْنِ أَبِي كَثِيرٍ بإِساد صَحِيحٍ، فَلَمْ يَتَفَرَّدْ بِهِ مَعْمَرٌ إذًا، وَاَللَّهُ أَعْلَمُ. وَقَالَ أَبُو حَاتِمٍ الرَّازِيُّ5: هَذَا الْحَدِيثُ عِنْدِي بَاطِلٌ، وَقَالَ الْبُخَارِيُّ: هُوَ غَيْرُ مَحْفُوظٍ، وَقَالَ إسْحَاقُ بْنُ مَنْصُورٍ: هُوَ غَلَطٌ، وَقَالَ يَحْيَى بْنُ مَعِينٍ: هُوَ أَضْعَفُهَا، انْتَهَى كَلَامُ صَاحِبِ "التَّنْقِيحِ".
حَدِيثُ أَبِي مُوسَى: رَوَاهُ النَّسَائِيُّ مِنْ حَدِيثِ رَوْحِ بْنِ عُبَادَةَ عَنْ سَعِيدِ بْنِ أَبِي عَرُوبَةَ عَنْ مَطَرٍ الْوَرَّاقِ عَنْ بَكْرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ الْمُزَنِيّ عَنْ أَبِي رَافِعٍ عَنْ أَبِي مُوسَى، سَمِعْت رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، يَقُولُ: "أَفْطَرَ الْحَاجِمُ وَالْمَحْجُومُ"، انْتَهَى. وَرَوَاهُ الْحَاكِمُ فِي "مُسْتَدْرَكِهِ"6، وَقَالَ: حَدِيثٌ صَحِيحٌ
__________
1 قوله: وصححه أحمد، وابن المديني، الظاهر أنه عطف على قوله: ظاهر الصحة، وهذا هو الموافق للواقع، لكن السياق يأباه، وقوله: واستقصى النسائي طرقه، عطف على قوله: رواه ابن حبان.
2 وعن أبي يعقوب أنه حكم بالصحة.
3 الترمذي في "باب كراهية الحجامة للصائم" ص 96، وبهذا الإِسناد أحمد في "مسنده" ص 465 ج 3، والحاكم في "المستدرك" ص 428 ج 1، والبيهقي في "السنن" ص 265 ج 4، كلهم عن عبد الرزاق.
4 أي قول الترمذي.
5 أبو حاتم في "العلل" ص 249، راجعه.
6 "المستدرك" ص 430 ج 1، وابن جارود: ص 198، والطحاوي: ص 349، والبيهقي: ص 266 ج 4، وراجع "العلل" ص 234.

الصفحة 473