كتاب نصب الراية (اسم الجزء: 2)

الَّذِينَ صَلُّوا مَعَهُ، فَوَقَفُوا مَوْقِفَ أَصْحَابِهِمْ، ثُمَّ جَاءَ أُولَئِكَ، فَصَلُّوا خَلْفَهُ، فَصَلَّى بِهِمْ رَكْعَتَيْنِ، ثُمَّ سَلَّمَ، فَكَانَتْ لِرَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَرْبَعًا، وَلِأَصْحَابِهِ رَكْعَتَيْنِ رَكْعَتَيْنِ، انْتَهَى. فَصَلَاتُهُ الثَّانِيَةُ وَقَعَتْ نَفْلًا لَهُ، وَفَرْضًا لِأَصْحَابِهِ، وَهُمْ الْفِرْقَةُ الثَّانِيَةُ، وَالْحَدِيثُ فِي مُسْلِمٍ1 مِنْ رِوَايَةِ جَابِرٍ، وَلَيْسَ فِيهِ التَّسْلِيمُ مِنْ الرَّكْعَتَيْنِ، أَخْرَجَهُ عَنْ أَبِي سَلَمَةَ عَنْ جَابِرٍ، قَالَ: أَقْبَلْنَا عَلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ حَتَّى إذَا كنا بذات الرقاع، إلَى أَنْ قَالَ: ثُمَّ نُودِيَ بِالصَّلَاةِ، فَصَلَّى بِطَائِفَةٍ رَكْعَتَيْنِ، ثُمَّ تَأَخَّرُوا، وَصَلَّى بِالطَّائِفَةِ الْأُخْرَى رَكْعَتَيْنِ، قَالَ: وكانت لرسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَرْبَعُ رَكَعَاتٍ، وَلِلْقَوْمِ رَكْعَتَانِ، وَذَكَرَهُ الْبُخَارِيُّ مُعَلَّقًا فِي "الْمَغَازِي فِي غَزْوَةِ ذَاتِ الرِّقَاعِ"، فَقَالَ: وَقَالَ أَبَانُ: حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ أَبِي كَثِيرٍ عَنْ أَبِي سَلَمَةَ عَنْ جَابِرٍ، قَالَ: أَقْبَلْنَا، الْحَدِيثُ، وَرَوَاهُ أَيْضًا مُتَّصِلًا بِإِسْنَادِهِ، لَكِنْ لَمْ يَذْكُرْ فِيهِ قِصَّةَ الصَّلَاةِ، وَوَهِمَ النَّوَوِيُّ فِي "الْخُلَاصَةِ" فَذَكَرَهُ بِاللَّفْظِ الْمَذْكُورِ، وَقَالَ: مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ، انْتَهَى. وَعَزَا حَدِيثَ أَبِي بَكْرَةَ، لِأَبِي دَاوُد. وَالتِّرْمِذِيِّ، وَلَمْ يَرْوِهِ التِّرْمِذِيُّ أَصْلًا، وَلَكِنِّي لَمْ أَعْتَمِدْ عَلَى النُّسْخَةِ، فَلْيُرَاجَعْ، وَلَفْظُ "الصَّحِيحَيْنِ" هَذَا قَدْ يُفْهَمُ مِنْهُ أَنَّهُ لَمْ يُسَلِّمْ مِنْ الرَّكْعَتَيْنِ، وَهُوَ الْأَقْرَبُ، كَمَا فَهِمَهُ الْقُرْطُبِيُّ فِي "شَرْحِ مُسْلِمٍ"، وَقَدْ يُفْهَمُ مِنْهُ أَنَّهُ سَلَّمَ مِنْ الرَّكْعَتَيْنِ، وَيُفَسِّرُهُ حَدِيثُ أَبِي بَكْرَةَ، كَمَا فَهِمَهُ النَّوَوِيُّ، بَلْ قَدْ جَاءَ مُفَسَّرًا مِنْ رِوَايَةِ جَابِرٍ: أَنَّهُ سَلَّمَ مِنْ الرَّكْعَتَيْنِ، كَمَا رَوَاهُ الْبَيْهَقِيُّ فِي "الْمَعْرِفَةِ" مِنْ طَرِيقِ الشَّافِعِيِّ2 أَخْبَرَنَا الثِّقَةُ ابْنُ عُلَيَّةَ، أَوْ غَيْرُهُ عَنْ يُونُسَ عَنْ الْحَسَنِ عَنْ جَابِرٍ: أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، كَانَ يُصَلِّي بِالنَّاسِ، صَلَاةَ الظُّهْرِ فِي "الْخَوْفِ" بِبَطْنِ نَخْلَةَ، فَصَلَّى بِطَائِفَةٍ رَكْعَتَيْنِ، ثُمَّ سَلَّمَ، ثُمَّ جَاءَتْ طَائِفَةٌ أُخْرَى، فَصَلَّى بِهِمْ رَكْعَتَيْنِ، ثُمَّ سَلَّمَ، انْتَهَى. وَأَخْرَجَ الدَّارَقُطْنِيُّ عَنْ عَنْبَسَةَ عَنْ الْحَسَنِ عَنْ جَابِرٍ، أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَانَ مُحَاصِرًا لِبَنِي مُحَارَبٍ، فَنُودِيَ بِالصَّلَاةِ، فَذَكَرَ نَحْوَهُ،
__________
1 في "صلاة الخوف" ص 279، قبل "كتاب الجمعة" وذكره البخاري معلقاً في: ص 593، ولم يسنده في "كتابه" أصلاً، ولقد أخطأ صاحب "المشكاة" حيث ظن أنه متفق، وله من هذا النوع كثير، وأخرجه النسائي: ص 231، وفيه: ثم سلم
2 قلت: هذا الحديث أخرجه الشافعي في "كتاب الأم" ص 153 بهذا الاسناد، وروى النسائي في "صلاة الخوف" ص 231 عن إبراهيم بن يعقوب حدثنا عمرو بن عاصم حدثنا حماد بن سلمة عن قتادة عن الحسن عن جابر بن عبد الله أن النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ صلى بطائفة من أصحابه ركعتين، ثم سلم، ثم صلى بآخرين أيضاً ركعتين، ثم سلم، اهـ. لكن تقدم في "فصل الغسل في الحديث الحادي والثلاثين" ص 48 روى الحسن عن جابر بن عبد الله أحاديث، ولم يسمع منه، اهـ. قال الحافظ في "التلخيص" ص 140: روى ابن خزيمة من طريق جابر. وفيه أنه سلم من الركعتين أولاً، ثم صلى ركعتين بالطائفة الأخرى، اهـ وأخرج الدارقطني ص 186، وفيه عنبسة غير منسوب، فلينظر، أهو عنبسة بن سعيد القطان. أو عنبسة بن أبي رائطة الغنوي الأعور، الذي ضعفه ابن المديني، راجع له "التهذيب" وروى الطحاوي من طريق قتادة عن سليمان اليشكري عن جابر رضي الله عنه الحديث، وفيه: فصلى بالذين يلونه ركعتين، ثم سلم، ثم جاء الآخرون فصلى بهم ركعتين، ثم سلم، اهـ. ونقل ابن حجر عن ابن معين. والبخاري أن قتادة لم يسمع من اليشكري.

الصفحة 56