كتاب نصب الراية (اسم الجزء: 2)

فَقَالَ زَيْدُ بْنُ أَرْقَمَ، وَهُوَ مِنْ أَهْلِ الْمَدِينَةِ، يَحْكِي الْحَالَ: كُنَّا نَتَكَلَّمُ فِي الصَّلَاةِ حَتَّى نَزَلَتْ {وَقُومُوا لِلَّهِ قَانِتِينَ} فَأُمِرْنَا بِالسُّكُوتِ، وَقَالَ الْخَطَّابِيُّ: نُسِخَ الْكَلَامُ بَعْدَ الْهِجْرَةِ بِمُدَّةٍ يَسِيرَةٍ، وَعَلَى الْقَوْلَيْنِ، قَدْ كَانَ ذَاكَ قَبْلَ إسْلَامِ أَبِي هُرَيْرَةَ بِسِنِينَ، انْتَهَى. وَاَللَّهُ أَعْلَمُ.
حَدِيثٌ آخَرُ لِلْخُصُومِ: عَنْ مُعَاوِيَةَ بْنِ حُدَيْجٍ1 رضي الله عنه: أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ صَلَّى يَوْمًا، فَسَلَّمَ، وَقَدْ بَقِيَتْ مِنْ الصَّلَاةِ رَكْعَةٌ، فَأَدْرَكَهُ رَجُلٌ، فَقَالَ: نَسِيتَ مِنْ الصَّلَاةِ رَكْعَةً، فَرَجَعَ، فَدَخَلَ الْمَسْجِدَ، وَأَمَرَ بِلَالًا، فَأَقَامَ الصَّلَاةَ، فَصَلَّى لِلنَّاسِ رَكْعَةً، فَأَخْبَرْت بِذَلِكَ النَّاسَ، فَقَالُوا لِي: أَتَعْرِفُ الرَّجُلَ؟ قُلْت: لَا، إلَّا أَنْ أَرَاهُ، فَمَرَّ بِي، فَقُلْت: هَذَا هُوَ، فَقَالُوا: هَذَا طَلْحَةُ بْنُ عُبَيْدِ اللَّهِ، انْتَهَى. رَوَاهُ أَبُو دَاوُد2. وَالنَّسَائِيُّ. وَالْحَاكِمُ فِي "الْمُسْتَدْرَكِ"، وَقَالَ: صَحِيحُ الْإِسْنَادِ، قَالَ النَّوَوِيُّ فِي "الْخُلَاصَةِ": قَالُوا: كَانَ إسْلَامُ مُعَاوِيَةَ هَذَا قَبْلَ وَفَاةِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِشَهْرَيْنِ، قَالَ: وَاعْلَمْ أَنَّهُ قَدْ جَاءَ فِي رِوَايَةِ أَبِي هُرَيْرَةَ لِقِصَّةِ ذِي الْيَدَيْنِ أَنَّهَا صَلَاةُ الظُّهْرِ، وَفِي رِوَايَةٍ أَنَّهَا صَلَاةُ الْعَصْرِ، كَمَا سَبَقَ فِي "الصَّحِيحِ"، قَالَ الْمُحَقِّقُونَ: هُمَا قَضِيَّتَانِ، وَرِوَايَةُ عِمْرَانَ بْنِ الْحُصَيْنِ قَضِيَّةٌ، وَغَيْرُهُمَا أُخْرَى. وَكَذَلِكَ رِوَايَةُ مُعَاوِيَةَ بْنِ حُدَيْجٍ، وَذُو الْيَدَيْنِ، اسْمُهُ: الْخِرْبَاقُ، وَكُنْيَتُهُ: أَبُو العربان، عَاشَ بَعْدَ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ زَمَانًا، وَأَمَّا ذُو الشِّمَالَيْنِ، فَهُوَ عُمَيْرُ بْنُ عَمْرٍو الْخُزَاعِيُّ، قُتِلَ يَوْمَ بَدْرٍ شَهِيدًا، وَهُوَ غَيْرُ الْمُتَكَلِّمِ فِي حَدِيثِ السَّهْوِ.
هَذَا قَوْلُ جَمِيعِ الْحُفَّاظِ، إلَّا الزُّهْرِيَّ، وقد اتفقوا على تغليظ الزُّهْرِيِّ فِي ذَلِكَ، وَاَللَّهُ أَعْلَمُ، انْتَهَى كَلَامُهُ.
الْحَدِيثُ الثَّامِنُ وَالسَّبْعُونَ: قَالَ عليه السلام:
"إذَا نَابَتْ أَحَدَكُمْ نَائِبَةٌ فِي الصَّلَاةِ، فَلْيُسَبِّحْ"، قُلْت: أَخْرَجَهُ الْبُخَارِيُّ3 وَمُسْلِمٌ عَنْ سَهْلِ بْنِ سَعْدٍ أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ذَهَبَ إلَى بَنِي عَمْرِو
__________
=الأنصار الذين كانوا بالمدينة قبل هجرة النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وأجاب ابن حبان في موضع آخر: بأن زيد بن أرقم أراد بقوله: كنا نتكلم، من كان يصلي خلف النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بمكة من المسلمين، وهو متعقب أيضاً بأنهم ما كانوا يجتمعون بمكة إلا نادراً، وبما روى الطبراني من حديث أبي أمامة، قال: كان الرجل إذا دخل المسجد فوجدهم يصلون سأل الذي إلى جنبه، فيخبره بما فاته فيقضي، ثم يدخل معهم، حتى جاء معاذ يوماً، فدخل في الصلاة، فذكر الحديث، وهذا كان بالمدينة قطعاً، لأن أبا أمامة. ومعاذ بن جبل إنما أسلما بها، اهـ. ومثل حديث أبي أمامة حديث معاذ، عند أحمد: ص 246 ج 5، ولفظه: وكان الرجل يشير إلى الرجل إن جاء، كم صلى؟ فيقول: واحدة. أو اثنتين، فصلاهما، اهـ. وفي أبي داود في "الأذان" ص 81، كان الرجل إذا جاء يسأل، فيخبر بما سبق من صلاته، اهـ. ثم ذكر مجيء معاذ، وتقدم الحديث في "الأذان" ص 140
1 معاوية بن حديج مصغراً بالحاء المهملة ثم الجيم.
2 في "السهو في باب إذا صلى خمساً" ص 153، والحاكم في "المستدرك" ص 261، وص 323، والطحاوي: ص 259.
3 في "باب من دخل ليؤم الناس، فجاء الإمام الأول" ص 94، ومسلم في "باب تقديم الجماعة من يصلي بهم" ص 179.

الصفحة 75