كتاب نصب الراية (اسم الجزء: 2)

ابْنِ عَبَّاسٍ، قَالَ النَّوَوِيُّ فِي "الْخُلَاصَةِ": وَتَأَوَّلَ الْجُمْهُورُ الْقَطْعَ الْمَذْكُورَ فِي هَذِهِ الْأَحَادِيثِ، عَلَى قَطْعِ الْخُشُوعِ جَمْعًا بَيْنَ الْأَحَادِيثِ، انْتَهَى كَلَامُهُ. وَأَخْرَجَاهُ فِي "الصَّحِيحَيْنِ" عَنْ مَيْمُونَةَ1، قَالَتْ: كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يُصَلِّي، وَأَنَا حِذَاءَهُ، وَأَنَا حَائِضٌ، وَرُبَّمَا أَصَابَنِي ثَوْبُهُ إذَا سَجَدَ، انْتَهَى، وَأَخْرَجَ مُسْلِمٌ عَنْ عَائِشَةَ، قَالَتْ: كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يُصَلِّي مِنْ اللَّيْلِ، وَأَنَا إلَى جَنْبِهِ، وَأَنَا حَائِضٌ، وَعَلَيَّ مِرْطٌ، وَعَلَيْهِ بَعْضُهُ، انْتَهَى.
الْحَدِيثُ الثَّمَانُونَ: قَالَ عليه السلام: "لَوْ عَلِمَ الْمَارُّ بَيْنَ يَدَيْ الْمُصَلِّي، مَاذَا عَلَيْهِ مِنْ الْوِزْرِ، لَوَقَفَ أَرْبَعِينَ"، قُلْت: أَخْرَجَهُ الْبُخَارِيُّ2 وَمُسْلِمٌ عَنْ مَالِكٍ عَنْ أَبِي النَّضْرِ عَنْ بُسْرِ بْنِ سَعِيدٍ أَنَّ زَيْدَ بْنَ خَالِدٍ أَرْسَلَهُ إلَى أَبِي جُهَيْمٍ، يَسْأَلُهُ، مَاذَا سَمِعَ مِنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي الْمَارِّ بَيْنَ يَدَيْ الْمُصَلِّي؟. قَالَ أَبُو جُهَيْمٍ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "لَوْ يَعْلَمْ الْمَارُّ بَيْنَ يَدَيْ الْمُصَلِّي، مَاذَا عَلَيْهِ، لَكَانَ أَنْ يَقِفَ أَرْبَعِينَ، خَيْرًا لَهُ مِنْ أَنْ يَمُرَّ بَيْنَ يَدَيْهِ"، قَالَ أَبُو النَّضْرِ: لَا أَدْرِي، أَقَالَ: أَرْبَعِينَ يَوْمًا، أَوْ شَهْرًا، أَوْ سَنَةً، انْتَهَى. وَكَذَلِكَ رَوَاهُ الْبَاقُونَ، إلَّا ابْنُ مَاجَهْ، فَإِنَّهُ رَوَاهُ مِنْ حَدِيثِ سُفْيَانَ عَنْ أَبِي النَّضْرِ، وَسَيَأْتِي، وَهُوَ فِي "الْأَرْبَعِينَ لِلرَّهَاوِيِّ": مَاذَا عَلَيْهِ مِنْ الْإِثْمِ، وَذَكَرَهُ النَّوَوِيُّ فِي "الْخُلَاصَةِ" بِهَذَا اللَّفْظِ، وَعَزَاهُ إلَيْهِ، وَرَوَاهُ الْبَزَّارُ فِي "مُسْنَدِهِ3" حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ عَبْدَةَ ثَنَا سُفْيَانُ عَنْ سَالِمٍ أَبِي النَّضْرِ عَنْ بشر بْنِ سَعِيدٍ، قَالَ: أَرْسَلَنِي أَبُو جُهَيْمٍ إلَى زَيْدِ بْنِ خَالِدٍ، أَسْأَلُهُ عَنْ الْمَارِّ بَيْنَ يَدَيْ الْمُصَلِّي، فَقَالَ: سَمِعْت رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ: "لَوْ يَعْلَمُ الْمَارُّ بَيْنَ يَدَيْ الْمُصَلِّي، مَاذَا عَلَيْهِ، لَكَانَ أَنْ يَقُومَ أَرْبَعِينَ خَرِيفًا، خَيْرًا لَهُ مِنْ أَنْ يَمُرَّ بَيْنَ يَدَيْهِ"، انْتَهَى. وَسَكَتَ عَنْهُ، وَفِيهِ فَائِدَتَانِ: إحْدَاهُمَا: قَوْلُهُ: "أَرْبَعِينَ خَرِيفًا". الثَّانِيَةُ: إنَّ مَتْنَهُ عَكْسَ مَتْنِ "الصَّحِيحَيْنِ"، فَالْمَسْئُولُ فِي لَفْظِ "الصَّحِيحَيْنِ" هُوَ أَبُو الْجُهَيْمِ، وَهُوَ الرَّاوِي عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَالْمَسْئُولُ الرَّاوِي عِنْدَ الْبَزَّارِ زَيْدُ بْنُ خَالِدٍ، وَنَسَبَ ابْنُ الْقَطَّانِ. وَابْنُ عَبْدِ الْبَرِّ الْوَهْمَ فِيهِ إلَى ابْنِ عُيَيْنَةَ، قَالَ ابْنُ الْقَطَّانِ فِي "كِتَابِهِ" بَعْدَ أَنْ ذَكَرَهُمْ مِنْ جِهَةِ الْبَزَّارِ: وَقَدْ خَطَّأَ النَّاسُ ابْنَ عُيَيْنَةَ فِي ذَلِكَ، لِمُخَالَفَتِهِ رِوَايَةَ مَالِكٍ، وَلَيْسَ خَطَؤُهُ بِمُتَعَيِّنٍ، لِاحْتِمَالِ أَنْ يَكُونَ أبو جهيم بعث بشر بْنَ سَعِيدٍ إلَى زَيْدِ بْنِ خَالِدٍ، وَزَيْدُ بْنُ خَالِدٍ بَعَثَهُ إلَى
__________
1 البخاري في "باب إذا صلى إلى فراش حائض" ص 74 ومسلم في: ص 198.
2 في "باب إثم المار بين يدي المصلي" ص 73، ومسلم: ص 197، وأبو داود في "باب ما ينهى عنه من المرور بين يدي المصلي" ص 108، والنسائي في "باب التشديد في المرور بين يدي المصلي" ص 123، والترمذي في "باب كراهية المرور بين يدي المصلي" ص 45، وابن ماجه في "باب المرور بين يدي المصلي" ص 68.
3 في "الزوائد" ص 61، رواه البزار، ورجاله رجال الصحيح، اهـ. قلت: ورواه الدارمي في "سننه في باب كراهية المرور بين يدي المصلي" ص 171 عن يحيى بن حسان، أنا ابن عيينة، باسناد مثل إسناد البزار. وإرسال أبي جهيم، إلا أنه لم يذكر خريفاً، وذكر: فلا أدري أسنة. أو شهراً، أو يوماً، اهـ.

الصفحة 79