كتاب نصب الراية (اسم الجزء: 3)

فَقَالَ لَهُ: "اخْلَعْ عَنْك هَذِهِ الْجُبَّةَ، وَاغْسِلْ عَنْك هَذَا الزَّعْفَرَانَ، ثُمَّ اصْنَعْ فِي عُمْرَتِك كَمَا تَصْنَعُ فِي حَجِّك"، الْحَدِيثَ.
حَدِيثُ النَّهْيِ عَنْ التَّزَعْفُرِ: أَخْرَجَهُ الْبُخَارِيُّ، وَمُسْلِمٌ 1 فِي "اللِّبَاسِ" عَنْ عَبْدِ الْعَزِيزِ بْنِ صُهَيْبٍ عَنْ أَنَسٍ أن النبي عليه السلام نَهَى عَنْ التَّزَعْفُرِ، انْتَهَى. وَفِي لَفْظٍ لِمُسْلِمٍ: نَهَى أَنْ يَتَزَعْفَرَ الرَّجُلُ، وَيُشْكِلُ عَلَيْهِ حَدِيثٌ رَوَاهُ أَبُو دَاوُد فِي "سُنَنِهِ" 2 حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّحِيمِ بْنُ مُطَرِّفٍ ثَنَا عَمْرُو بْنُ مُحَمَّدٍ الْعَنْقَزِيُّ ثَنَا ابْنُ أَبِي رَوَّادٍ عَنْ نَافِعٍ عَنْ ابْنِ عُمَرَ أَنَّ النَّبِيَّ عليه السلام كَانَ يَلْبَسُ النِّعَالَ السِّبْتِيَّةَ، وَيُصَفِّرُ لِحْيَتَهُ بِالْوَرْسِ وَالزَّعْفَرَانِ، انْتَهَى. وَصَحَّحَهُ ابْنُ الْقَطَّانِ فِي "كِتَابِهِ"، وَقَالَ: عَمْرُو بْنُ مُحَمَّدٍ الْعَنْقَزِيُّ ثِقَةٌ، وَعَبْدُ الرَّحِيمِ أَبُو سُفْيَانَ الرُّوَاسِيُّ أَيْضًا ثِقَةٌ، انْتَهَى. وَقَالَ الْحَازِمِيُّ فِي "كِتَابِ النَّاسِخِ وَالْمَنْسُوخِ": وَاسْتَدَلَّ الطَّحَاوِيُّ 3 بِحَدِيثِ عَائِشَةَ: كُنْت أُطَيِّبُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَيَطُوفُ عَلَى نِسَائِهِ، ثُمَّ يُصْبِحُ مُحْرِمًا يَنْضَحُ طِيبًا، عَلَى وُجُوبِ غَسْلِ الطِّيبِ قَبْلَ الْإِحْرَامِ، لِأَنَّ قَوْلَهُ: فَيَطُوفُ عَلَى نِسَائِهِ، مُشْعِرٌ بِأَنَّهُ اغْتَسَلَ، ثُمَّ رَدَّهُ الْحَازِمِيُّ بِأَنَّهُ لَيْسَ فِيهِ: أَنَّهُ أَصَابَهُنَّ، وَكَانَ عليه السلام كَثِيرًا مَا يَطُوفُ عَلَى نِسَائِهِ مِنْ غَيْرِ إصَابَةٍ، كَمَا فِي حَدِيثِ عائشة: قلَّ يوم وإلا رسول اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَطُوفُ عَلَيْنَا، فَيُقَبِّلُ وَيَلْمِسُ دُونَ الْوِقَاعِ، فَإِذَا جَاءَ إلَى الَّتِي هِيَ يَوْمُهَا يَبِيتُ عِنْدَهَا، قَالَ: وَلَوْ ثَبَتَ أَنَّهُ اغْتَسَلَ، فَحَدِيثُ عَائِشَةَ: كَأَنِّي أَنْظُرُ إلَى وَبِيصِ الطِّيبِ فِي مَفْرِقِهِ، وَهُوَ مُحْرِمٌ، يَدُلُّ عَلَى بَقَاءِ عَيْنِهِ بَعْدَ الْإِحْرَامِ، أَوْ يَقُولُ: إنَّهَا طَيَّبَتْهُ مَرَّةً ثَانِيَةً بَعْدَ الْغُسْلِ، لِأَنَّ وَبِيصَ الشَّيْءِ بَرِيقُهُ وَلَمَعَانُهُ، ثُمَّ نُقِلَ عَنْ الشَّافِعِيِّ أَنَّهُ قَالَ: أَمْرُ النَّبِيِّ عليه السلام الْأَعْرَابِيَّ بِغَسْلِ الطِّيبِ مَنْسُوخٌ، لِأَنَّهُ كَانَ فِي عَامِ الْجِعْرَانَةِ، وَهُوَ سَنَةُ ثَمَانٍ، وَحَدِيثُ عَائِشَةَ: أَنَّهَا طَيَّبَتْ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لِإِحْرَامِهِ قَبْلَ أَنْ يُحْرِمَ هُوَ نَاسِخُهُ، لِأَنَّهُ كَانَ فِي حَجَّةِ الْوَدَاعِ، وَهِيَ سَنَةُ عَشْرٍ، قَالَ الْحَازِمِيُّ: وَمَا رَوَاهُ مَالِكٌ 4 عَنْ نَافِعٍ عَنْ أَسْلَمَ مَوْلَى عُمَرَ أَنَّ عُمَرَ وَجَدَ رِيحَ طِيبٍ مِنْ مُعَاوِيَةَ وَهُوَ مُحْرِمٌ، فَقَالَ لَهُ عُمَرُ: ارْجِعْ فَاغْسِلْهُ، فَإِنَّ عُمَرَ لَمْ يَبْلُغْهُ حَدِيثُ عَائِشَةَ، وَلَوْ بَلَغَهُ لَرَجَعَ إلَيْهِ، وَإِذَا لَمْ يَبْلُغْهُ فَسُنَّةُ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَحَقُّ أَنْ تُتَّبَعَ، انْتَهَى كَلَامُهُ. وَحَدِيثُ مُعَاوِيَةَ هَذَا رَوَاهُ الْبَزَّارُ فِي "مُسْنَدِهِ"، وَزَادَ: فَإِنِّي سَمِعْت رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ: الْحَاجُّ: الشَّعِثُ التَّفِلُ، انْتَهَى.
الْحَدِيثُ الرَّابِعُ: رَوَى جَابِرٌ أَنَّ النَّبِيَّ عليه السلام صَلَّى بِذِي حليفة بِرَكْعَتَيْنِ عِنْدَ إحْرَامِهِ،
__________
1 البخاري: ص 869 - ج 2، ومسلم: ص 198 - ج 1.
2 رواه في "باب في خضاب الصفرة" ص 226 - ج 2.
3 ذكره الطحاوي في "باب التطيب عند الاحرام" ص 367 - ج 1.
4 رواه مالك في "باب ما جاء في الطيب في الحج" ص 127.

الصفحة 20