كتاب نصب الراية (اسم الجزء: 3)
أَدْعُوهُمْ كَمَا رَأَيْت رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يدعوهم، فقال لهم: إنَّمَا كُنْت رَجُلًا مِنْكُمْ فَهَدَانِي اللَّهُ لِلْإِسْلَامِ، فَإِنْ أَسْلَمْتُمْ فَلَكُمْ مَا لَنَا وَعَلَيْكُمْ مَا عَلَيْنَا، وَإِنْ أَبَيْتُمْ فَأَدُّوا الْجِزْيَةَ وَأَنْتُمْ صَاغِرُونَ، فَإِنْ أَبَيْتُمْ نَابَذْنَاكُمْ عَلَى سَوَاءٍ، إنَّ اللَّهَ لَا يُحِبُّ الْخَائِنِينَ، فَفَعَلَ ذَلِكَ بِهِمْ ثَلَاثَةَ أَيَّامٍ، فَلَمَّا كَانَ فِي الْيَوْمِ الرَّابِعِ أَمَرَ النَّاسَ، فَغَدَوْا إليهم فَفَتَحُوهَا، انْتَهَى.
حَدِيثٌ آخَرُ: اسْتَدَلَّ بَعْضُ الْعُلَمَاءِ عَلَى وُجُوبِ الدَّعْوَةِ قَبْلَ الْقِتَالِ بِمَا أَخْرَجَهُ الْأَئِمَّةُ السِّتَّةُ عَنْ أَبِي مَعْبَدٍ مَوْلَى ابْنِ عَبَّاسٍ عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بَعَثَ مُعَاذًا إلَى الْيَمَنِ، وَقَالَ لَهُ: إنَّك تَقْدُمُ عَلَى قَوْمٍ أَهْلِ كِتَابٍ، فَادْعُهُمْ إلَى شَهَادَةِ أَنْ لَا إلَهَ إلَّا اللَّهُ، الْحَدِيثَ، وَلَكِنَّا نَقُولُ: إنَّهُ سَقَطَ الْوُجُوبُ بِحَدِيثِ أَنَّهُ عليه السلام أَغَارَ عَلَى بَنِي الْمُصْطَلِقِ فَتَبْقَى السُّنَّةُ، وَاَللَّهُ أَعْلَمُ.
الْحَدِيثُ الثَّانِي: قَالَ عليه السلام: "أُمِرْت أَنْ أُقَاتِلَ النَّاسَ حَتَّى يَقُولُوا: لَا إلَهَ إلَّا اللَّهُ"، قُلْت: رُوِيَ مِنْ حَدِيثِ أَبِي هُرَيْرَةَ، وَمِنْ حَدِيثِ ابْنِ عُمَرَ، وَمِنْ حَدِيثِ جَابِرٍ، وَمِنْ حَدِيثِ عُمَرَ، وَمِنْ حَدِيثِ أَنَسٍ.
فَحَدِيثُ أَبِي هُرَيْرَةَ أَخْرَجَهُ الْبُخَارِيُّ، وَمُسْلِمٌ 1 عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: "أُمِرْت أَنْ أُقَاتِلَ النَّاسَ حَتَّى يَقُولُوا: لَا إلَهَ إلَّا اللَّهُ، مَنْ قَالَ: لَا إلَهَ إلَّا اللَّهُ فَقَدْ عَصَمَ مِنِّي مَالَهُ وَنَفْسَهُ إلَّا بِحَقِّهِ، وَحِسَابُهُ عَلَى اللَّهِ"، انْتَهَى. وَفِي لَفْظٍ لِمُسْلِمٍ: "حَتَّى يَشْهَدُوا أَنْ لَا إلَهَ إلَّا اللَّهُ، وَيُؤْمِنُوا بِي وَبِمَا جِئْت بِهِ، فَإِذَا فَعَلُوا ذَلِكَ عَصَمُوا مِنِّي دِمَاءَهُمْ وَأَمْوَالَهُمْ إلَّا بِحَقِّهَا، وَحِسَابُهُمْ عَلَى اللَّهِ"، انْتَهَى.
وَحَدِيثُ عُمَرَ: أَخْرَجَهُ الْبُخَارِيُّ، وَمُسْلِمٌ أَيْضًا 2 عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ: لَمَّا تُوُفِّيَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَاسْتُخْلِفَ أَبُو بَكْرٍ بَعْدَهُ، وَكَفَرَ مَنْ كَفَرَ مِنْ الْعَرَبِ، قَالَ عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ لِأَبِي بَكْرٍ رضي الله عنهما: كَيْفَ تُقَاتِلُ النَّاسَ، وَقَدْ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " أُمِرْتُ أَنْ أُقَاتِلَ النَّاسَ حَتَّى يَقُولُوا: لَا إلَهَ إلَّا اللَّهُ، فَمَنْ قَالَ: لَا إلَهَ إلَّا اللَّهُ فَقَدْ عَصَمَ مِنِّي مَالَهُ، وَنَفْسَهُ إلَّا بِحَقِّهِ، وَحِسَابُهُ عَلَى اللَّهِ؟ " قَالَ أَبُو بَكْرٍ: وَاَللَّهِ لَأُقَاتِلَنَّ مَنْ فَرَّقَ بَيْنَ الصَّلَاةِ وَالزَّكَاةِ، فَإِنَّ الزَّكَاةَ حَقُّ الْمَالِ، وَاَللَّهِ لَوْ مَنَعُونِي عِقَالًا كَانُوا يُؤَدُّونَهُ إلى رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لنقاتلنهم عَلَى مَنْعِهِ، فَقَالَ عُمَرُ: فَوَاَللَّهِ مَا هُوَ إلَّا أَنْ رَأَيْت اللَّهَ قَدْ شَرَحَ صَدْرَ أَبِي بَكْرٍ لِلْقِتَالِ، فَعَرَفْت أَنَّهُ الْحَقُّ، انْتَهَى. وَفِي لَفْظٍ لِلْبُخَارِيِّ: وَاَللَّهِ لَوْ مَنَعُونِي عِنَاقًا، أَخْرَجَهُ فِي الزَّكَاةِ.
__________
1 عند البخاري في "الجهاد" 414 - ج 1، وعند مسلم في "كتاب الايمان" ص 37 - ج 1.
2 عند مسلم في "الإيمان" ص 37 - ج 1، وعند البخاري في "أوائل الزكاة" ص 188 - ج 1، وغيره.
الصفحة 379