كتاب نصب الراية (اسم الجزء: 3)
يُحَدِّثُ عَنْ عَمْرِو بْنِ شُعَيْبٍ عَنْ أَبِيهِ عَنْ جَدِّهِ أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، قَالَ: "مَا بَلَغَ ثَمَنَ الْمِجَنِّ فَفِيهِ الْقَطْعُ"، قَالَ: وَكَانَ ثَمَنُ الْمِجَنِّ عَلَى عَهْدِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَشَرَةَ دَرَاهِمَ، قَالَ: وَسُئِلَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَنْ اللُّقَطَةِ، فَقَالَ: عَرِّفْهَا سَنَةً، انْتَهَى. لَكِنْ وَرَدَ فِي "الصَّحِيحَيْنِ"1 فِي حَدِيثِ أُبَيِّ بْنِ كَعْبٍ أَنَّهُ وَجَدَ صُرَّةً فِيهَا مِائَةُ دِينَارٍ، فَأَتَى بِهَا إلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَقَالَ لَهُ: " عَرِّفْهَا حَوْلًا"، فَعَرَّفَهَا، فَلَمْ يَجِدْ مَنْ يَعْرِفُهَا، ثُمَّ أَتَاهُ فَقَالَ لَهُ: " عَرِّفْهَا حَوْلًا"، فَعَرَّفَهَا، فَلَمْ يَجِدْ مَنْ يَعْرِفُهَا، فَقَالَ لَهُ: " اعْرِفْ عَدَدَهَا"، الْحَدِيثُ. وَفِي لَفْظٍ: عَامَيْنِ أَوْ ثَلَاثَةً، وَفِي لَفْظٍ: قَالَ: ثَلَاثَةَ أَحْوَالٍ، وَفِي لَفْظٍ: قَالَ: عَرِّفْهَا عَامًا وَاحِدًا، قَالَ ابْنُ الْجَوْزِيِّ فِي "التحقيق": ولا تخلو هَذِهِ الرِّوَايَاتُ مِنْ غَلَطِ بَعْضِ الرُّوَاةِ، بِدَلِيلِ أَنَّ شُعْبَةَ قَالَ فِيهِ: فَسَمِعْتُهُ يَقُولُ: بَعْدَ عَشْرِ سِنِينَ عَرِّفْهَا عَامًا وَاحِدًا، أَوْ يَكُونُ عليه السلام عَلِمَ أَنَّهُ لَمْ يَقَعْ تَعْرِيفُهَا كَمَا يَنْبَغِي: فَلَمْ يَحْتَسِبْ لَهُ بِالتَّعْرِيفِ الْأَوَّلِ، وَاَللَّهُ أَعْلَمُ، انْتَهَى كَلَامُهُ.
الْحَدِيثُ الثَّانِي: قَالَ عليه السلام فِي الْحَرَمِ: "وَلَا تَحِلُّ لُقَطَتُهَا إلَّا لِمُنْشِدِهَا"، قُلْت: أَخْرَجَهُ الْبُخَارِيُّ، وَمُسْلِمٌ 2 عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَوْمَ فَتْحِ مَكَّةَ: "إنَّ هَذَا الْبَلَدَ حَرَّمَهُ اللَّهُ يَوْمَ خَلَقَ السَّمَوَاتِ وَالْأَرْضَ، فَهُوَ حَرَامٌ بِحُرْمَةِ اللَّهِ إلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ، لَا يُعْضَدُ شَوْكُهُ، وَلَا يُنَفَّرُ صَيْدُهُ، وَلَا تُلْتَقَطُ لُقَطَتُهُ، إلَّا مَنْ عَرَّفَهَا، وَلَا يُخْتَلَى خَلَاؤُهُ"، فَقَالَ الْعَبَّاسُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ إلَّا الْإِذْخِرَ، فَإِنَّهُ لِقَيْنِهِمْ وَلِبُيُوتِهِمْ، فَقَالَ عليه السلام: " إلَّا الْإِذْخِرَ"، انْتَهَى. وَأَخْرَجَا أَيْضًا 3 عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، قَالَ: لَمَّا فَتَحَ اللَّهُ عَلَى رَسُولِهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مَكَّةَ قَامَ فِي النَّاسِ فَحَمِدَ اللَّهَ وَأَثْنَى عَلَيْهِ، ثُمَّ قَالَ: "إنَّ اللَّهَ حَبَسَ عَنْ مَكَّةَ الْفِيلَ، وَسَلَّطَ عَلَيْهَا رَسُولَهُ وَالْمُؤْمِنِينَ، وَأَنَّهَا لَمْ تَحِلَّ لِأَحَدٍ كَانَ قَبْلِي، وَأَنَّهَا أُحِلَّتْ لِي سَاعَةً مِنْ نَهَارٍ، وَأَنَّهَا لَمْ تَحِلَّ لِأَحَدٍ بَعْدِي، فَلَا يُنَفَّرُ صَيْدُهَا، وَلَا يُخْتَلَى شَوْكُهَا، وَلَا تَحِلُّ سَاقِطَتُهَا إلَّا لِمُنْشِدٍ، وَمَنْ قُتِلَ لَهُ قَتِيلٌ فَهُوَ بِخَيْرِ النَّظَرَيْنِ، إمَّا أَنْ يُفْدَى، وَإِمَّا أَنْ يَقْتُلَ"، فَقَالَ الْعَبَّاسُ: إلَّا الْإِذْخِرَ يَا رَسُولَ اللَّهِ، فَإِنَّا نَجْعَلُهُ فِي قُبُورِنَا وَبُيُوتِنَا، فَقَالَ عليه السلام: " إلَّا الْإِذْخِرَ"، فَقَامَ أَبُو شَاهٍ - رَجُلٌ مِنْ أَهْلِ الْيَمَنِ - فَقَالَ: اُكْتُبُوا لِي يَا رَسُولَ اللَّهِ، فَقَالَ عليه السلام: "اُكْتُبُوا لِأَبِي شَاهٍ" قَالَ الْوَلِيدُ: فَقُلْت لِلْأَوْزَاعِيِّ: مَا قَوْلُهُ: اُكْتُبُوا؟ قَالَ: قَالَ الْبُخَارِيُّ: الْخُطْبَةُ الَّتِي سَمِعَهَا مِنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، انْتَهَى. وَفِي لَفْظٍ آخَرَ لَهُمَا: وَلَا يَلْتَقِطُ سَاقِطَتَهَا إلَّا مُنْشِدٌ، أَخْرَجَهُ الْبُخَارِيُّ فِي "الْعِلْمِ - وَالْحَجِّ - وَاللُّقَطَةِ"، وَمُسْلِمٌ فِي "الْحَجِّ".
__________
1 عند البخاري في "اللقطة - باب إذا أخبره رب اللقطة بالعلامة دفع إليه" ص 327 - ج 1، وعند مسلم في "اللقطة" ص 79.
2 عند البخاري في "الجنائز - باب الأذخر والحشيش في القبر" ص 180 - ج 1.
3 عند مسلم في "الحج - باب تحريم مكة" ص 437 - ج 1، وعند البخاري في "العلم" ص 21 - ج 1، وفي "اللقطة" ص 328 - ج 1، وفي "الديات - باب من قتل له قتيل فهو بخير النظرين" ص 1016 - ج 2.
الصفحة 467