كتاب نصب الراية (اسم الجزء: 3)

كِتَابُ الشَّرِكَةِ
الْحَدِيثُ الْأَوَّلُ: بُعِثَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَالنَّاسُ يتعاملون بها، فقررهم عَلَيْهَا وَلَمْ يَنْهَهُمْ، قُلْت: فِي الْبَابِ أَحَادِيثُ: مِنْهَا مَا أَخْرَجَهُ أَبُو دَاوُد، وَابْنُ مَاجَهْ 1 عَنْ سُفْيَانَ عَنْ إبْرَاهِيمَ بْنِ مُهَاجِرٍ عَنْ مُجَاهِدٍ عَنْ قَائِدِ السَّائِبِ عَنْ السَّائِبِ بْنِ أَبِي السَّائِبِ أَنَّهُ قَالَ لِلنَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: كُنْتَ شَرِيكِي فِي الْجَاهِلِيَّةِ، فَكُنْتَ خَيْرَ شَرِيكٍ، لَا تُدَارِي، وَلَا تُمَارِي، انْتَهَى. وَرَوَاهُ أَحْمَدُ فِي "مُسْنَدِهِ"، وَالْحَاكِمُ فِي "الْمُسْتَدْرَكِ - فِي كِتَابِ الْبُيُوعِ"، وَقَالَ: حَدِيثٌ صَحِيحُ الْإِسْنَادِ، وَلَمْ يُخَرِّجَاهُ، وَرَوَاهُ أَحْمَدُ فِي "مُسْنَدِهِ" مِنْ حَدِيثِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُثْمَانَ بْنِ خُثَيْمِ عَنْ مُجَاهِدٍ عَنْ السَّائِبِ أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ شَارَكَهُ قَبْلَ الْإِسْلَامِ فِي التِّجَارَةِ، فَلَمَّا كَانَ يَوْمَ الْفَتْحِ جَاءَهُ، فَقَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " مَرْحَبًا بِأَخِي وَشَرِيكِي، كَانَ لَا يُدَارِي وَلَا يُمَارِي، يَا سَائِبُ قَدْ كُنْت تَعْمَلُ أَعْمَالًا فِي الْجَاهِلِيَّةِ لَا تُقْبَلُ مِنْك، وَهِيَ الْيَوْمَ تُقْبَلُ مِنْك، وَكَانَ ذَا سَلَفٍ وَصَدَقَةٍ"، انْتَهَى. قَالَ السُّهَيْلِيُّ فِي "الرَّوْضِ الْأُنُفِ": حَدِيثُ السَّائِبِ: كُنْت شَرِيكِي فِي الْجَاهِلِيَّةِ، فَكُنْت خَيْرَ شَرِيكٍ لَا تُدَارِي وَلَا تُمَارِي، كَثِيرُ الِاضْطِرَابِ، فَمِنْهُمْ مَنْ يَرْوِيهِ عَنْ السَّائِبِ بْنِ أَبِي السَّائِبِ، وَمِنْهُمْ مَنْ يَرْوِيهِ عَنْ قَيْسِ بْنِ السَّائِبِ، وَمِنْهُمْ مَنْ يَرْوِيهِ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ السَّائِبِ، وَهَذَا اضْطِرَابٌ لَا يَثْبُتُ بِهِ شَيْءٌ، وَلَا تَقُومُ بِهِ حُجَّةٌ، وَالسَّائِبُ بْنُ أَبِي السَّائِبِ مِنْ الْمُؤَلَّفَةِ قُلُوبُهُمْ، وَمِمَّنْ حَسُنَ إسْلَامُهُ مِنْهُمْ، وَاضْطَرَبَ فِي مَتْنِهِ أَيْضًا، فَمِنْهُمْ مَنْ يَجْعَلُهُ مِنْ قَوْلِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي أَبِي السَّائِبِ، وَمِنْهُمْ مَنْ يَجْعَلُهُ مِنْ قَوْلِ أَبِي السَّائِبِ فِي النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، انْتَهَى كَلَامُهُ. قَالَ إبْرَاهِيمُ الْحَرْبِيُّ فِي "كِتَابِهِ غَرِيبُ الْحَدِيثِ": إنَّ - تُدَارِي - مَهْمُوزٌ مِنْ الْمُدَارَاةِ، وَهِيَ الْمُدَافَعَةُ، - وَتُمَارِي - غَيْرُ مَهْمُوزٍ مِنْ الْمُمَارَاةِ، وَهِيَ الْمُجَادَلَةُ، انْتَهَى.
حَدِيثٌ آخَرُ: أَخْرَجَهُ أَبُو دَاوُد فِي "الْبُيُوعِ" 2 عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ الزِّبْرِقَانِ عَنْ أَبِي حَيَّانَ التَّيْمِيِّ عَنْ أَبِيهِ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "قَالَ اللَّهُ تَعَالَى: أَنَا ثَالِثُ الشَّرِيكَيْنِ مَا لَمْ يَخُنْ أَحَدُهُمَا صَاحِبَهُ، فَإِذَا خَانَا خَرَجْتُ مِنْ بَيْنِهِمَا"، انْتَهَى. وَرَوَاهُ الْحَاكِمُ فِي "الْمُسْتَدْرَكِ"، وَصَحَّحَهُ، قَالَ ابْنُ الْقَطَّانِ فِي "كِتَابِهِ": وَهُوَ حَدِيثٌ إنَّمَا يَرْوِيهِ أَبُو حَيَّانَ التَّيْمِيُّ عَنْ أَبِيهِ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، وَأَبُو حَيَّانَ هُوَ يَحْيَى بْنُ سَعِيدِ بْنِ حَيَّانَ، أَحَدُ الثِّقَاتِ، وَلَكِنْ أَبُوهُ لَا يُعْرَفُ لَهُ حَالٌ،
__________
1 عند ابن ماجه في "البيوع - باب الشركة والمضاربة" ص 166 - ج 2، وفي "المستدرك - في البيوع - باب الشركة في التجارة" ص 61 - ج 2، وعند أبي داود في "الأدب - باب في كراهية المراء" ص 308 - ج 2.
2 عند أبي داود في "الشركة" ص 124 - ج 2، وفي "المستدرك - في البيوع" ص 52 - ج 2.

الصفحة 474