كتاب نصب الراية (اسم الجزء: 4)

بَابٌ فِي كَيْفِيَّةِ الْيَمِينِ
الْحَدِيثُ الثَّانِي: حَدِيثُ: " مَنْ كَانَ حَالِفًا فَلْيَحْلِفْ بِاَللَّهِ، أَوْ لِيَذَرْ" تَقَدَّمَ فِي الْأَيْمَانِ.
الْحَدِيثُ الثَّالِثُ: قَالَ عليه السلام لِابْنِ صُورِيَّا الْأَعْوَرِ: "أَنْشُدُك بِاَللَّهِ الَّذِي أَنْزَلَ التَّوْرَاةَ عَلَى مُوسَى أَنَّ حُكْمَ الزِّنَا فِي كِتَابِكُمْ هَذَا"؟، قُلْت: أَخْرَجَهُ مُسْلِمٌ فِي الْحُدُودِ1 عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مُرَّةَ عَنْ الْبَرَاءِ بْنِ عَازِبٍ، قَالَ: مَرَّ عَلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَهُودِيٌّ مُحَمَّمٌ، فَدَعَاهُمْ، فَقَالَ: "هَكَذَا تَجِدُونَ حَدَّ الزَّانِي"؟ قَالُوا: نَعَمْ، فَدَعَا رَجُلًا مِنْ عُلَمَائِهِمْ، فَقَالَ لَهُ: "نَشَدْتُك بِاَللَّهِ الَّذِي أَنْزَلَ التَّوْرَاةَ عَلَى مُوسَى، أَنْ هَكَذَا تَجِدُونَ حَدَّ الزَّانِي فِي كِتَابِكُمْ"؟ فَقَالَ: اللَّهُمَّ لَا، وَلَوْلَا أَنَّك نَشَدْتنِي بِهَذَا لَمْ أُخْبِرْك بِحَدٍّ، حَدُّ الزَّانِي فِي كِتَابِنَا الرَّجْمُ، وَلَكِنَّهُ كَثُرَ فِي أَشْرَافِنَا، فَكُنَّا إذَا أَخَذْنَا الرَّجُلَ الشَّرِيفَ تَرَكْنَاهُ، وَإِذَا أَخَذْنَا الضَّعِيفَ أَقَمْنَا عَلَيْهِ الْحَدَّ، فَقُلْنَا: تَعَالَوْا نَجْتَمِعْ عَلَى شَيْءٍ نُقِيمُهُ عَلَى الشَّرِيفِ وَالْوَضِيعِ، فَاجْتَمَعْنَا عَلَى التَّحْمِيمِ، وَالْجَلْدِ، وَتَرَكْنَا الرَّجْمَ، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "اللَّهُمَّ إني أول من أحيي أَمْرَك إذْ أَمَاتُوهُ"، فَأُمِرَ بِهِ، فَرُجِمَ، انْتَهَى. قَالَ الشُّرَّاحُ: وَهَذَا الرَّجُلُ هُوَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ صُورِيَّا، وَكَانَ أَعْلَمَ مَنْ بَقِيَ مِنْهُمْ بِالتَّوْرَاةِ، وَقَدْ صُرِّحَ بِاسْمِهِ فِي سُنَنِ أَبِي دَاوُد2 عَنْ سَعِيدٍ عَنْ قَتَادَةَ عَنْ عِكْرِمَةَ أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، قَالَ لَهُ يَعْنِي لِابْنِ صُورِيَّا: "أُذَكِّرُكُمْ بِاَللَّهِ الَّذِي نَجَّاكُمْ مِنْ آلِ فِرْعَوْنَ، وَأَقْطَعَكُمْ الْبَحْرَ، وَظَلَّلَ عَلَيْكُمْ الْغَمَامَ، وَأَنْزَلَ عَلَيْكُمْ الْمَنَّ وَالسَّلْوَى، وَأَنْزَلَ التَّوْرَاةَ عَلَى مُوسَى، أَتَجِدُونَ فِي كِتَابِكُمْ الرَّجْمَ"؟ قَالَ: ذَكَّرْتَنِي بِعَظِيمٍ، وَلَا يَسَعُنِي أَنَّ أَكْذِبَك، وَسَاقَ الْحَدِيثَ، انْتَهَى. وَهُوَ مُرْسَلٌ، وَجَعَلَهُ شَيْخُنَا عَلَاءُ الدِّينِ مُسْنَدًا مِنْ رِوَايَةِ ابْنِ عَبَّاسٍ، مُقَلِّدًا لِغَيْرِهِ فِي ذَلِكَ، وَهُوَ وَهْمٌ، وَلَمْ يُخَرِّجْهُ أَبُو دَاوُد إلَّا مُرْسَلًا، هَكَذَا ذَكَرَهُ فِي كِتَابِ الْأَقْضِيَةِ.
أَحَادِيثُ الْبَابِ: أَخْرَجَ أَبُو دَاوُد3 عَنْ مُجَالِدٍ عَنْ الشَّعْبِيِّ عَنْ جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ، قَالَ: جَاءَتْ الْيَهُودُ بِرَجُلٍ وَامْرَأَةٍ مِنْهُمْ زَنَيَا، فَقَالَ: ائْتُونِي بِأَعْلَمِ رَجُلَيْنِ مِنْكُمْ، فَأَتَوْهُ بِابْنَيْ صُورِيَّا، فَنَشَدَهُمَا كَيْفَ تَجِدَانِ أَمْرَ هَذَيْنِ فِي التَّوْرَاةِ؟ قَالَا: نَجِدُ فِيهَا، إلَى آخِرِهِ. وَقَدْ تَقَدَّمَ فِي الشَّهَادَاتِ، قَالَ الْمُنْذِرِيُّ فِي مُخْتَصَرِهِ: وَقَوْلُهُ بِابْنَيْ صُورِيَّا، لَعَلَّهُ أَرَادَ عَبْدَ اللَّهِ بن صوري بِضَمِّ الصَّادِ، وَفَتْحِ الرَّاءِ -
__________
1 عند مسلم في الحدود باب حد الزنا ص 70 ج 2، وعند أبي داود في الحدود ص 4 1 ج 2.
2 عند أبي داود في القضاء باب الذمي كيف يستحلف ص 154 ج 2.
3 عند أبي داود في الحدود باب في رجم اليهوديين ص 256 ج 2.

الصفحة 102