كتاب نصب الراية (اسم الجزء: 4)

الْإِسْنَادَيْنِ مَحْفُوظَانِ، وَرَوَاهُ أُسَامَةُ بْنُ زَيْدٍ، وَالْحَجَّاجُ عَنْ عَمْرِو بْنِ شُعَيْبٍ عَنْ أَبِيهِ عَنْ جَدِّهِ عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي الْعَائِدِ فِي هِبَتِهِ دُونَ ذِكْرِ الْوَالِدِ يَرْجِعُ فِي هِبَتِهِ، وَرَوَاهُ الْحَسَنُ بْنُ مُسْلِمٍ عَنْ طَاوُسٍ مُرْسَلًا، وَتَابَعَهُ إبْرَاهِيمُ بْنُ طَهْمَانَ، وَعَبْدُ الْوَارِثِ عَنْ عَامِرٍ الْأَحْوَلِ، انْتَهَى كَلَامُهُ، وَمِمَّا اسْتَدَلَّ بِهِ الْخُصُومُ عَلَى مَنْعِ الرُّجُوعِ فِي الْهِبَةِ حَدِيثُ قَتَادَةَ1 عَنْ سَعِيدِ بْنِ الْمُسَيِّبِ عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ مَرْفُوعًا: " الْعَائِدُ فِي هِبَتِهِ كَالْعَائِدِ فِي قَيْئِهِ"، انْتَهَى. زَادَ أَبُو دَاوُد: قَالَ قَتَادَةُ: لَا نَعْلَمُ الْقَيْءَ إلَّا حَرَامًا، انْتَهَى. وَهُوَ أَقْوَى فِي الْحُجَّةِ مِنْ حَدِيثِ طَاوُسٍ عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ مَرْفُوعًا: الْعَائِدُ فِي هِبَتِهِ كَالْكَلْبِ يَعُودُ فِي قَيْئِهِ، انْتَهَى. قَالَ ابْنُ الْقَطَّانِ: أَخْرَجَهُمَا الْبُخَارِيُّ، وَمُسْلِمٌ2.
الْحَدِيثُ الثَّانِي: قَالَ عليه السلام: "الْوَاهِبُ أَحَقُّ بِهِبَتِهِ مَا لَمْ يُثَبْ مِنْهَا"، قُلْت: رُوِيَ مِنْ حَدِيثِ أَبِي هُرَيْرَةَ، وَمِنْ حَدِيثِ ابْنِ عَبَّاسٍ، وَمِنْ حَدِيثِ ابْنِ عُمَرَ.
فَحَدِيثُ أَبِي هُرَيْرَةَ: أَخْرَجَهُ ابْنُ مَاجَهْ3 فِي الْأَحْكَامِ عَنْ إبْرَاهِيمَ بْنِ إسْمَاعِيلَ بْنِ مُجَمِّعِ بْنِ جَارِيَةَ عَنْ عَمْرِو بْنِ دِينَارٍ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "الرَّجُلُ أَحَقُّ بِهِبَتِهِ مَا لَمْ يثبت مِنْهَا"، انْتَهَى. وَأَخْرَجَهُ الدَّارَقُطْنِيُّ فِي سُنَنِهِ، وَابْنُ أَبِي شيبة فيمصنفه، وَإِبْرَاهِيمُ بْنُ إسْمَاعِيلَ بْنِ جَارِيَةَ ضَعَّفُوهُ.
وَأَمَّا حَدِيثُ ابْنِ عَبَّاسٍ: فَلَهُ طَرِيقَانِ: أَحَدُهُمَا: عِنْدَ الطَّبَرَانِيِّ فِي مُعْجَمِهِ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عُثْمَانَ بْنِ أَبِي شَيْبَةَ حَدَّثَنِي أَبِي قَالَ: وَجَدْت فِي كِتَابِ أَبِي عَنْ ابْنِ أَبِي لَيْلَى عَنْ عَطَاءٍ عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " مَنْ وَهَبَ هِبَةً، فَهُوَ أَحَقُّ بِهِبَتِهِ مَا لَمْ يثبت مِنْهَا، فَإِنْ رَجَعَ فِي هِبَتِهِ، فَهُوَ كَاَلَّذِي يَقِيءُ ثُمَّ يَأْكُلُ قَيْئِهِ"، انْتَهَى.
الطَّرِيقُ الثَّانِي: عِنْدَ الدَّارَقُطْنِيِّ فِي سُنَنِهِ4 عَنْ إبْرَاهِيمَ بْنِ أَبِي يَحْيَى الْأَسْلَمِيِّ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عُبَيْدِ اللَّهِ عَنْ عَطَاءٍ عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، قَالَ: " مَنْ وَهَبَ هِبَةً فَارْتَجَعَ فِيهَا، فَهُوَ أَحَقُّ بِهَا مَا لَمْ يُثَبْ مِنْهَا، وَلَكِنَّهُ كَالْكَلْبِ يَعُودُ فِي قَيْئِهِ"، انْتَهَى. وَأَعَلَّهُ عَبْدُ الْحَقِّ فِي أَحْكَامِهِ بِمُحَمَّدِ بْنِ عُبَيْدِ اللَّهِ الْعَرْزَمِيِّ، قَالَ ابْنُ الْقَطَّانِ كَالْمُتَعَقِّبِ عَلَيْهِ: وَهُوَ لَمْ يَصِلْ إلَى الْعَرْزَمِيِّ إلَّا عَلَى لِسَانِ كَذَّابٍ، وَهُوَ إبْرَاهِيمُ بْنُ أَبِي يَحْيَى الْأَسْلَمِيُّ، فَلَعَلَّ الْجِنَايَةَ مِنْهُ، انْتَهَى.
__________
1 عند أبي داود في البيوع ص 143 ج 2.
2 قلت: كلا الحديثين عند االبخاري، فأما حديث طاوس فعنده في باب هبة الرجل لامرأته، والمرأة لزوجها ص 352، وحديث قتادة عنده في الهبة باب لا يحل لأحد أن يرجع في هبته ص 357 ج 1، وكلا الحديثين، عند مسلم في كتاب الهبة ص 36 ج 2.
3 عند ابن ماجه في أبواب الشهادات باب من وهب هبة رجاء ثوابها ص 174، وعند الدارقطني في البيوع ص 307.
4 عند الدارقطني في البيوع ص 307.

الصفحة 125