كتاب نصب الراية (اسم الجزء: 4)
الْبَيْعُ جَائِزٌ، وَالشَّرْطُ جَائِزٌ، انْتَهَى. وَرَوَاهُ الْحَاكِمُ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ النَّيْسَابُورِيُّ فِي كِتَابِ عُلُومِ الْحَدِيثِ فِي بَابِ الْأَحَادِيثِ الْمُتَعَارِضَةِ حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ إسْحَاقَ ثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ أَيُّوبَ بْنِ زَاذَانَ الضَّرِيرُ ثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ سُلَيْمَانَ الذُّهْلِيُّ بِهِ، وَمِنْ جِهَةِ الْحَاكِمِ ذَكَرَهُ عَبْدُ الْحَقِّ فِي أَحْكَامِهِ، وَسَكَتَ عَنْهُ، قَالَ ابْنُ الْقَطَّانِ: وَعِلَّتُهُ ضَعْفُ أَبِي حَنِيفَةَ فِي الْحَدِيثِ، انْتَهَى. وَاسْتَدَلَّ ابْنُ الْجَوْزِيِّ فِي التَّحْقِيقِ عَلَى صِحَّةِ الْبَيْعِ بِشَرْطِ الْعِتْقِ بِحَدِيثِ بَرِيرَةَ عَنْ عَائِشَةَ، اشْتَرَتْهَا بِشَرْطِ الْعِتْقِ، فَأَجَازَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ذَلِكَ، وَصَحَّحَ الْبَيْعَ وَالشَّرْطَ، وَإِنَّمَا بَيَّنَ فِيهِ بُطْلَانَ شَرْطِ الْوَلَاءِ لِغَيْرِ الْمُعْتِقِ، وَلَمْ يَذْكُرْ بُطْلَانَ شَرْطِ الْعِتْقِ، وَأَقَرَّهُ صَاحِبُ التَّنْقِيحِ عَلَيْهِ.
الْحَدِيثُ الثَّانِيَ عَشَرَ: رُوِيَ أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ نَهَى عَنْ بَيْعٍ وَسَلَفٍ، قُلْت: رُوِيَ مِنْ حَدِيثِ عَبْدِ الله بن عمر بْنِ الْعَاصِ، وَمِنْ حَدِيثِ حَكِيمِ بْنِ حِزَامٍ.
فَحَدِيثُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرٍو: أَخْرَجَهُ أَصْحَابُ السُّنَنِ1 إلَّا ابْنَ مَاجَهْ عَنْ عَمْرِو بْنِ شُعَيْبٍ عَنْ أَبِيهِ عَنْ جَدِّهِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرِو بْنِ الْعَاصِ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "لَا يَحِلُّ سَلَفٌ وَبَيْعٌ، وَلَا شَرْطَانِ فِي بَيْعٍ، وَلَا رِبْحٍ مَا لَمْ يُضْمَنْ، وَلَا بَيْعُ مَا لَيْسَ عِنْدَك"، انْتَهَى. قَالَ التِّرْمِذِيُّ: حَدِيثٌ حَسَنٌ صَحِيحٌ، وَاخْتَصَرَهُ ابْنُ مَاجَهْ، فَذَكَرَ مِنْهُ رِبْحَ مَا لَمْ يُضْمَنْ، وَبَيْعَ مَا لَيْسَ عندك فقط، ولم يصب الْمُنْذِرِيُّ فِي مُخْتَصَرِهِ إذْ عَزَا الْحَدِيثَ بِتَمَامِهِ لِابْنِ مَاجَهْ، مَعَ أَنَّ أَصْحَابَ الْأَطْرَافِ بَيَّنُوهُ، قَالَ الْمُنْذِرِيُّ: وَيُشْبِهُ أَنْ يَكُونَ التِّرْمِذِيُّ إنَّمَا صَحَّحَهُ لِتَصْرِيحِهِ فِيهِ بِذِكْرِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرٍو، وَيَكُونُ مَذْهَبُهُ فِي الِامْتِنَاعِ مِنْ الِاحْتِجَاجِ بِحَدِيثِ عَمْرِو بْنِ شُعَيْبٍ إنَّمَا هُوَ الشَّكُّ فِي إسْنَادِهِ لِجَوَازِ أَنْ يَكُونَ الضَّمِيرُ عَائِدًا عَلَى مُحَمَّدِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ، فَإِذَا صَرَّحَ بِذِكْرِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرٍو انْتَفَى ذَلِكَ، انْتَهَى. وَقَالَ السُّهَيْلِيُّ فِي الرَّوْضِ الْأُنُفِ: هَذِهِ رِوَايَةٌ مُسْتَغْرَبَةٌ جِدًّا عِنْدَ أَهْلِ الْحَدِيثِ، فَإِنَّ عِنْدَهُمْ أَنَّ شُعَيْبًا إنَّمَا يَرْوِي عَنْ جَدِّهِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرٍو لَا عَنْ أَبِيهِ مُحَمَّدٍ، فَإِنَّ أَبَاهُ مُحَمَّدًا مَاتَ قَبْلَ جَدِّهِ عَبْدِ اللَّهِ، انْتَهَى. وَقَالَ ابْنُ الْقَطَّانِ فِي كِتَابِهِ: إنَّمَا رُدَّتْ أَحَادِيثُ عَمْرِو بْنِ شُعَيْبٍ، لِأَنَّ الْهَاءَ مِنْ جَدِّهِ يَحْتَمِلُ أَنْ تَعُودَ عَلَى عمرو، فيكون الجد محمد، فَيَكُونُ الْخَبَرُ مُرْسَلًا، أَوْ تَعُودُ عَلَى شُعَيْبٍ، فَيَكُونُ الْجَدُّ عَبْدَ اللَّهِ، فَيَكُونُ الْحَدِيثُ مُسْنَدًا مُتَّصِلًا، لِأَنَّ شُعَيْبًا سَمِعَ مِنْ جَدِّهِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرٍو، فَإِذَا كَانَ الْأَمْرُ كَذَلِكَ فَلَيْسَ لِأَحَدٍ أَنْ يُفَسِّرَ الْجَدَّ بِأَنَّهُ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عَمْرٍو إلَّا بِحُجَّةٍ،
__________
1 عند أبي داود في البيوع باب في الرجل يبيع ما ليس عنده ص 139 ج 2، وعند الترمذي في البيوع باب ما جاء في النهي عن بيعتين في بيعة ص 160 ج 1، وعند النسائي في البيوع باب شرطان في بيع ص 226 ج 2، فعند أبي داود قوله: ولا ربح ما لم تضمن بالتاء، وعند الترمذي، والنسائي ولا ربح ما لم يضمن بالباء.
الصفحة 18
449