كتاب نصب الراية (اسم الجزء: 4)

فِيهِ إذَا خَرَجَ، وَلَا يَكْتَفِي بِذَكَاةِ أُمِّهِ، وَلَيْسَ بِشَيْءٍ، وَإِنَّمَا هُوَ بِالرَّفْعِ، كَمَا هُوَ الْمَحْفُوظُ عَنْ أَئِمَّةِ هَذَا الشَّأْنِ، وَأَبْطَلَهُ بَعْضُهُمْ بِقَوْلِهِ: فَإِنَّ ذَكَاتَهُ ذَكَاةُ أُمِّهِ، لِأَنَّهُ تَعْلِيلٌ لِإِبَاحَتِهِ مِنْ غَيْرِ إحْدَاثِ ذَكَاةٍ، وَقَالَ ابْنُ الْمُنْذِرِ: لَمْ يُرْوَ عَنْ أَحَدٍ مِنْ الصَّحَابَةِ وَالتَّابِعِينَ وَسَائِرِ الْعُلَمَاءِ أَنَّ الْجَنِينَ لَا يُؤْكَلُ إلَّا بِاسْتِئْنَافِ الذَّكَاةِ فِيهِ، إلَّا مَا رُوِيَ عَنْ أَبِي حَنِيفَةَ، وَلَا أَحْسَبُ أَصْحَابَهُ، وَافَقُوهُ عَلَيْهِ، انْتَهَى.
فَصْلٌ فِيمَا يَحِلُّ أَكْلُهُ، وَمَا لَا يَحِلُّ
الْحَدِيثُ الْخَامِسَ عَشَرَ: رُوِيَ أَنَّهُ عليه السلام نَهَى عَنْ أَكْلِ كُلِّ ذِي مِخْلَبٍ مِنْ الطُّيُورِ، وَأَكْلِ كُلِّ ذِي نَابٍ مِنْ السِّبَاعِ، قُلْت: رُوِيَ مِنْ حَدِيثِ ابْنِ عَبَّاسٍ، وَمِنْ حَدِيثِ خَالِدِ بْنِ الْوَلِيدِ، وَمِنْ حَدِيثِ عَلِيٍّ.
فَحَدِيثُ ابْنِ عَبَّاسٍ: أَخْرَجَهُ مُسْلِمٌ1 فِي الصَّيْدِ عَنْ مَيْمُونِ بْنِ مِهْرَانَ عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ، قَالَ: نَهَى رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَنْ كُلِّ ذِي نَابٍ مِنْ السَّبُعِ، وَعَنْ كُلِّ ذِي مِخْلَبٍ مِنْ الطَّيْرِ، انْتَهَى. قَالَ ابْنُ الْقَطَّانِ فِي كِتَابِهِ: وَهَذَا الْحَدِيثُ لَمْ يَسْمَعْهُ مَيْمُونُ بْنُ مِهْرَانَ مِنْ ابْنِ عَبَّاسٍ، بَلْ بَيْنَهُمَا سَعِيدُ بْنُ جُبَيْرٍ، هَكَذَا رَوَاهُ أَبُو دَاوُد فِي سُنَنِهِ مِنْ حَدِيثِ عَلِيِّ بْنِ الْحَكَمِ عَنْ مَيْمُونِ بْنِ مِهْرَانَ عَنْ سَعِيد بْنِ جُبَيْرٍ عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ، وَكَذَلِكَ رَوَاهُ الْبَزَّارُ فِي مُسْنَدِهِ، وَقَالَ: لَا نَعْلَمُ أَحَدًا رَوَاهُ عَنْ مَيْمُونٍ عَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ إلَّا عَلِيَّ بْنَ الْحَكَمِ، وَقَدْ رَوَاهُ أَبُو بِشْرٍ2 وَالْحَكَمُ عَنْ مَيْمُونٍ عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ، وَلَمْ يَذْكُرُوا سَعِيدًا بَيْنَهُمَا، انْتَهَى كَلَامُ الْبَزَّارِ. قَالَ ابْنُ الْقَطَّانِ: وَذَكَرَ الْبُخَارِيُّ فِي تَارِيخِهِ عَنْ عَلِيٍّ الْأَرْقَطِ، أَنَّهُ قَالَ: أَظُنُّ بَيْنَ مَيْمُونٍ، وَابْنِ عَبَّاسٍ سَعِيدَ بْنَ جُبَيْرٍ يَعْنِي فِي هَذَا الْحَدِيثِ قَالَ: وَعَلِيُّ بْنُ الْحَكَمِ ثِقَةٌ، وَثَّقَهُ النَّسَائِيّ، وَأَخْرَجَ لَهُ الْبُخَارِيُّ، وَمُسْلِمٌ، انْتَهَى كَلَامُ ابْنِ الْقَطَّانِ.
وَحَدِيثُ خَالِدِ بْنِ الْوَلِيدِ: أَخْرَجَهُ أَبُو دَاوُد عَنْهُ3 مَرْفُوعًا: وَحَرَامٌ عَلَيْكُمْ الْحُمُرُ الْأَهْلِيَّةُ وَخَيْلُهَا، وَبِغَالُهَا، وَكُلُّ ذِي نَابٍ مِنْ السِّبَاعِ، وَكُلُّ ذِي مِخْلَبٍ مِنْ الطَّيْرِ، مُخْتَصَرٌ، وَسَيَأْتِي الْكَلَامُ عَلَيْهِ قَرِيبًا.
__________
1 عند مسلم في الصيد في باب تحريم أكل كل ذي ناب ص 147 ج 2، وعند أبي داود في الأطعمة في باب ما جاء في أكل السباع ص 177 ج 2.
2 رواية أبي بشر، عند مسلم، وأبي داود، ورواية الحكم، عند مسلم فقط.
3 عند أبي داود في الأطعمة في باب ما جاء في أكل السباع ص 177 ج 2.

الصفحة 192