كتاب نصب الراية (اسم الجزء: 4)
لِي غُلَامُك وَجَبَتْ لَك دَارِي، انْتَهَى. وَالْمُصَنِّفُ فَسَّرَهُ بِأَنْ يَقُولَ: أَبِيعُك عَبْدِي هَذَا عَلَى أَنْ تَخْدُمَنِي شَهْرًا، أَوْ دَارِي هَذِهِ عَلَى أَنْ أَسْكُنَهَا شَهْرًا، قَالَ: فَإِنَّ الْخِدْمَةَ وَالسُّكْنَى إنْ كَانَ يُقَابِلُهُمَا شَيْءٌ مِنْ الثَّمَنِ يَكُونُ إجَارَةً فِي بَيْعٍ، وَإِلَّا فَهُوَ إعَارَةٌ فِي بَيْعٍ، وَقَدْ نَهَى النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَنْ صَفْقَتَيْنِ، الْحَدِيثَ، وَالْحَدِيثُ فِي الْمُوَطَّإِ بَلَاغٌ، قَالَ أَبُو مُصْعَبٍ1: أَخْبَرَنَا مَالِكٌ أَنَّهُ بَلَغَهُ أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ نَهَى عَنْ بَيْعَتَيْنِ فِي بَيْعَةٍ، انْتَهَى.
__________
1 ومثله في نسخة يحيى في البيوع باب النهي عن بيعتين ص 274.
فَصْلٌ فِي أَحْكَامِ الْبَيْعِ
قَوْلُهُ: وَلَا يَجُوزُ الْبَيْعُ إلَى الْحَصَادِ، وَالدِّيَاسِ، وَالْقِطَافِ، وَقُدُومِ الْحَاجِّ، لِأَنَّهَا تَتَقَدَّمُ وَتَتَأَخَّرُ، وَلَوْ كَفَلَ إلَى هَذِهِ الْأَوْقَاتِ جَازَ لِأَنَّ الْجَهَالَةَ الْيَسِيرَةَ محتملة فِي الْكَفَالَةِ، وَهَذِهِ الْجَهَالَةُ يَسِيرَةٌ مُسْتَدْرَكَةٌ، لِاخْتِلَافِ الصَّحَابَةِ فِيهَا، قُلْت: رَوَى الْبَيْهَقِيُّ فِي كِتَابِ الْمَعْرِفَةِ مِنْ طَرِيقِ الشَّافِعِيِّ أَخْبَرَنَا ابْنُ عُيَيْنَةَ عَنْ عَبْدِ الْكَرِيمِ الْجَزَرِيِّ عَنْ عِكْرِمَةَ عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ أَنَّهُ قَالَ: لَا تَبِيعُوا إلَى الْعَطَاءِ، ولا إلى الأبدار، وَلَا إلَى الدِّيَاسِ، انْتَهَى.
فَصْلٌ فِيمَا يُكْرَهُ
الْحَدِيثُ الرَّابِعَ عَشَرَ: قَالَ عليه السلام: "لَا تَنَاجَشُوا"، قُلْت: أَخْرَجَاهُ2 مِنْ حَدِيثِ أَبِي هُرَيْرَةَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: "لَا يُتَلَقَّى الرُّكْبَانُ لِلْبَيْعِ، وَلَا يَبِعْ بَعْضُهُمْ عَلَى بَيْعِ بَعْضٍ، وَلَا تَنَاجَشُوا، وَلَا يَبِعْ حَاضِرٌ لِبَادٍ، وَلَا تُصَرُّوا الْإِبِلَ وَالْغَنَمَ، فَمَنْ ابْتَاعَهَا بَعْدَ ذَلِكَ فَهُوَ بِخَيْرِ النَّظَرَيْنِ بَعْدَ أن يحلبها، إن رضيا أمسكها، وإن سخطا رَدَّهَا، وَصَاعًا مِنْ تَمْرٍ"، انْتَهَى.
الْحَدِيثُ الْخَامِسَ عَشَرَ: قَالَ عليه السلام: "لَا يَسْتَامُ الرَّجُلُ عَلَى سَوْمِ أَخِيهِ، وَلَا يَخْطُبْ عَلَى خِطْبَةِ أَخِيهِ"، قُلْت: أَخْرَجَاهُ3 مِنْ حَدِيثِ ابْنِ عُمَرَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، قَالَ: "لَا يَبِعْ بَعْضُكُمْ عَلَى بَيْعِ بَعْضٍ"، وَفِي لَفْظٍ: "لَا يَبِعْ الرَّجُلُ عَلَى بَيْعِ أَخِيهِ، وَلَا يَخْطُبْ عَلَى خِطْبَةِ أَخِيهِ،
__________
2 عند مسلم في البيوع باب تحريم بيع الرجل على بيع أخيه ص 3 ج 2، وعند البخاري فيه باب النهي للبائع أن لا يحفل الإبل والبقر ص 288 ج 1.
3 حديث ابن عمر، عند مسلم في البيوع ص 3 ج 2، وكذا حديث أبي هريرة عنده: ص 3 ج 2، وحديث ابن عمر عند البخاري في البيوع ص 282، وص 289 ج 1، وفي النكاح باب لا يخطب على خطبة أخيه حتى ينكح أو يدع ص 277 ج 2، وحديث أبي هريرة، عنده في البيوع باب لا يبيع على بيع أخيه ص 289 ج 1.
الصفحة 21
449