كتاب نصب الراية (اسم الجزء: 4)
الْحَدِيثُ السَّابِعَ عَشَرَ: قَالَ عليه السلام لِعَلِيٍّ: "تَصَدَّقْ بِجَلَالِهَا وَخِطَامِهَا، وَلَا تُعْطِ أَجْرَ الْجَزَّارِ مِنْهَا"، قُلْت: أَخْرَجَهُ الْجَمَاعَةُ إلَّا التِّرْمِذِيَّ عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ أَبِي لَيْلَى عَنْ عَلِيٍّ، قَالَ: أَمَرَنِي رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنْ أَقُومَ عَلَى بَدَنَتِهِ، وَأُقَسِّمَ جُلُودَهَا وَجِلَالَهَا، وَأَمَرَنِي أَنْ لَا أُعْطِيَ الْجَزَّارَ مِنْهَا شَيْئًا، وَقَالَ: "نَحْنُ نُعْطِيهِ مِنْ عِنْدِنَا"، انْتَهَى. وَقَدْ تَقَدَّمَ فِي الْهَدْيِ، وَالْمُصَنِّفُ احْتَجَّ بِهِ، وَبِاَلَّذِي قَبْلَهُ عَلَى كَرَاهِيَةِ بَيْعِ جِلْدِ الْأُضْحِيَّةِ، مَعَ جَوَازِهِ، وَهُوَ خِلَافُ ظَاهِرِ اللَّفْظِ، وَقَدْ احْتَجَّ ابْنُ الْجَوْزِيِّ بِظَاهِرِ هَذَا الثَّانِي عَلَى التَّحْرِيمِ، وَاَللَّهُ أَعْلَمُ.
الْحَدِيثُ الثَّامِنَ عَشَرَ: قَالَ عليه السلام لِفَاطِمَةَ: "قَوْمِي فَاشْهَدِي أُضْحِيَّتَكِ، فَإِنَّهُ يُغْفَرُ لَكِ بِأَوَّلِ قَطْرَةٍ مِنْ دَمِهَا كُلُّ ذَنْبٍ"، قُلْت: رُوِيَ مِنْ حَدِيثِ عِمْرَانَ بْنِ حُصَيْنٍ، وَمِنْ حَدِيثِ أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ، وَمِنْ حَدِيثِ عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ.
أَمَّا حَدِيثُ عِمْرَانَ: فَرَوَاهُ الْحَاكِمُ فِي الْمُسْتَدْرَكِ1 مِنْ حَدِيثِ أَبِي حَمْزَةَ الثُّمَالِيِّ عَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ عَنْ عِمْرَانَ بْنِ حُصَيْنٍ أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ لِفَاطِمَةَ: "قُومِي إلَى أُضْحِيَّتِك فَاشْهَدِيهَا، فَإِنَّهُ يُغْفَرُ لَكِ عِنْدَ أَوَّلِ قَطْرَةٍ مِنْ دَمِهَا كُلُّ ذَنْبٍ عَمِلْتِيهِ، وَقُولِي: " {إنَّ صَلَاتِي وَنُسُكِي وَمَحْيَايَ وَمَمَاتِي لِلَّهِ} إلى قوله: {مِنَ الْمُسْلِمِينَ} "، قَالَ: عِمْرَانُ، قُلْت: يَا رَسُولَ اللَّهِ هَذَا لَك، وَلِأَهْلِ بَيْتِك خَاصَّةً، أَمْ لِلْمُسْلِمِينَ عَامَّةً؟ قَالَ: "لَا، بَلْ لِلْمُسْلِمِينَ عَامَّةً"، انْتَهَى. وَرَوَاهُ الْبَيْهَقِيُّ فِي سُنَنِهِ، وَالطَّبَرَانِيُّ فِي مُعْجَمِهِ، قَالَ الْبَيْهَقِيُّ: فِي إسْنَادِهِ مَقَالٌ، وَقَالَ الذَّهَبِيُّ فِي مُخْتَصَرِهِ لِلْمُسْتَدْرَكِ: أَبُو حَمْزَةَ الثُّمَالِيُّ ضَعِيفٌ جِدًّا، انْتَهَى. وَرَوَاهُ إسْحَاقُ بْنُ رَاهْوَيْهِ فِي مُسْنَدِهِ أَخْبَرَنَا يَحْيَى بْنُ آدَمَ، وَأَبُو بَكْرِ بْنُ عَيَّاشٍ عَنْ ثَابِتٍ عَنْ أَبِي إسْحَاقَ عَنْ عِمْرَانَ بْنِ حُصَيْنٍ، فَذَكَرَهُ.
وَأَمَّا حَدِيثُ الْخُدْرِيِّ: فَرَوَاهُ الْحَاكِمُ أَيْضًا2 مِنْ حَدِيثِ عَمْرِو بْنِ قَيْسٍ عَنْ عَطِيَّةَ عَنْ أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "يَا فَاطِمَةُ قُومِي إلَى أُضْحِيَّتِك فَاشْهَدِيهَا فَإِنَّ لَكِ بِأَوَّلِ قَطْرَةٍ تَقْطُرُ مِنْ دَمِهَا أَنْ يُغْفَرَ لَك مَا سَلَفَ مِنْ ذُنُوبِكِ"، فَقَالَتْ فَاطِمَةُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ هَذَا لَنَا أَهْلَ الْبَيْتِ خَاصَّةً، أَوْ لَنَا وَلِلْمُسْلِمِينَ عَامَّةً؟ قَالَ: "لَا، بَلْ لَنَا وَلِلْمُسْلِمِينَ عَامَّةً"، انْتَهَى. وَسَكَتَ عَنْهُ، وَرَوَاهُ الْبَزَّارُ فِي مُسْنَدِهِ، قَالَ الذَّهَبِيُّ: وَعَطِيَّةُ وَاهٍ، قَالَ الْبَزَّارُ: لَا نَعْلَمُ لَهُ طَرِيقًا عَنْ أَبِي سَعِيدٍ أَحْسَنَ مِنْ هَذِهِ الطَّرِيقِ، وَعَمْرُو بْنُ قَيْسٍ كَانَ مِنْ أَفَاضِلِ الْكُوفَةِ وَعُبَّادِهِمْ، مِمَّنْ يَكْتُبُ حَدِيثَهُ، انْتَهَى.
__________
1 في المستدرك في الأضاحي ص 222 ج 4، وقال الهيثمي في مجمع الزوائد ص 17 ج 4: رواه الطبراني في الكبير وفيه أبو حمزة الثمالي، اهـ.
2 في المستدرك في الأضاحي ص 222 ج 4، وقال الهيثمي في مجمع الزوائد ص 17 ج 4: رواه البزار، وفيه عطية بن قيس، وفيه كلام كثير، وقد وثق، انتهى.
الصفحة 219