كتاب نصب الراية (اسم الجزء: 4)

ابْنِ عَبَّاسٍ، قَالَ: أَرَخَّصَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي ثَمَنِ كَلْبِ الصَّيْدِ، انْتَهَى. وَهَذَا سَنَدٌ جَيِّدٌ، فَأَنَّ الْهَيْثَمَ ذَكَرَهُ ابْنُ حِبَّانَ فِي الثِّقَاتِ مِنْ أَثْبَاتِ التَّابِعِينَ، وَرَوَاهُ ابْنُ عَدِيٍّ فِي الْكَامِلِ حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ عَلِيٍّ الْمَدَائِنِيُّ ثَنَا أَبُو عَلِيٍّ أَحْمَدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ الْكِنْدِيُّ ثَنَا عَلِيُّ بْنُ مَعْبَدٍ ثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ الْحَسَنِ عَنْ أَبِي حَنِيفَةَ عَنْ الْهَيْثَمِ بِهِ، أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ رَخَّصَ فِي ثَمَنِ كَلْبِ الصَّيْدِ، انْتَهَى. وَأَعَلَّهُ بِأَبِي عَلِيٍّ الْكِنْدِيِّ، وَهُوَ الْمَعْرُوفُ بِاللَّجْلَاجِ، قَالَ: وَلَهُ أَشْيَاءُ يَنْفَرِدُ بِهَا مِنْ طَرِيقِ أَبِي حَنِيفَةَ، انْتَهَى. وَقَالَ ابْنُ الْقَطَّانِ: اللَّجْلَاجُ لَمْ تَثْبُتْ عَدَالَتُهُ، وَقَدْ حَدَّثَ بِأَحَادِيثَ كَثِيرَةٍ لِأَبِي حَنِيفَةَ كُلُّهَا مَنَاكِيرُ لَا تُعْرَفُ، انْتَهَى.
الْحَدِيثُ الثَّالِثُ: قَالَ عليه السلام فِي الْخَمْرِ: "إنَّ الَّذِي حَرَّمَ شُرْبَهَا حَرَّمَ بَيْعَهَا، وَأَكْلَ ثَمَنِهَا"، قُلْت: أَخْرَجَهُ مُسْلِمٌ1 عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ وَعْلَةَ، قَالَ: سَأَلْت ابْنَ عَبَّاسٍ عَمَّا يُعْصَرُ مِنْ الْعِنَبِ، فَقَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ: إنَّ رَجُلًا أَهْدَى إلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ رَاوِيَةَ خَمْرٍ، فَقَالَ لَهُ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "هَلْ عَلِمْت أَنَّ اللَّهَ حَرَّمَ شُرْبَهَا"؟ قَالَ: لَا، قَالَ: فَسَارَّ إنْسَانًا، فَقَالَ لَهُ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "بِمَ سَارَرْته"؟ قَالَ: أَمَرْته بِبَيْعِهَا، فَقَالَ: "إنَّ الَّذِي حَرَّمَ شُرْبَهَا حَرَّمَ بَيْعَهَا"، قَالَ: فَفَتَحَ الْمَزَادَةَ حَتَّى ذَهَبَ مَا فِيهَا، انْتَهَى.
أَحَادِيثُ الْبَابِ: أَخْرَجَ الْبُخَارِيُّ، وَمُسْلِمٌ2 عَنْ عَطَاءٍ عَنْ جَابِرٍ أَنَّهُ سَمِعَ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَامَ الْفَتْحِ يَقُولُ، وَهُوَ بِمَكَّةَ: "إنَّ اللَّهَ وَرَسُولَهُ حَرَّمَ بَيْعَ الْخَمْرِ، وَالْمَيْتَةِ، وَالْخِنْزِيرِ، وَالْأَصْنَامِ"، فَقِيلَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ أَرَأَيْت شُحُومَ الْمَيْتَةِ، فَإِنَّهُ يُطْلَى بِهِ السُّفُنُ، وَيُدْهَنُ بِهَا الْجُلُودُ، وَيَسْتَصْبِحُ بِهَا النَّاسُ، فَقَالَ: "لَا، هُوَ حَرَامٌ"، ثُمَّ قَالَ: "قَاتَلَ اللَّهُ الْيَهُودَ حُرِّمَتْ عَلَيْهِمْ الشُّحُومُ فَجَمَّلُوهُ، فَبَاعُوهُ، وَأَكَلُوا ثَمَنَهُ"، انْتَهَى.
حَدِيثٌ آخَرُ: أَخْرَجَهُ مُسْلِمٌ3 عَنْ أَبِي نَضْرَةَ عَنْ أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ، قَالَ: سَمِعْت رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَخْطُبُ بِالْمَدِينَةِ يَقُولُ: "يَا أَيُّهَا النَّاسُ إنَّ اللَّهَ يُعَرِّضُ بِالْخَمْرِ، وَلَعَلَّ اللَّهَ يُنْزِلُ فِيهَا أَمْرًا، فَمَنْ كَانَ عِنْدَهُ مِنْهَا شَيْئًا فَلْيَبِعْهُ، وَلْيَنْتَفِعْ بِهِ"، قَالَ: فَمَا لَبِثْنَا إلَّا يَسِيرًا حَتَّى قَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "إنَّ اللَّهَ حَرَّمَ الْخَمْرَ، فَمَنْ أَدْرَكَتْهُ هَذِهِ الْآيَةُ، وَعِنْدَهُ مِنْهَا شَيْءٌ، فَلَا يَشْرَبْ، وَلَا يَبِعْ"، قَالَ: فَاسْتَقْبَلَ النَّاسُ بِمَا كَانَ عِنْدَهُمْ مِنْهَا فِي طَرِيقِ الْمَدِينَةِ، فَسَفَكُوهَا، انْتَهَى.
حَدِيثٌ آخَرُ: أَخْرَجَهُ أَحْمَدُ فِي مُسْنَدِهِ عَنْ نَافِعِ بْنِ كَيْسَانَ أَنَّ أَبَاهُ أَخْبَرَهُ أَنَّهُ كَانَ يَتَّجِرُ فِي الْخَمْرِ زَمَنَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَأَنَّهُ أَقْبَلَ مِنْ الشَّامِ، وَمَعَهُ زِقَاقُ خَمْرٍ، يُرِيدُ بِهَا التِّجَارَةَ، فَأَتَى
__________
1 عند مسلم في البيوع باب تحريم بيع الخمر ص 22 ج 2.
2 عند مسلم في البيوع باب تحريم بيع الخمر ص 23 ج 2، وعند البخاري في البيوع باب بيع الميتة ص 297، وص 298 ج 1، وفي تفسير سورة الأنعام ص 667 ج 2.
3 عند مسلم في البيوع باب تحريم الخمر ص 22 ج 2.

الصفحة 54