كتاب نصب الراية (اسم الجزء: 4)
وَسَيْفُ بْنُ سُلَيْمَانَ ثِقَةٌ، وَأَخْرَجَهُ الدَّارَقُطْنِيُّ، ثُمَّ الْبَيْهَقِيُّ فِي سُنَنَيْهِمَا1 وَوَثَّقَ الْبَيْهَقِيُّ سَيْفَ بْنَ سُلَيْمَانَ نَقْلًا عَنْ يَحْيَى الْقَطَّانِ2 وَأَسْنَدَ عَنْ الشَّافِعِيِّ أَنَّهُ قَالَ: حَدِيثُ ابْنِ عَبَّاسٍ ثَابِتٌ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، لَا يَرُدُّ أَحَدٌ مِنْ أَهْلِ الْعِلْمِ مِثْلَهُ، لَوْ لَمْ يَكُنْ فِيهَا غَيْرُهُ، مَعَ أَنَّ غَيْرَهُ يَشْهَدُهُ، قَالَ الشَّافِعِيُّ3: وَالْيَمِينُ مَعَ الشَّاهِدِ لَا يُخَالِفُ مِنْ ظَاهِرِ الْقُرْآنِ شَيْئًا، لِأَنَّا نَحْكُمُ بِشَاهِدَيْنِ، وَبِشَاهِدٍ، وَامْرَأَتَيْنِ، وَلَا يَمِينَ، فَإِذَا كَانَ شَاهِدٌ حَكَمْنَا بِشَاهِدٍ وَيَمِينٍ، وَلَيْسَ هَذَا بِخِلَافِ ظَاهِرِ الْقُرْآنِ، لِأَنَّهُ لَمْ يَحْرُمْ أَنْ يَجُوزَ أَقَلُّ مِمَّا نَصَّ عَلَيْهِ فِي كِتَابِهِ، وَرَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَعْلَمُ بِمَعْنَى مَا أَرَادَ اللَّهُ، وَقَدْ أَمَرَنَا اللَّهُ تَعَالَى أَنْ نَأْخُذَ مَا أَتَانَا، وَنَنْتَهِيَ عَمَّا نَهَانَا، انْتَهَى. وَقَالَ ابْنُ عَبْدِ الْبَرِّ: هَذَا حَدِيثٌ صَحِيحٌ، لَا مَطْعَنَ لِأَحَدٍ فِي إسْنَادِهِ، وَلَا خِلَافَ بَيْنَ أَهْلِ الْعِلْمِ فِي صِحَّتِهِ، وَقَدْ رُوِيَ الْقَضَاءُ بِالْيَمِينِ، وَالشَّاهِدِ عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مِنْ حَدِيثِ أَبِي هُرَيْرَةَ، وَعُمَرَ، وَابْنِ عُمَرَ، وَعَلِيٍّ، وَابْنِ عَبَّاسٍ، وَزَيْدِ بْنِ ثَابِتٍ، وَجَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ، وَسَعْدِ بْنِ عُبَادَةَ، وَعَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرِو بْنِ الْعَاصِ، وَالْمُغِيرَةِ بْنِ شُعْبَةَ، وَعُمَارَةَ بْنِ حزم، وسُرّق، بأسانيد حسان، وَالْجَوَابُ عَنْ حَدِيثِ ابْنِ عَبَّاسٍ مِنْ وَجْهَيْنِ:
أَحَدُهُمَا: أَنَّهُ مَعْلُولٌ بِالِانْقِطَاعِ، قَالَ التِّرْمِذِيُّ فِي عِلَلِهِ الْكَبِيرِ: وَسَأَلْت مُحَمَّدًا عَنْ هَذَا الْحَدِيثِ فَقَالَ: إنَّ عَمْرَو بْنَ دِينَارٍ لَمْ يَسْمَعْهُ مِنْ ابْنِ عَبَّاسٍ، انْتَهَى. قُلْت: وَيَدُلُّ عَلَى ذَلِكَ مَا أَخْرَجَهُ الدَّارَقُطْنِيُّ4 عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ أَبِي رَبِيعَةَ ثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ مُسْلِمٍ عَنْ عَمْرِو بْنِ دِينَارٍ عَنْ طَاوُسٍ عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَذَكَرَهُ، قَالَ الدَّارَقُطْنِيُّ: وَخَالَفَهُ عَبْدُ الرَّزَّاقِ، فَلَمْ يَذْكُرْ طَاوُسًا، وَمِنْهُمْ مَنْ زَادَ جَابِرَ بْنَ زَيْدٍ5 وَرِوَايَةُ الثِّقَاتِ لَا تُعَلَّلُ بِرِوَايَةِ الضُّعَفَاءِ، انْتَهَى. وَقَالَ الطَّحَاوِيُّ6: لَا أَعْلَمُ قَيْسَ بْنَ سَعْدٍ يُحَدِّثُ عَنْ عَمْرِو بْنِ دِينَارٍ بِشَيْءٍ يَعْنِي فَيَصِيرُ فِيهِ انْقِطَاعَانِ قَالَ ابْنُ الْقَطَّانِ فِي كِتَابِهِ: وَهَذَا الْحَدِيثُ وَإِنْ كَانَ مُسْلِمٌ قَدْ أَخْرَجَهُ فِي صَحِيحِهِ عَنْ قَيْسِ بْنِ سَعْدٍ
__________
1 عند الدارقطني في الأقضية ص 516 ج 2 عن محمد بن مسلم عن عمرو بن دينار عن طاوس عن ابن عباس، الحديث، وقال الدارقطني: خالفه عبد الرزاق، ولم يذكر طاوساً، وكذلك قال سيف عن قيس بن سعد عن عمرو بن دينار عن ابن عباس، انتهى. وعند البيهقي في االسنن في الشهادات باب القضاء باليمين مع الشاهد ص 167، وص 168 ج 10.
2 وحكى البيهقي في السنن ص 168 ج 10 عن البخاري، قال: قال يحيى القطان: كان سيف بن سليمان حياً سنة خمسين، وكان عندنا ثقة، ممن يصدق ويحفظ، انتهى.
3 راجع السنن للبيهقي ص 175 ج 10 في الشهادات.
4 ص 516 ج 2.
5 قوله: ومنهم من زاد: جابر بن زيد، الخ، ليس في الدارقطني بل هو في السنن للبيهقي في الشهادات ص 168 ج 10.
6 قال الطحاوي في شرح الآثار في باب القضاء باليمين مع الشاهد ص 281 ج 2: وأما حديث ابن عباس، فمنكر، لأن قيس بن سعد لا نعلمه يحدث عن عمرو بن دينار بشيء، فكيف يحتجون به في مثل هذا، انتهى.
الصفحة 97