كتاب نداء الريان في فقه الصوم وفضل رمضان (اسم الجزء: 1)

يخلي شهراً من صيام، ومنها أن صوم النفل غير مختص بزمان معين بل كل السنة صالحة له إلا رمضان والعيد والتشريق".
* وعن ابن عباس رضي الله عنهما: ما صام النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - شهراً كاملاً قط غير رمضان، وكان يصوم إذا صام حتى يقول القائل: لا والله لا يفطر، ويفطر حتى يقول القائل: لا والله لا يصوم (1) .
* وعن أنس رضي الله عنه قال: كان رسول - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - يفطر من الشهر حتى نظن أن لا يصوم منه، ويصوم حتى نظن أن لا يفطر منه شيئاً، وكان لا تشاء تراه من الليل مصلياً إلا رأيته ولا نائماً إلا رأيته. رواه البخاري.
* وروى البخاري عن حميد قال: سألت أنساً رضي الله عنه عن صيام النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فقال: ما كنت أحب أن أراه من الشهر صائماً إلا رأيته، ولا مفطراً إلا رأيته، ولا من الليل قائماً إلا رأيته، ولا نائماً إلا رأيته، ولا مسست خزة ولا حريرة ألين من كف رسول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -، ولا شَمِمتُ مِسكة ولا عبيرة أطيب رائحة من رائحة رسول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -. رواه البخاري.
بأبي هو وأمي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - هو كل الكمال وجل الجلال وجملة الجمال عليه أفضل الصلاة والسلام.
قال ابن حجر (4/254-255) : "يعني أن حاله في التطوع بالصيام والقيام كان يختلف، فكان تارة يقوم من أول الليل، وتارة من وسطه، وتارة من آخره، كما كان يصوم تارة من أول الشهر وتارة من وسطه وتارة من آخره، فكان من أراد أن يراه في وقت من أوقات الليل قائماً أو في وقت من أوقات الشهر صائماً فراقبه المرة بعد المرة فلابد أن يصادفه قائماً أو صائماً على وفق ما أراد أن يراه، هذا معنى الخبر، وليس المراد أنه كان يسرد الصوم ولا أنه كان يستوعب الليل قياماً. ولا يشكل على هذا قول عائشة: "كان عمله ديمة" لأن المراد بذلك ما اتخذه راتباً لا مطلق النافلة، فهذا وجه الجمع بين الحديثين وإلا فظاهرهما التعارض والله أعلم".
__________
(1) رواه مسلم واللفظ له والبخاري وأبو داود الطيالسي، وفي رواية لمسلم "ما صام شهراً متتابعاً منذ قدم المدينة"، وفي رواية الطيالسي "شهراً تاماً منذ قدم المدينة غير رمضان".

الصفحة 560