كتاب نداء الريان في فقه الصوم وفضل رمضان (اسم الجزء: 2)
خاص بهم للضرورة (1) ، وقد احتج لمذهبه هذا بحديث صيام عاشوراء حيث أمر من أكل بالإمساك، ومن لم يأكل بالصيام، أما الذين كانوا قادرين على النية من الليل فلم يفعلوا فلا حرج في إيجاب النية عليهم من الليل لإباحة النية في الليل بطوله، وقد تابع ابن حزم في مذهبه الشوكاني من المتأخرين (2) .
إلا أن كثيراً من الفقهاء نازع في إيجاب النية على الكافر يسلم في نهار يوم الصيام، والصبي يبلغ أثناءه، لكونهما غير مُكَلفَينِ من أوله، فهم يرون أن الصيام عليهما غير واجب، والحائض لها أن تنوي من الليل إذا علمت أنَّ عادتها الطهر قبيل الفجر.
الفريق الموجب للنية من الليل في صوم رمضان:
وذهب مالك وأحمد وإسحق (3) والشافعي وداود وجماهير العلماء من السلف والخلف إلى أنه لا يصح صوم رمضان إلا بنية من الليل (4) .
أدلتهم:
أولاً: احتجوا بما رواه النسائي (5) من طريق أحمد بن أزهر عن عبد الرزاق عن ابن جريج عن ابن شهاب عن سالم عن عبد الله بن عمر (6) عن حفصة (7) ، قالت:
__________
(1) "المحلى" (6/164-166) .
(2) "نيل الأوطار" (4/208) .
(3) هو إسحق بن إبراهيم بن مخلد الحنظلي التيمي المعروف بإسحق بن راهويه، عالم خراسان في عصره، وهو أحد كبار الحفاظ، أخذ عنه الأمام أحمد، والبخاري ومسلم والنسائي وغيرهم، ولد في سنة (161 هـ) وتوفي سنة (238 هـ) .
راجع: "خلاصة تهذيب الكمال" (1/69) ، "طبقات الحفاظ" (ص 188) ، "تهذيب التهذيب" (1/216) .
(4) "المجموع" للنووي (6/337) ، وراجع "المغني" لابن قدامة (3/91) .
(5) هو أحمد بن شعيب، أصله من (نسا) بخراسان، استوطن مصر، وهو صاحب كتاب السنن الصغرى، أحد الكتب الستة المعتمدة في الحديث، ولادته في سنة (215 هـ) ، ووفاته في القدس أو مكة سنة (303 هـ) .
راجع: "تذكرة الحفاظ" (4/699) ، "خلاصة تهذيب الكمال" (1/17) ، "طبقات الحفاظ" (ص 303) .
(6) هو عبد الله بن عمر بن الخطاب، أسلم مع أبيه وهاجر، راوية مكثر من الحديث عن الرسول - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -، اشتهر بالحرص الشديد على اتباع السُنة، والاجتهاد في العبادة، ولد قبل الهجرة بعشر سنوات وتوفي سنة (84 هـ) .
راجع: "خلاصة تهذيب الكمال" (2/81) ، "الكاشف" (2/112) ، "طبقات الحفاظ" (ص 9) .
(7) هي أم المؤمنين حفصة بنت عمر بن الخطاب، لها في البخاري ومسلم (60) حديثاً، ولدت قبل الهجرة =