كتاب نداء الريان في فقه الصوم وفضل رمضان (اسم الجزء: 2)

قال النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: "من لم يبيّت الصيام من الليل فلا صيام له" (1) .
وقد اعترض الأحناف على الحديث باعتراضات عدة:
1- أن الحديث ضعيف لا تقوم به حجة (2) ، وهذا الذي ذكروه من ضعف الحديث قاله جماعة من الحفاظ، فضعفوا رفعه إلى الرسول - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -، ورجحوا أن الحديث موقوف.
قال البخاري: هو خطأ، وهو حديث فيه اضطراب، والصحيح عن ابن عمر موقوف.
وقال الترمذي: الموقوف أصح.
وقال النسائي: الصواب عندي أنّه موقوف ولم يصح رفعه.
وجوابنا على ذلك من وجهين:
أ- أن جماعة من الحفاظ حكموا بصحته مرفوعاً، منهم ابن خزيمة وابن حبان، وقال الحاكم (3) في "الأربعين": صحيح على شرط الشيخين، وقال في "المستدرك": صحيح على شرط البخاري.
وقال البيهقي رواته ثقات إلا أنه روي موقوفاً (4) .
والسبب الذي من أجله ضعفه من ضعّفه لا يعتبر سبباً قوياً لتضعيف الحديث، فكونه روي موقوفاً، وروي مرفوعاً، ليس سبباً موجباً لتضعيفه، خاصة وأن الذي رفعه
__________
= بـ (18) سنة، وتوفيت سنة (45 هـ) .
راجع: "تهذيب التهذيب" (12/410) ، "خلاصة تهذيب الكمال" (3/378) ، "الكاشف" (3/468) .
(1) "سنن النسائي" (4/196) .
(2) "فتح القدير" لابن الهمام (2/46) .
(3) هو محمد بن عبد الله بن حمدويه الضبي النيسابوري من أكابر حفاظ الحديث، أخذ عن نحو ألفي شيخ، صنف كتباً كثيرة منها: "تاريخ نيسابور"، "المستدرك على الصحيحين"، وتوفي سنة (405 هـ) .
راجع: "تذكرة الحفاظ" (3/1039) ، "شذرات الذهب" (3/176) ، "طبقات الحفاظ" (ص 409) .
(4) انظر تحقيق ابن حجر للحديث في "تلخيص الحبير" (2/188) ، فمنه نقلنا، والحديث رواه غير النسائي: أبو داود والترمذى وابن ماجه، أقول: وقد وهم ابن رشد إذ عزاه في "بداية المجتهد" (1/301) إلى البخاري.

الصفحة 63