كتاب نساء النبي صلى الله عليه وآله وسلم

مقام النبوة والقدح في أمهات المؤمنين، المصونات العرض، النقيات الجيب، الطاهرات الذيل، رضي الله عنهن وأرضاهن.
لكن نفرا من العقلاء تورط أيضا في هذا الموضوع وتكلم بما لا يعلم غير السماع، ولا سيما بعد أن فشا أمر الحديث بين الصادر والوارد، وتكلم به آحاد الناس وأصبح في وقت من الأوقات حديث أكثر البيوت.
ثم إن زينب بنت جحش كانت الضرّة الأولى في مواجهة عائشة، والتي كانت تشعر بغيرة وحساسية خاصة تجاهها، وكان مظنونا ومتصورا أن تفرح زينب أو تخوض في هذا الحديث الذي كثر فيه القيل واللغط، فقد تصونت وتأنفت وترفعت عنه، ونزهت نفسها عن التورط فيه وكانت محتاطة لدينها كل الاحتياط فحفظها الله وصانها ... وليس أدل على هذا مثل ما قالته السيدة عائشة نفسها التي فوجئت بذلك الموقف النبيل الكريم من أكثر وأقوى ضرائرها، فقالت:
«وكان كبر ذلك- الإفك- عند عبد الله بن أبي سلول في رجال من الخزرج، مع الذي قال مسطح، وحمنة بنت جحش، وذلك أن أختها زينب كانت عند رسول الله صلى الله عليه وسلم، ولم تكن امرأة من نسائه تناصبني في المنزلة عنده غيرها ... فأما زينب فعصمها الله تعالى بدينها، فلم تقل إلا خيرا، وأما حمنة بنت جحش فأشاعت من ذلك ما أشاعت تضارني لأختها، فشقيت بذلك» .
ثم تنعتها بعد ذلك عائشة بأطيب النعوت، وأكرم الصفات، وأجل السجايا فتقول رضي الله عنها:
«ولم أر امرأة قط خيرا في الدين من زينب، وأتقى لله، وأصدق حديثا، وأوصل للرحم، وأعظم صدقة، وأشد ابتذالا لنفسها في العمل الذي يتصدق به ويتقرب به إلى الله عزوجل» . أه.

الصفحة 104