كتاب نساء النبي صلى الله عليه وآله وسلم

ثم إن تجارتهم كانت رابحة ضعف ما كانوا يربحون، فلما أن فرغوا من تجارتهم، وقضوا نهمتهم، وانتهوا منها، أزمعوا العودة، ثم قفلوا راجعين.
ثم انهم لما رجعوا فكانوا بحر الظهران قال ميسرة: يا محمد، انطلق إلى خديجة فأخبرها بما صنع الله على وجهك، فإنها تعرف لك ذلك.
لقد كان ميسرة مقودا لرسول الله صلى الله عليه وسلم من شدة حبه له وتعلقه به، فقد ألقى الله على محمد المحبة من ميسرة فكأنه عبد له أو خادم يأتمر بأمره، وذلك لما رآه ميسرة من صبوح وجهه، وكريم عنصره، ومرضي أخلاقه صلى الله عليه وسلم.
وتقدم رسول الله صلى الله عليه وسلم حتى دخل مكة في ساعة الظهيرة، وكانت خديجة وقتذاك في علّية لها، فرأته وهو على بعيره، ونظرت بعينيها ملكين يظلان عليه، فأرته نساءها، فعجبن لذلك.
وكان لقاء جليلا لما أن دخل عليها رسول الله صلى الله عليه وسلم، ثم حدثها بما كان من أمر الرحله، وخبرها بما ربحوا من تلك الرحلة، فسرت بذلك سرورا عظيما.
ثم إن غلامها ميسرة دخل عليها وأخبرها بما رأى من دماثة أخلاقه، وكريم عنصره، وحلمه واتزانه وحصافته، وأخبرته هي الآخرى بما رأت، فقال ميسرة:
قد رأيت هذا منذ خرجنا من الشام.
ثم أخبرها ميسرة بما قال الراهب نسطور، كذلك فقد أخبرها بما قاله الرجل الاخر الذي خالفه في البيع، وقد أبدت إعجابها بذلك، ولا سيما بعد أن وجدته قد ربح في تجارتها ضعف ما كانت تربح، ولذلك فقد أضعفت له ما سمت له من الأجر.
نظرا لأن السيدة خديجة بنت خويلد بن أسد بن عبد العزى بن قصي

الصفحة 19