كتاب نتائج الفكر في النحو

متعدية إلى مفعول واحد في اللفظ، كمثل من يقول: إن (سألت) تتعدى إلى غير الآدميين فيقول: اسالت الحائط والدابة، ويحتج بقوله تعالى:
(وَاسْأَلِ الْقَرْيَةَ) وإنما هذا جهل بالمجاز والحذف، وكذلك ما تقدم.
وأما نصب (علمت) و (ظننت) لمفعولين، فليس هما مفعولان في الحقيقة.
وإنما هو المبتدأ والخبر، وهو حديث إما معلوم وإما مظنون، فكان حق الاسم الأول أن يرتفع بالابتداء والثاني بالخبر، ويلغى الفعل؛ لأنه لا تأثير له في الاسم، وإنما التأثير لعرفت المتعلقة بالاسم المفرد تعييناً وتمييزاً، ولكنهم أرادوا تشبث " علمت " بالجملة التي هي الحديث، كيلا يتوهم الانقطاع بين المبتدأ وبين ما قبله.
لأن الابتداء عامل في الاسم وقاطع له مما قبله، وهم إنما يريدون إعلام المخاطب بأن هذا الحديث معلوم، فكان إعمال (علمت) فيه ونصبه له إظهاراً لتشبثها، ولم يكن عملها في أحد الاسمين أولى من الآخر، فعملت فيهما معا.
وكذلك " ظننت "؛ لأنه لا يتحدث بحديث حتى يكون عند المتكلم إما مظنونا وإما معلوما، فإن كان مشكوكاً فيه أو مجهولًا عنده لم يسغ له الحديث، فمن ثم لم يعملوا (شككت) ولا (جهلت) فيما عملت فيه ظننت وعلمت، لأن الشك تردد بين أمرين من غير اعتماد على أحدهما، بخلاف الظن فإنك معتمد فيه على أحد الأمرين، وأما العلم فأنت فيه
قاطع بأحدهما، ومن ثم تعدى الشك بحرف (في) لأنه مستعار من " شككت الحائط بالمسمار ".
* * *
شَكَّ الفَريصَةَ بالمِدْرى. . ..
وشك الحائط إيلاج فيه من غير ميل إلى أحد الجانبين، كما أن الشك في
الحديث تردد فيه من غير ترجيح لأحد الجانبين.
ونظير إعمالهمم " علمت " وأخواتها في المبتدأ والخبر اللذين هما بمعنى
الحديث، إعمالهم " كان " وأخواتها في الجملة، وإنما (كان) أصلها أن ترفع فاعلا

الصفحة 262