كتاب نتائج الفكر في النحو

واحداً نحو: " كان الأمر "، أي: حدث، فلما خلعوا منها معنى الحدث ولم يبق فيها إلا معنى الزمان، ثم أرادوا أن يخبروا بها عن الحدث الذي هو
(زيد قائم) أي: إن زمان هذا الحديث ماض أو مستقبل - أعملوها في الجملة ليظهر تشبثها بها ولا يتوهم انقطاعها عنها، لأن الجملة قائمة بنفسها.
و" كان " كلمة قد يوقف عليها أو تكون خبراً عما قبلها، فكان عملها في الجملة دليلًا على تشبثها بها، وأنها خبرٌ عن
هذا الحديث، ولم تكن لتنصب الاثنين لأن أصلها أن ترفع ما بعدها، ولم تكن لترفعهما معا فلا يظهر عملها، فلذلك رفعت أحدهما ونصبت الآخر.
نعم، ومنهم من يقول: " كان زيد قائم "، فيجعل الحديث هو الفاعل بكان، فيكون معمولها معنوياً لا لفظياً، كأنك قلت كان هذا الحديث.
وإن أضمرت الأمر والشأن ودلت عليه قرينة حال فالمسألة على حالها، لأن الجملة، حينئذ بدل من ذلك المضمر لأنها في معنى الحديث، وذلك الحديث هو الأمر المضمر، فهذا بدل
الشيء من الشيء وهما لعين واحدة.
ونظير هذا المعمول المعنوي الذي هو الحديث، معمول (علمت) و (ظننت)
إذا ألغيت نحو: " زيد ظننت قائم "، كأنك قلت: ظننت هذا الحديث، فلم تعملها لفظا إنما أعملتها معنى.
ومن هذا الباب إعمالهم " إن " وأخواتها، وإنما دخلت لمعان في الجملة
والحديث، إلا أنها كلمات يصح الوقف عليهن، لأن حروفهن ثلاثة فصاعداً، ألا ترى إلى قوله:
ويَقُلْنَ شَيْبٌ قد عَلا ... كَ وقد كَبِرْتَ فقلتُ إنَّهْ

الصفحة 263