كتاب نهاية الوصول في دراية الأصول (اسم الجزء: 5)

وكان هذا وأمثاله شائعًا فيما بين الصحابة -رضي الله عنهم- من غير نكير وكان إجماعًا على إتباع فعله.
وجوابه: من وجهين:
أحدهما: أن هذا الإجماع غير منقول إلينا بالتواتر، وإلا لكان العلم به ضروريًا حاصًلا للموافق والمخالف، بل بالآحاد وحينئذ لم يكن مقطوعًا به فلا يجوز إثبات مثل هذه القاعدة به لما سبق.
وثانيهما: أنا لا نسلم أن الإجماع حصل بمجرد الفعل.
أما الأول: فلما روت عائشة رضي الله عنها "أنه إذا التقى الختانان وجب الغسل" وقولها: "فعلته أنا ورسول الله صلى الله عليه وسلم" تأكيدًا (للقول) بالفعل.
وأما الثاني: فلا نسلم أن الإتباع فيه على سبيل الوجوب وسنده ما سبق.
سلمناه: لكن ليس للفعل بل لقوله: "خذوا عني مناسككم".
وأما المعقول: فمن وجوه:
أحدها: أن فعله يحتمل أن يكون واجبًا عليه وعلينا، ويحتمل أن لا يكون كذلك، وطريقة الاحتياط تقتضي حمله على الوجوب لما فيه من الأمن من العقاب إذ الحكم بالوجوب أفضى إلى الفعل.

الصفحة 2143