كتاب نهاية الوصول في دراية الأصول (اسم الجزء: 5)

وأما المعقول: فهو أن فعله لابد وأن يكون راجح الوجود لئلا يلزم خلاف الظاهر، لأن كون فعله ذنبًا وعبثًا خلاف الظاهر، لو جوزنا الذنب عليه، وحينئذ يحتمل أن يكون واجبًا، ويحتمل أن يكون ندبًا، لكن الحمل على الندب أولى: لوجوه.
أحدها: أن الحمل على الوجوب حرج وضرر، وهو منفي بالنصوص النافية له فالحمل على الندب ليس كذلك، فكان أولى.
وثانيها: أن الرجحان مع عدم جواز الترك يستلزم مخالفة الأصل من وجهين، والرجحان مع جواز الترك يستلزم مخالفة الأصل من وجه، فكان أولى.
وثالثها: أن المندوب أكثر من الواجب، فكان الحمل عليه أولى، إذ الحمل على الأعم الأغلب أولى.
وجوابه: أنا لا نسلم أن فعله لابد وأن يكون راجح الوجود، ولا نسلم أن على تقدير المساواة يلزم العبث، وهذا لأن العبث هو الخالي عن الغرض، والفعل إذا كان في غرض نحو منفعة عاجلة. أو بيان أباحته بفعله، فلا نسلم أنه عبث.
سلمنا: أنه راجح الوجود لكن لم قلتم: أنه حينئذ يكون مندوبًا.
وأما ما ذكرتم من الوجوه الدالة على أن الحمل على الندب أولى، فهي

الصفحة 2150