كتاب نهاية الوصول في دراية الأصول (اسم الجزء: 7)

يحتمل النقيض وليس خبر التواتر في هذا المعنى أقوى منهما فهذا مسلم، لكن لا يلزم من ذلك أن لا يكون ضروريا؛ وهذا فإن سائر العلوم الضرورية مساوية للعلم الحاصل بخبر الله تعالى وخبر رسوله في هذا المعنى، ومع هذا لا يلزم منه نظرية تلك العلوم، أو ضرورته، هذا وإن عنى به غيره فليبينه حتى ننظر هل هو أقوى منهما في ذلك المعنى أم لا؟ وبتقدير أن لا يكون أقوى هل يلزم منه عدم ضرورته أم لا؟

المسألة الرابعة
استدل على أن خبر أهل التواتر صدق: بأن أهل التواتر إذا أخبروا عن شيء، فإما أن يكونوا قد أخبروا به مع علمهم بكونه صدقا، أو مع علمهم بكونه كذبا، أو لا مع علمهم بالصدق ولا بالكذب بل أخبروا به رجما بالغيب، والقسمان الأخيران باطلان فيتعين الأول.
وإنما قلنا: أنه لا يجوز أن يكونوا قد أخبروا به مع علمهم بكونه كذبا، لأنهم حينئذ إما أن يكونوا قصدوا فعل ذلك الكذب لغرض أو لا لغرض، والثاني باطل، أما الأول: فلأن الفعل من غير غرض محال؛ لأنه ترجيح لأحد طرفي الممكن على الآخر من غير مرجح وهو محال.
وأما ثانيا: فلأنه وإن جوز ذلك في الجملة، لكن حصوله من جمع كثير محال عادة بالاتفاق، فإنه وإن جوز صدوره من واحد أو اثنين لكن

الصفحة 2734