وأتباعه / (84/أ) منهم وافقونا في ذلك، وأما الأخباريون منهم مع أن كثرة الشيعة منهم، يعولون في أصولهم على الأخبار المروية بالآحاد عن أئمتهم، فضلا عن الفروع، فلم يبق منكر لهذا العلم الضروري إلا شرذمة قليلة منهم نحو المرتضى وأتباعه، ولا يقدح في الضروريات إنكار الجمع القليل لها، كما في البديهيات والمحسوسات، فإن جحد المخالفين لا يقدح فيها.
سلمنا أنه ليس بضروري، لكنه استدلال قطعي، فإنا وإن لم نقطع بصدق كل واحد من هذه الأخبار، لكن نعلم قطعا أن كلها ليس بكذب، بل نقطع أن فيها ما هو صحيح، وأي واحد منها صح، ثبت جواز عمل بعضهم به، والتقدير حينئذ كما سبق على تقدير صحة الكل.
وعن الثاني: أن كون العمل إنما كان بتلك الأخبار لا بغيرها مصرح به في بعضها، كما في دية الجنين، فإنه قال: "لو لم نسمع هذا لقضينا فيه بغيره".
وكما في دية الأصابع فإنه نقل أنه ترك رأيه لما سمع ما في كتاب عمرو بن حزم، وكما في حديث المخابرة، وفي حديث التقاء الختانين، ومستدل عليه بأمر يختص في بعضها، كما في حديث المغيرة فإن أبا بكر - رضي الله عنه - طلب منه من يشهد له، ولو كان ذلك بناء على دليل يذكر إذ ذاك، لما كان لذلك الطلب معنى، وكما في حديث الاستئذان، وبأمر عام في كلها، وهو: أنه لو كان ذلك بناء على دليل آخر لوجب ظهور ذلك الدليل، فإن الدين والعادة يوجبان ذلك.
أما الدين: فلأن سكوتهم عن ذكر ذلك الدليل عند سماع الخبر والعمل بموجبه يوهم إيهاما ظاهرا بل ظنا ظاهرا أنهم عملوا لأجله، كما هو في المقطوع، ولا شك أن ذلك غير جائز شرعا.
وأما العادة: فلأن الجمع العظيم إذا اشتد اهتمامهم بأمر قد التبس عليهم،